رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة "بوكر" العربية

فازت رواية "قناع بلون السماء" للروائي الفلسطيني باسم خندقجي بالجائزة العالمية للرواية العربية ("بوكر") في دورتها السابعة عشرة في العاصمة الإماراتية أبوظبي اليوم الأحد (28 أبريل/ نيسان 2024).

وجاء إعلان فوز الرواية في حفل نظّمه المشرفون على الجائزة السنوية في أبوظبي.

وكانت قد تأهلت للقائمة القصيرة للجائزة والتي أعلن عنها في فبراير/ شباط الماضي، الرواية المصرية "مقامرة على شرف الليدي ميتسي" للكاتب أحمد المرسي، ومن فلسطين "سماء القدس السابعة" لأسامة العيسى، و"قناع بلون السماء" لخندقجي، ومن السعودية "باهبل: مكة Multiverse 1945-2009" للكاتبة رجاء عالم، ومن سوريا "خاتم سليمى" لريما بالي، ومن المغرب رواية "الفسيفسائي" لعيسى ناصري.

وخندقجي روائي فلسطيني ولد في مدينة نابلس، عام 1983. درس الصحافة والإعلام في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، وكتب القصص القصيرة حتى اعتقاله في العام 2004 حين كان يبلغ من العمر 21 عاماً. وأكمل خندقجي تعليمه الجامعي من داخل السجن عن طريق الانتساب بجامعة القدس حيث كانت رسالته عن الدراسات الإسرائيلية في العلوم السياسية.

واختارت لجنة التحكيم الرواية الفائزة من بين مئة وثلاثة وثلاثين رواية ترشحت للجائزة لهذه الدورة باعتبارها أفضل رواية نُشرت بين تموز/يوليو 2022 وحزيران/يونيو 2023، وتسلمت الجائزة بالإنابة عن الكاتب ناشرة الرواية  صاحبة دار الآداب رنا إدريس.

والقناع في الرواية الفائزة هو إشارة إلى "الهوية الزرقاء" التي يجدها نور، وهو عالم آثار مقيم في مخيم في رام الله، في جيب معطف قديم، صاحبها إسرائيلي، فيرتدي نور هذا القناع، وهكذا تبدأ رحلة الرواية السردية.

وقال رئيس لجنة التحكيم نبيل سليمان عقب الإعلان عن الرواية الفائزة  إنها روايةٌ تغامر في تجريب صيغ سردية جديدة للثلاثية الكبرى: وعي الذات، وعي الآخر، وعي العالم...".

ومنذ اعتقاله في العام 2004، كتب خندقجي مجموعات شعرية، من بينها طقوس المرة الأولى (2010) وأنفاس قصيدة ليلية (2013)، وثلاث روايات: نرجس العزلة (2017)، وخسوف بدر الدين (2019)، وأنفاس امرأة مخذولة (2020).

والجائزة العالمية للرواية العربية مكافأة سنوية تختص بمجال الإبداع الروائي باللغة العربية، وقد أطلقت في أبوظبي عام 2007، وتقوم "هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة" الحكومية بدعمها مالياً.

ومن بين أبرز الفائزين بالجائزة التي انطلقت لأول مرة في أبريل/نيسان 2007 الأردني جلال برجس واللبنانية هدى بركات والفلسطيني إبراهيم نصر الله والعراقي أحمد سعداوي والمصري بهاء طاهر.

خ.س/ص.ش (أ ف ب، رويترز)

واشنطن تنتقد العراق بعد إقرار قانون يجرم العلاقات المثلية

انتقدت وزارة الشؤون الخارجية الأمريكية في بيان اليوم (28 أبريل / نيسان 2024) قانونا عراقيا يجرم العلاقات المثلية. وأقر البرلمان العراقي أمس السبت قانونا يجرم العلاقات المثلية ويعاقبها بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما بحد أقصى، وقال إن تلك الخطوة تهدف إلى الحفاظ على القيم الدينية. لكن ندد بها مدافعون عن حقوق الإنسان باعتبارها أحدث هجوم على مجتمع الميم في العراق.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في منشور على منصة إكس "نشعر بقلق بالغ إزاء إقرار تعديل قانون مكافحة الدعارة والمثلية الجنسية في العراق. هذا التعديل يهدد الفئات الأكثر عرضة للخطر في المجتمع العراقي ويضعف قدرة العراق على تنويع اقتصاده وجذب استثمارات أجنبية".

 بدورها، انتقدت منظمة العفو الدولية في تصريح لوكالة فرانس برس "انتهاك حقوق الإنسان الأساسية"، معتبرة أن التعديلات التي اعتمدت السبت "تشكل خطراً على العراقيين الذين يتعرضون بالفعل للمضايقات يوميا"، في بلد محافظ تمارس فيه أقليات جنسية حياتها خفية.

واعتُمد هذا النص الذي يمثل تعديلاً لقانون مكافحة البغاءلعام 1988، خلال جلسة حضرها 170 نائبا من أصل 329، وفقا لبيان أصدرته الدائرة الإعلامية للبرلمان.

وتنص الأحكام الجديدة على عقوبة السجن لمدة تراوح بين 10 و15 عاما بالنسبة للعلاقات المثلية، فضلا عن تبادل الزوجات، وفقا للنص الذي اطلعت عليه فرانس برس.

كما يحظر القانون "نشاط أي منظمة تروج للبغاء والمثلية الجنسية في العراق"، ويعاقب عليه بالسجن سبع سنوات بتهمة "الترويج" للعلاقات المثلية. ويمنع "تغييرالجنس البيولوجي للشخص بناء على الرغبات والميول الشخصية" تحت طائلة تعريض كل من غيّر جنسه وأي طبيب أجرى العملية لعقوبة السجن لمدة تراوح بين سنة وثلاث سنوات. وتطبّق عقوبة مماثلة على أيّ رجل يمارس التخنّث بشكل مقصود أو يروّج له.

ويرفض المجتمع العراقي المثليّة الجنسيّة، ويتعرّض أفراد مجتمع الميم القلائل بشكل متكرّر لـ"الاختطاف والاغتصاب والتعذيب والاغتيالات" على يد مجموعات مسلّحة تحظى "بإفلات من العقاب"، على ما ذكرت منظّمة هيومن رايتس ووتش في تقرير عام 2022.

واستند العراق إلى قانون العقوبات لعام 1969 لتجريم مجتمع الميم، معتمداً على مادّة تنصّ على "السجن المؤبّد أو لسنوات عدّة بتهمة الشذوذ الجنسي".

وأقرّ النائب رائد المالكي الذي اقترح التعديلات، بأنّ التصويت الذي كان مقررا إجراؤه في منتصف نيسان / أبريل قد أرجئ لتجنّب "التأثير" على زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لواشنطن.

وأشار إلى وجود "رفض من الاتحاد الأوروبي والأميركي لتشريع قانون كهذا"، مؤكداً أنّ القانون "شأن داخلي ولا نقبل أن يكون هناك تدخّل من أيّ جهة". وقال "ثقافة المجتمع (العراقي) ترفض (المثليّة)، لكنّ هناك ترويجا وتعمّدا للترويج لثقافات غير معترف فيها، وبالتالي نحن نتخوّف من المستقبل. هذا القانون يأتي من باب الوقاية، وقاية المجتمع من هكذا أعمال".

ع.ش / ح.ز (رويترز/ أ.ف.ب)

كيف وصل مصريون قُصّر غير مصحوبين بذويهم إلى اليونان؟

تعد اليونان واحدة من أكثر الوجهات تضرراً في أوروبا من وصول القاصرين غير المصحوبين بذويهم والذين يصلون بشكل أساسي إلى البلاد عبر البحر الأبيض المتوسط سواء انطلاقا من ليبيا أو قادمين من تركيا.

تشير تقارير منصة "طريق إلى أوروبا A Path for Europe" إلى أن هؤلاء القصر يأتون من دول آسيوية وإفريقية مثل سوريا وأفغانستان وباكستان والصومال واليمن ومصر.

وبحسب المركز الوطني للتضامن الاجتماعي فإنه بنهاية عام 2021، كان يعيش 2.131 طفلًا غير مصحوبين بذويهم في اليونان، وفي الفترة ما بين يناير/كانون الثاني 2016 وأكتوبر/تشرين الأول 2021، وصل 37.535 قاصرًا غير مصحوبين إلى البلاد.

يتناول التحقيق التالي طرق ومسارات عدد من المراهقين والأطفال المصريين غير المصحوبين بذويهم وكيف وصلوا إلى اليونان وما المخاطر التي يتعرضون لها وذلك من خلال تسجيلات استمع إليها مهاجر نيوز قدمها شاهد عيان يعمل كباحث في  شؤون اللاجئين والمهاجرين القصر  في اليونان والذي أكد ضرورة إخفاء هويته نظراً لما يمكن أن يتعرض له من تهديد من جانب شبكات تهريب البشر.

الانطلاق من مصر

يقول الناشط في العمل الإنساني مع المهاجرين وطالبي اللجوء إن السلطات اليونانية بدأت تلاحظ تصاعد أعداد القصر القادمين من مصر خلال العامين الأخيرين، وتحدث الناشط في حديثه لمهاجرنيوز عن إحدى قرى محافظة أسيوك في صعيد مصر والتي أصبحت تشتهر بسفر أعداد كبيرة من سكانها إلى اليونان حتى الأطفال والقصر. وأشار إلى أن الأمر في البداية كان يقتصر على سفر بعض الصغار مع مرافقين، لكن الأمر تغير وأصبح هؤلاء الصغار يسافرون دون مرافق.

يقول الناشط والذي التقى بعدد من القصر والصغار الذين وصلوا اليونان قادمين من مصر إن الأمر أصبح أشبه   بالنشاط التجاري  للعائلات وإن أعمار الصغار انخفضت حتى وصلت إلى 12 و 13 عاماً .

وأن الأسر تعتبر أن هذا الأمر أشبه بالاستثمار في المستقبل وضمان لدخل يصل إليها من الفرد الذي يصل إلى الاتحاد الأوروبي ويعمل هناك وأن الأسر أصبحت تتنافس فيما بينها على هذا الأمر.

مبالغ ضخمة مقابل رحلات خطيرة

يقول الناشط والباحث في  مجال الهجرة  لمهاجر نيوز إن الأمر يشبه التشكيل العصابي ويحاط بتكتم وسرية شديدين للغاية. ويضيف أن المبلغ الذي تدفعه الأسرة للطفل الواحد يتراوح بين 10 الآف و 15 ألف دولار بحسب ما أخبره أحد ذوي الأطفال في مصر، وأن تجار البشر لا يقبلون إلا بالدولار فقط وبالدفع نقداً.

ويشير المصدر إلى أن إرسال الأموال إلى التاجر الأكبر يتم على عدة مراحل من خلال وسيط معروف للطرفين ويتلقى في المقابل نسبة مقابل توصيل المال الذي يدفع جزء منه قبل انطلاق الطفل أو القاصر من مصر والجزء الاخر قبل انطلاق القارب أو الطائرة التي تقل الطفل إلى تركيا وأن الأمر كله قائم على الثقة بين الأسر والوسيط وتاجر البشر والذي غالباً ما قام بالمساعدة في سفر أفراد من الأسرة في وقت سابق.

الطريق إلى تركيا ومنها إلى اليونان 

بحسب وزارة الداخلية المصرية فإن الصغار تحت سن 12 عام لا يحصلون على تصريح أمني للسفر إلى تركيا. وفقاً لذلك يقول الناشط لمهاجر نيوز أن بعض الأسر تفضل أن يسافر الصغير برفقة أحد الأقارب إلى تركيا أو قد يسافر بمفرده خاصة وأن الخطوط التركية توفر خدمة سفر القصر غير المصحوبين بذويهم، بمعنى أنها تعتني بالطفل منذ صعود الطائرة والتعامل مع حقائبه وختم جواز سفره وحتى الخروج من المطار وتسليمه إلى شخص ينتظره .

يشير المصدر إلى أن وصول هؤلاء القصر إلى اليونان يتم عن طريق عبور بحر إيجه في قارب وهي وإن كانت رحلة خطيرة إلا أنها أقل خطورة بكثير من قطع البحر الأبيض المتوسط. وترسو القوارب في عدة مدن يونانية على الجزر المنتشرة في البحر مثل رودس أو إيوس او ساموس أو ميتيليني.

طريق البحر الأبيض .. الأكثر خطورة

يتمثل المسار الآخر للوصول إلى اليونان في الانطلاق من ليبيا من خلال عبور   المهاجرين  البحر الأبيض المتوسط وذلك عبر السفر إلى ليبيا من خلال منفذ السلوم - إذا كان المهاجر قادماً من مصر - ومنها يصعد إلى قارب يعبر البحر الأبيض ويصل إلى إحدى الجزر اليونانية أيضاً.

وبحسب تحقيقات صحفية سابقة فإن المهاجرين كباراً وصغاراً يتم احتجازهم من خلال مهربي البشر في معسكرات مؤقتة انتظاراً لظهور القارب الذي سيقوم بنقلهم عبر البحر. حول هذا الأمر يقول المصدر لمهاجر نيوز إنه غالباً ما تكون هذه القوارب سيئة للغاية ولا تعمل إلا بمحرك واحد قديم وتحمل أعداداً كبيرة وهو ما حدث في كارثة غرق قارب المهاجرين في يونيو/حزيران من عام 2023 وهذا النوع من القوارب لا يوجد به أي وسائل اتصالات أو أجهزة تحديد مواقع .

يؤكد المصدر لمهاجر نيوز أن كل حركات القوارب في البحر الأبيض المتوسط مرصودة لسلطات الدول وحرس الحدود خاصة إذا كان هذا الجسم يزن أكثر من 5700 كيلوجراماً حيث يسبب مثل هذا الوزن في البحر توتراً بدرجة معينة للأمواج من حوله تلتقطه أجهزة الاستشعار في سفن الإنقاذ والمراقبة وغيرها، ولذلك يحرص تجار البشر بقدر الإمكان على أن تكون القوارب صغيرة وتخلو من وسائل الاتصال ليصبح من الصعب اكتشافها قبل وصولها إلى السواحل اليونانية.

عملية إنقاذ قامت بها منظمة SOS Humanity لحوالي 60 شخصًا من وسط البحر الأبيض المتوسط كانوا على متن قارب انطلق من ليبيا مساء يوم 22 أغسطس 2023 ومعهم قصر غير مصحوبين بذويهم
عملية إنقاذ قامت بها منظمة SOS Humanity لحوالي 60 شخصًا من وسط البحر الأبيض المتوسط كانوا على متن قارب انطلق من ليبيا مساء يوم 22 أغسطس 2023 ومعهم قصر غير مصحوبين بذويهمnull Danilo Campailla/SOS Humanity

الوصول إلى اليونان

يؤكد الناشط في مجال الهجرة واللجوء لمهاجر نيوز أن معظم الأشخاص يفضلون الوصول الى مناطق بعيدة عن معسكرات  احتجاز اللاجئين  في اليونان خلال الليل ثم السفر إلى العاصمة أثينا، لأنه إذا ما تم القبض على الشخص فسيتم إيداعه في معسكرات احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء.

وأكد أن هذه الأماكن وغير صحية ولا يوجد بها أي نوع من الرعاية الصحية أو النفسية. وأكد أن هذا الأمر يبدو مقصوداً حتى لا يتشجع آخرون على القدوم إلى اليونان. وأكد أنه "إن كانت الحياة في مصر قاسية فإن المعيشة في هذه المعسكرات أصعب بشكل قد لا يتخيله أحد".

حياة قاسية

إذا ما أفلت المهاجر أو القاصر من كل الظروف الصعبة السابقة فإن التحدي الأكبر بالنسبة له يتمثل في العمل وتوفير المال. يقول المصدر لمهاجر نيوز إن  هؤلاء الصغار  يأتون إلى مدن كبيرة مثل أثينا أو سالونيكي وغيرها وهم بلا أي خبرة في الحياة وليس لديهم أي لغة أجنبية ولا يستطعيون حتى التعبير عما يريدون بلغة عربية واضحة وأنه إن لم يكن هناك من يحتضن هؤلاء الصغار من معارفهم في اليونان -وهو أمر صعب نظراً للأزمة الاقتصادية في اليونان - فإنهم يكونون عرضة لمزيد من المخاطر.

وفق القوانين اليونانية فإن الطريقة الوحيدة أمام الشخص الذي يصل اليونان للعثور على عمل حتى وإن كانت وظائف بسيطة هي أن يتقدم بطلب لجوء ليحصل على أوراق رسمية، أما غير ذلك فمن شبه المستحيل أن يحصل الشخص على عمل خاصة وأن السلطات اليونانية شددت غرامات توظيف أي أشخاص ليس لديهم أوراق رسمية ولا رقم تأمين اجتماعي صادر منها وقد تصل الغرامات إلى 10 آلاف يورو.

ويشير الناشط إلى أن الحكومة اليونانية تحاول حصر أعداد الوافدين إليها بشكل غير قانوني وعمل ملفات لدراسة حالاتهم بهدف إحكام السيطرة على الأمر، خاصة وأنه وفق المصادر الحكومية اليونانية فإن هناك 2000 شخص يدخلون البلاد بشكل غير قانوني يومياً. وأكد المصدر لمهاجر نيوز أنه حتى وإن جازف صاحب العمل بتوظيف مثل هؤلاء الصغار ففي وقت ما قد يحتاج هذا الصغير إلى الذهاب لطبيب أو دحول مستشفى وهنا تصبح المشكلة أكثر تعقيداً.

لماذا يجازف الأهالي بسفر أبنائهم؟

يقول الباحث والناشط في مجال الهجرة لمهاجر نيوز إن الإحصائيات اليونانية تشير الى تصاعد في أعداد القصر  الذين يصلون إليها خلال العامين الأخيرين وأن هناك زيادة ملحوظة في عدد القادمين من مصر وأن السبب في ذلك بشكل رئيسي هو تطبيقي تيك توك وانستغرام.

يقول المصدر إن عدداً متزايداً من الصغار والمراهقين يقومون بإنتاج فيديوهات يتحدثون فيها عن جودة الحياة في أوروبا وفي اليونان وكيف يأكلون ويرتدون الملابس ويصورون الشوارع والطرقات فيحققون بعض المكاسب من مشاهدة الفيديوهات كما أنهم يثيرون غيرة العائلات الأخرى التي ترى أبناء العائلات التي يعرفونها وهم يعيشون في الخارج، ما يخلق نوعاً من المنافسة السيئة رغم أن هؤلاء الصغار يعيشون على الكفاف تقريباً.

وأضاف أن عدداً متزايداً من هؤلاء الصغار يأتون في ذهنهم حلم الثراء وجمع الأموال كما أنهم يتم تلقينهم القواعد والقوانين في اليونان من خلال شبكات تهريب البشر ومنها أنهم يمكنهم عمل ما يشاءون دون أن تتمكن السلطات من ترحيلهم نظراً "لحداثة" أعمارهم وهو ما قاله أحد الصغار الذي قبضت عليهم الشرطة بسبب قيامهم بمشاغبات في أحد محطات المترو.

عائلات تونسية تنتظر معرفة مصير أبنائها المهاجرين المفقودين

وتابع أن هؤلاء الصغار يتناقلون الخبرات بينهم أيضاً ومن خلال مشاهدة فيديوهات من سبقوهم إلى اليونان وفرنسا وإيطاليا بل وحتى إرشادهم لكيفية عمل ممارسات سيئة دون أن تتمكن السلطات من القبض عليهم.

وبحسب موقع وزارة الهجرة، تخصص السلطات اليونانية أماكن إقامة للصغار والقصر تتمتع بشكل أكبر بخدمات جيدة كما يفترض أن يلتزم هؤلاء الصغار بحضور فصول دراسية لتعلم اللغة اليونانية ودراسة مواد أخرى.

وتشدد السلطات اليونانية وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي  أن أهم ما يجب على القصر - وحتى البالغين - عمله هو تعلم اللغة والانتظام في تلقي الدروس الخاصة بها وبعملية الاندماج في المجتمع وهو ما أكد عليه هادي محبي من مشروع الإرشاد للأمانة الخاصة لحماية القاصرين غير المصحوبين بذويهم قائلا في تغريدة نشرها حساب اليونيسيف في اليونان على موقع إكس: "كان التعليم هو مفتاح اندماجي في البلاد وبدأت في تعلم اللغة اليونانية عندما شعرت بالأمان والقبول."

يقول الناشط لمهاجر نيوز إن الصغار الذين التقاهم داوموا على الهرب من هذه الأماكن عدة مرات ورفضوا حضور دورات تعلم اللغة وكل ما يدور في خيالهم ان يحصلوا على عمل وعلى أموال وأن يمارسوا حياة الكبار دون أن يفهموا حقيقة وضعهم الصعب.

وبحسب ما نشر في الصحافة اليونانية، فقد مارس نواب في البرلمان ومنظمات حقوقية حتى عام 2017 ضغوطاً كبيرة على الحكومة حتى لا تتم استضافة هؤلاء الصغار في معسكرات اللاجئين والتي إن دخلوها - بحسب ما قال المصدر لمهاجر نيوز - فلن يخرجوا منها إلا مع بلوغ السن القانوني وتقديم طلب لجوء لتضيع أعمارهم بلا فائدة. لكن الأماكن المخصصة لهم خارج تلك المعسكرات تتيح لهم حياة أفضل بكثير إلى جانب التعليم.

وبحسب نشطاء في المجتمع المدني اليوناني فإن مشروع استضافة هؤلاء الصغار خارج معسكرات اللاجئين تم تخصيص أموال له من جانب الدولة إلى جانب دعم من الاتحاد الأوروبي لكن هناك جهات داخلية ترى أنه يمثل ضغطاً كبيراً على موازنة الدولة ذات الاقتصاد المأزوم من الأصل وتجري محاولات متعددة لإلغائه وإعادة هؤلاء القصر إلى معسكرات اللاجئين.

يقول المصدر الذي تعامل بشكل مباشر عدة مرات مع الصغار غير المصحوبين بذويهم والمراهقين إنه لمس من الحديث معهم يأس كامل من تحسن الأحوال في بلادهم وهم بالفعل يرغبون في تغيير وضعهم ويضيف أن هذا التمرد على الواقع ومحاولة تغييره أمر إيجابي لكن المشكلة أنهم في سبيل تغيير ذلك الواقع انتهجوا طريقاً خاطئاً وشديد الخطورة ربما ينتهي بهم إلى كوارث حقيقية خاصة وأنهم بلا أي خبرة حياتية ولا حتى يجيدون التواصل مع من حولهم.

وأكد المصدر لمهاجر نيوز أن هؤلاء الصغار من الحديث الذي دار بينهم وبين الشرطة من خلال مترجم بدا وأنهم على علم تام بحقوقهم والمدى الذي يمكن أن تذهب إليه الشرطة في تعاملها معهم وأنهم لن يتم  ترحيلهم وسيتم الإفراج عنهم كان تعاملهم في غاية الصلف والغرور رغم صغر سنهم.

لا توجد إحصائيات موثوقة حول عدد الأطفال القصر الذين يعبرون البحر
لا توجد إحصائيات موثوقة حول عدد الأطفال القصر الذين يعبرون البحرnull Idro Seferi II/DW

واستمع مهاجر نيوز إلى تسجيل مع أحد أقارب قاصر سافر من مصر تحدث معه المصدر. وأكد الرجل الذي قال إنه خال الطفل - الذي ألقي القبض عليه مع آخرين بسبب مشاغباتهم في أحد محطات المترو - إن الطفل لا يمكن إعادته إلى مصر لأنه عائلته أنفقت نحو 300 ألف جنيه مصرى ليتمكن من السفر وأن العائلة كانت سترسل معه طفل آخر لا يتجاوز عمره الثمانية أعوام لكن نقص المال وصغر عمر الطفل جعلها تؤجل قرار سفره.

إحصائيات مثيرة للقلق

وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن السلطات اليونانية في مارس 2023، تستضيف اليونان حاليًا ما مجموعه 2219 قاصرًا: 83% من الأولاد و17% من الفتيات، يقيمون في أنواع مختلفة من مرافق الإقامة في البلاد. وبشكل عام، تتمتع اليونان بسعة إجمالية تبلغ 2275 مكانًا في مراكز الإقامة طويلة الأجل (الملاجئ والشقق) و240 مكانًا إضافيًا متاحًا في مرافق الطوارئ.

وبحسب دراسة بحثية نشرت في مجلة العلوم الاجتماعية في عام 2021 فإن ظاهرة وصول القصر غير المصحوبين بذويهم إلى اليونان تشكل جرس إنذار لمشكلة متفاقمة وتثير قلق السلطات بشدة.

ففي الفترة بين يناير وديسمبر 2019، ووفقًا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وصل 33200 طفل إلى اليونان وإيطاليا وإسبانيا وبلغاريا وقبرص ومالطا. ومن بينهم، كان 9.000 (27%) من الأطفال غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم .

وأعلن الاتحاد الأوروبي أن عدد الأطفال غير المصحوبين الذين تقدموا بطلبات للحصول على  اللجوء في الاتحاد الأوروبي  من 2021 إلى 2022 قفز بنسبة 72%. ويعود هذا الاتجاه إلى الزيادة الحادة في عدد اللاجئين القادمين من أفغانستان، وفقا لمكتب الإحصاءات التابع للاتحاد الأوروبي يوروستات.

وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن السلطات اليونانية في مارس/آذار 2023، تستضيف اليونان حاليًا ما مجموعه 2,219 قاصرًا: 83% من الأولاد و17% من الفتيات، يقيمون في أنواع مختلفة من مرافق الإقامة في البلاد. بشكل عام، تتمتع اليونان بسعة إجمالية تبلغ 2275 مكانًا في مراكز الإقامة طويلة الأجل (الملاجئ والشقق) و240 مكانًا إضافيًا متاحًا في مرافق الطوارئ.

ظلت الأرقام مستقرة إلى حد ما منذ سبتمبر/أيلول 2021 – في علامة على أن التدفق المستمر لطالبي اللجوء الذين يصلون إلى البلاد يجعل من الصعب على اليونان خفض العدد لأن عملية نقل الأطفال إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بطيئة.

مهاجر نيوز 2024 

عماد حسن 

وابل من الانتقادات بعد تبني قانون الترحيل إلى رواندا

ينتظر 138 ألف طالب لجوء الرد الأولي على طلباتهم في المملكة المتحدة التي يعاني نظام اللجوء فيها من ضغوط منذ سنوات، والتي تعمل حكومة المحافظين فيها على زيادة الإجراءات لمحاولة الحد من وفود المهاجرين غير الشرعيين خصوصا عبر المانش..

ويتيح قانون، لاقى استنكارا من دول عدة ومن الأمم المتحدة ودخل حيز التنفيذ في تموز/يوليو الماضي، حظر تقديم طلبات اللجوء للمهاجرين الواصلين بشكل غير نظامي إلى الأراضي البريطانية. ويأتي القانون الذي تم التصويت عليه في البرلمان ليلة الاثنين إلى الثلاثاء 23 نيسان/أبريل ليكمل ذلك القانون بإتاحة طرد المهاجرين  إلى بلدهم الأصلي أو إلى بلدان ثالثة آمنة مثل رواندا. 

وفي عام 2023 وحده، سجلت المملكة المتحدة 67337 طلب لجوء، تخص أكثر من 84000 شخص (قد يتعلق الطلب الواحد بعدة أشخاص في الوقت نفسه). وبين يوليو/تموز 2022 ويونيو/حزيران 2023، كان 41% من الطلبات لمهاجرين وصلوا عبور القناة الإنكليزية على متن قوارب صغيرة.

وتصر الحكومة البريطانية على تطبيق سياستها المتشددة تجاه المهاجرين، وأحرزت ليلة الاثنين إلى الثلاثاء نصرا لتطبيق قرار يتيح ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، والذي وصفه ريشي سوناك بتشريع "تاريخي"، يبث رسالة مفادها "أنه إذا أتيت إلى هنا (بريطانيا) بشكل غير قانوني، فلن تتمكن من البقاء".

وفي حال تطبيق هذا القانون وترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، لن يتمكن هؤلاء المرحلين من العودة إلى المملكة المتحدة، حتى لو حصلوا على حق اللجوء في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا.

توالت ردود الفعل بعد الإعلان عن هذا القرار، وسط استمرار مخاوف المنظمات الدولية بأن الترحيل إلى دولة ثالثة يخالف القوانين الدولية المتعلقة بتأمين الحماية للاجئين.

خطة بريطانيا لترحيل مهاجرين الى روندا غير دستورية ومكلفة

في المملكة المتحدة، يعيش  المهاجرون  في حالة من عدم اليقين مما إذا سيكونون على قائمة المرحلين إلى رواندا، وسيطر الخوف على طالبي اللجوء المقيمين على متن بارجة "بيبي ستوكهولم" جنوب البلاد، حسبما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية.

صرخ شاب يدعى مارتن من جنوب أفريقيا مستنكرا "أفضّل الموت على الذهاب إلى رواندا"، فيما قال شاب سوداني يبلغ من العمر 23 عاماً، "رواندا ليست جيدة وليست آمنة".

الشاب الذي عبر بحر المانش من فرنسا إلى المملكة المتحدة منذ حوالي عام، يعرب عن مخاوف تهدد حياته في حال ترحّل إلى رواندا، فهو يخشى من أن يرحّل من هناك إلى السودان بعدما كان فر من النزاع الدامي في دارفور، وترك عائلته في ظروف سيئة في مخيمات اللاجئين في التشاد.

يقول مارتن إنه لم يحصل حتى الآن على أية وثيقة من وزارة الداخلية، "لا أعرف ما إذا كان سيتم ترحيلي إلى رواندا. (...) لكنني أعلم أن ذلك قد يحدث. أنا خائف".

دعوة إلى توفير طرق آمنة

الحكومة البريطانية  كانت وقعت على هذه الاتفاقية مع كيغالي في نيسان/أبريل من العام 2022، ولم تخف نيتها من أن هذه الخطة تهدف إلى ردع محاولات المهاجرين من عبور بحر المانش.

زعيم حزب المحافظين ريشي سوناك، يأمل بتنفيذ وعوده الرامية بوقف  تدفق المهاجرين، لا سيما مع اقتراب الانتخابات العامة المزمع عقدها في الخريف المقبل على الأرجح، ويحاول كسب أصوات الناخبين بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تراجع حزبه بـ20 نقطة أمام حزب العمال.

لكن الكثير من الشكوك تحيط هذا الهدف المعلن. وتقول جمعية "كير فور كاليه" في تغريدة على منصة "إكس"، إن "الطريقة الوحيدة لوقف عبور القناة وإنقاذ الأرواح هي توفير طرق آمنة للاجئين  لطلب اللجوء في المملكة المتحدة".

وتؤكد جمعية "ريفوجي أكشن" أنه "لا يوجد دليل على أن هذه الخطة سوف تمنع الناس من البحث عن الأمان في المملكة المتحدة. يجب أن نحضرهم إلى هنا بأمان"، بدلا من نقلهم إلى رواندا.

ماذا يفترض بنا أن نفعل الآن؟ إلى أين يمكننا أن نذهب؟

في مخيم لون بلاج شمال فرنسا، يسيطر الخوف على المهاجرين، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الشاب الكردي السوري إبراهيم قوله إنه إذا كان مهددا بالفعل من الترحيل إلى رواندا، قد يعدل عن رأيه، مبررا ذلك بأنه "لا نعرف حتى ما إذا كانت رواندا بلدا آمنا، هناك الكثير من المشاكل".

لكنه يؤكد أنه "لا يمكن البقاء هنا" في المخيم الذي وصل إليه قبل ثلاثة أيام، وهو يشعر بالفعل بنقص الماء والغذاء. "لذا، إذا علمت أن هناك أمل (في عدم إرسالي إلى رواندا)، سأذهب إلى إنجلترا".

" الجميع مصدوم هنا"، حسب تعبير شاب أفغاني يبلغ من العمر 20 عاما وغادر بلاده بعدما سيطرت عليها حركة طالبان في صيف العام 2021.

يقول إنه سمع عن  خطة رواندا، "لكنني لم آخذ الأمر على محمل الجد. اعتقدت أن الإنسانية مهمة بالنسبة لهؤلاء الناس". ويكمل بإحباط "ماذا يفترض بنا أن نفعل الآن؟ إلى أين يمكننا أن نذهب؟"

 سابقة خطيرة في العالم

دعت الأمم المتحدة بريطانيا إلى إعادة النظر في خطّتها التي من شأنها أن تهدّد سيادة القانون وتشكّل "سابقة خطرة في العالم". وتعتقد مفوضية اللاجئين، في بيان، أن القانون يحمل "مخاطر شديدة على سلامة اللاجئين".

وحضّ المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك والمفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، حكومة بريطانيا على "اتخاذ إجراءات عملية لمواجهة التدفقات غير النظامية  للاجئين والمهاجرين، تقوم على التعاون الدولي واحترام القانون الإنساني الدولي".

وطالب مفوض حقوق الإنسان في مجلس أوروبا مايكل أوفلارتي بـ"الامتناع عن الترحيل بموجب خطّة رواندا والعدول عن انتهاك استقلال القضاء الذي يشكّله مشروع القانون هذا".

وصمة عار على السمعة الأخلاقية

أما في الداخل البريطاني، كرّر زعماء الكنائس المسيحية في بيان مشترك "مخاوفهم العميقة" بشأن السابقة التي يرسيها هذا النص، في ما يتعلق بمعاملة "الفئات الأكثر ضعفاً".

وعلى مستوى المعارضة، انتقد زعيم حزب العمال كير ستارمر المرشح الأوفر حظاً ليكون رئيس الوزراء المقبل، "أداة... حتماً تكلّف ثروة".

إذ تفيد آخر التقديرات الوطنية بأنّ ترحيل كل شخص سيكلف الحكومة حوالي مليونين وثلاثمئة ألف يورو.

ويؤكد سوناك أن الحكومة جهزت مطارا وحجزت طائرات تجارية مستأجرة للرحلة الأولى. وأن حكومته "مستعدة" لترحيل طالبي اللجوء  إلى رواندا خلال الصيف.

لكن محققون خاصون في الأمم المتحدة أشاروا إلى أن شركات الطيران التي قد تشارك في عمليات الترحيل، "قد تكون متواطئة في خرق حقوق الإنسان التي يحميها القانون الدولي".

واعتبرت منظمة "العفو الدولية"، في بيان، أنّ هذا المشروع "عار وطني"، مضيفة أنّه "سيترك وصمة عار على السمعة الأخلاقية لهذا البلد".

وعلى الرغم من انخفاض أعداد عمليات العبور في المانش بشكل حاد في عام 2023، مع وصول ما يقرب من 30 ألف مهاجر إلى المملكة المتحدة مقارنة بـ45 ألفا في عام 2022، فإن الأرقام تظهر زيادة واضحة منذ بداية العام الجاري.

وأعلنت وزارة الداخلية البريطانية أن 5,373 مهاجرا وصلوا إلى سواحل جنوب شرق المملكة المتحدة في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، بعدما عبروا المانش على متن قوارب صغيرة.

مهاجر نيوز 2024 

وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الفنية

أعلنت عائلة المخرج الألماني ميشائيل فيرهوفن في ميونيخ اليوم الجمعة (26 أبريل/ نيسان 2026) وفاته عن عمر يناهز 85 عاما بعد إصابته بحالة مرضية خطيرة وقصيرة،. وكانت وفاة فيرهوفن، وهو زوج الممثلة الشهيرة سينتا بيرغر، يوم الاثنين الماضي. وقال ابنه المخرج والكاتب السينمائي سايمون فيرهوفن: "فقدنا عالماً بأكمله. إنه أمر مؤلم بصورة يصعب تخيلها".

وتعامل ميشائيل فيرهوفن بشكل مكثف مع الماضي النازي لألمانيا في أعماله، وهو معروف على المستوى الدولي بإخراج فيلم "الوردة البيضاء" (Die Weiße Rose)، من إنتاج 1982، الذي كان أفضل فيلم ألماني في ذلك العام. ويصور الفيلم مجموعة حقيقية مقاومة مناهضة للنازية في ميونيخ، تضمنت صوفي شول وشقيقها هانز شول. 

وهو أيضاً مخرج الفيلم الساخر "الفتاة الرهيبة" (Das schreckliche Mädchen) من إنتاج 1990، والذي يدور حول محاولات التستر على جرائم النازية، وتم ترشيح ذلك الفيلم لجائزة الأوسكار. وأعقب ذلك الفيلم اضطرابات شهدتها بلدة صغيرة غربي ألمانيا بعد بدء مشروع بحثي لامرأة محلية في كشف التورط المخزي لمعظم العائلات البارزة في البلدة في النظام النازي.

وكتب الرئيس شتاينماير إلى أرملته سينتا بيرغر: "لقد كان شخصًا تنويريًا وإنسانيًا قدم مساهمات بارزة في ثقافة الذكرى في بلدنا".

كما أعرب المستشار شولتس عن "تعازيه لزوجة فيرهوفن وعائلته ورفاقه الكثيرين". وكتب شولتس على منصة إكس: "بالنسبة له، كان الفيلم (موضوعا) سياسياً. لقد أوضح في أفلامه ما يمثله. وبموت ميشائيل فيرهوفن فقدت السينما الألمانية أحد عظماءها".

ووصفت وزيرة الدولة للثقافة كلاوديا روت المخرج الراحل في بيان بأنه أحد "المخرجين الأكثر استحقاقاً (للتقدير)، والذي تعد أعماله من بين الأعمال الأكثر أهمية والتزاما سياسيا في تاريخ ألمانيا بعد الحرب".

وقال وزير الإعلام في ولاية بافاريا، فلوريان هيرمان إن "فيرهوفن كان مستقلاً ونقدياً ومتشدداً من الناحية الفنية كمخرج" وأضاف أن "موقفه الواضح ضد الاشتراكية القومية (النازية) أصبح مع الأسف أكثر أهمية اليوم من أي وقت مضى".

المخرج ميشائيل فيرهوفن مع زوجته الممثلة سينتا برغر.  صورة من الأرشيف
عاش المخرج ميشائيل فيرهوفن مع زوجته الممثلة سينتا برغر لمدة 57 عاما حتى وفاته.null Sven Simon/picture-alliance

ولد فيرهوفن في 13 يوليو/ تموز 1938 في برلين، وهو ابن الممثلة دوريس كيسوف والمخرج والممثل باول فيرهوفن. وانتقلت العائلة لاحقاً إلى ميونيخ. واكتسب تجربته الأولى كممثل في مسرحيات صغيرة. وعاش فيرهوفن مؤخرًا مع زوجته في ضاحية غرونفالد بميونيخ وبقي سوياً لمدة 57 عاما حتى وفاته.

ص.ش/ع.ح (د ب أ)

"رص" - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب

في أواخر أيلول / سبتمبر 2021 هوت سيارة في جبال خودان الشاهقةوعليها 25 شخص - كانوا في طريقهم لحضور عزاء- لكن وعورة الطريق الجبيلة جعلت منهم عزاء أيضا، ما دفع أبناء المنطقة لإطلاق مبادرة "رص" لرصف الطريق التي تصل بين منطقتي خودان ويريم في محافظة ذمار وسط اليمن.

وقد شهد اليمن مبادرات عديد ناجحة في شق ورصف الطرق والوصل بين القرى المترامية على القمم الجبلية الشاهقة، فقد نجح الصراع في إيقاف عجلة التنمية منذ أول شرارة للحرب ومثل حافزا دفع بالشباب للمبادرة والتكاتف في إنجاز مشاريع كان ينبغي في الواقع على الدولة الغائبة تنفيذها.

 

عَقَبَة الحياضي أثناء العمل برصف الطريق.  "رص" - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب.
عَقَبَة الحياضي أثناء العمل برصف الطريق. 55 كيلومترا هي مسافة الطريق الكُليّة التي استهدفتها مبادرة "رص" لرصف طريق جبلية وما زالت قيد التنفيذ.null Muhammad Hussein Al-Qahtani

 

هل تُرصَف الطريق رغم الظروف القاسية وكم من الوقت سيطول ذلك؟

55 كم هي مسافة الطريق التي استهدفتها مبادرة "رص" لرصف طريق جبلية تصل بين يريم وخودان أُنجز منها عدد من المراحل وتُغلِّب فيها على بعض العقبات.

وما زالت في قيد التنفيذ وتستهدف الطريق إفادة أكثر من 20 ألف مواطن يقطنون تلك الجبال المعلقة في محافظة ذمار وسط اليمن.

محمد حسين القحطاني رئيس المبادرة يقول لـ DW عربية: "ما زلنا في المرحلة الثانية من المشروع ونواجه مشاكل عديدة في وعورة الجبال الشديدة والاحتياج الدائم للدعم نظرا لظروف الناس الصعبة هناك".

 

المتطوع العامل إسماعيل حلمة وهي يعمل في طريق عقبة الذبة.  "رص" - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب.
المتطوع العامل إسماعيل حلمة وهي يعمل في طريق عقبة الذبة. null Muhammad Hussein Al-Qahtani

 

ويضيف: "ومنذ بداية المشرع قبل ثلاث سنوات أنجزنا القليل ومازالت توجد مراحل أخرى وبسبب وعورة الطريق يصعب علينا نقل المواد ما يؤخر الإنجاز".

يشار إلى أنه ثمة مشاريع طرق عديدة رُصِفَت بمبادرات أهلية في ذمار وشُقَّتْ مجموعة طرق تربط بين عدة قرى.

 

‏في الصورة متطوعون يعملون في بناء طريق عَقَبة الذبة-الحياضي في عُزلة خودان. "رص" - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب.
‏في الصورة متطوعون يعملون في بناء طريق عَقَبة الذبة-الحياضي في عُزلة خودان. يقول القائمون على شق الطريق إنهم منذ بداية مشروع شق الطريق قبل ثلاث سنوات أنجزوا القليل ومازالت توجد مراحل أخرى.null Muhammad Hussein Al-Qahtani


بدأت مبادرة "رص" بتشكيل لجنة من شباب المنطقة أجروا دراسة جدوى للرصف الطريق ونشرتها هذه الدراسة بين وجهاء وأعيان المنطقة لتوفير الدعم الكافي من خلال هذه المبادرة التي يعمل عليها بعض خمسة شبان فقط استطاعوا جمع 1400 دولار، وأنجزوا المرحلة الأولى وهم بحاجة قرابة 6000 دولار لإنجاز بقية المراحل.

كما أوضح القحطاني أن "التعاون الكبير الذي أبداه أبناء المنطقة، سواء بالتبرع أو بالمشاركة في إنجاز العمل كانت حافزا للاستمرار ولإكمال الشريان الوحيد الذي سيصل بين تلك القرى.

 

متطوع من عائلة حلمة أحد العاملين في مبادرة رصف الطريق.  "رص" - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب.
متطوع من عائلة حلمة أحد العاملين في مبادرة رصف الطريق. "بسبب وعورة الطريق يصعب علينا نقل المواد ما يؤخر الإنجاز" - كما يقول القائمون على شق الطريق.null Muhammad Hussein Al-Qahtani

 

"قد نتوقف عن رصف الطريق بسبب شحة الإمكانات"

منذ عام 2019 وبداية عمل المبادرة ذللت الصعاب التي كانت تواجه المركبات العابرة في تلك الشواهق الجبلية حيث بدأت بالعمل بالأماكن الشديدة الخطورة وتطويعها للمركبات.

يقول القحطاني لدويتشه فيله: "منذ بداية مبادرة إصلاح الطريق من يريم إلى عزلتنا خودان هناك مواقع كانت شديدة الخطورة مثل نقيل يسمى غول الطلح كان السفر فيه مرعبا جدا لكن اليوم هو أسهل المواقع التي نمر فيها بلا خوف".

 

المتطوع حسين حلمة وهو ينقل الرمل بسيارته ومن سيارته. "رص" - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب
المتطوع حسين حلمة وهو ينقل الرمل بسيارته ومن سيارته.null Muhammad Hussein Al-Qahtani

 

ويضيف: "نحن نواجه المستحيل و لا تزال توجد -على امتداد جغرافيا العزلة وفي أماكن مختلفة- عقبات شديدة الخطورة، يعني لا يزال أمامنا مشوار طويل لكي نتخلص من مشقات السفر".

ويواصل كلامه قائلاً: "العقبة التي نعمل على رصها بحاجة ماسة وضرورية للمساعدة في الاستمرارية وقد نتوقف نظرا لشحة الإمكانات وظروف الناس القاسية جدا".

 

بداية العمل في طريق عقبة الذبة. "رص" - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب.
بداية العمل في طريق عقبة الذبة. يقول محمد حسين القحطاني رئيس المبادرة: "نواجه مشاكل عديدة في وعورة الجبال الشديدة والاحتياج الدائم للدعم نظرا لظروف الناس الصعبة هناك".null Muhammad Hussein Al-Qahtani

 

تلاحم شعب يحاول التغلب على أزماته بنفسه عبر مبادرات مجتمعية

من جانبه أكد مدير المبادرات بمحافظة  ذمار محمد الخطري على أهمية الدعم وتفاعل المجتمع المدني في إنجاح مشاريع المبادرات.

وأوضح -لوسائل إعلام محلية- أن مشاريع المبادرات المجتمعية تشمل للمرحلة الأولى 161 مبادرة منها 142 في مجال الطرق "رصف - شق - مسح".

 

العامل المتطوع عمار راجح وهو يعمل في طريق عقبة الذبة. "رص" - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب.
العامل المتطوع عمار راجح وهو يعمل في طريق عقبة الذبة.null Muhammad Hussein Al-Qahtani

 

 وتتوزع على مديريات وصاب العالي ووصاب السافل وعتمة، والمنار وعنس وميفعة عنس ومغرب عنس والحداء وضوران ومدينة ذمار. وتوجد 19 مبادرة في مجالي المياه والتعليم تتوزع على مديريات عتمة ومغرب عنس والحداء.

وخلقت مبادرة "رص" الأمل من رحم المعاناة وخاضت غمار التحدي معتمدة على التكافل والتماسك، وهي تحاول أن تتغلب على الصعاب.

 

مبادرة "رص" -  رصف طريق الحياضي. مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب
مبادرة "رص" - رصف طريق الحياضي. "نحن نواجه المستحيل … وقد نتوقف نظرا لشحة الإمكانات وظروف الناس القاسية جدا" - بحسب ما يقول محمد حسين القحطاني رئيس المبادرة.null Muhammad Hussein Al-Qahtani

 

وتسعى هذه المبادرة إلى توفير خدمةشق طريق لمجتمع حُرم منها منذ ثماني سنوات، وأتت كصورة مصغرة عكست تلاحم شعب مجتهد في محاولة التغلب على أزماته بنفسه.

 

إسماعيل الأغبري - اليمن

 

 

انتخابات الهند… الذكاء الاصطناعي يزوّر تصريحات ممثلين بارزين

في مقاطع فيديو مزيفة انتشرت بشكل واسع عبر الإنترنت، شوهد اثنان من ممثلي بوليوود البارزين في الهند وهما ينتقدان رئيس الوزراء ناريندرا مودي ويطلبان من الناس التصويت لصالح حزب المعارضة، أي حزب المؤتمر الهندي، في الانتخابات العامة الجارية بالبلاد.

وفي مقطع فيديو مدته 30 ثانية يظهر فيه عامر خان، وفي مقطع آخر مدته 41 ثانية يظهر رانفير سينغ، حيث يقولان إن "مودي فشل في الوفاء بوعود الحملة الانتخابية ولم يعالج القضايا الاقتصادية الحرجة خلال ولايتيه كرئيس للوزراء"، ويضع الفيديوهان رمز الانتخابات وشعار الكونغرس: "صوتوا من أجل العدالة، صوتوا للكونغرس".

لكن الفيديوهين ليسا حقيقيين، إذ تم توليدهما بالذكاء الاصطناعي، وتمت مشاهدة الفيديوهين على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من نصف مليون مرة منذ الأسبوع الماضي، حسب ما أظهرت مراجعة من رويترز. كما صرح الممثلان أن الفيديوهين مزيفان.

وعبر عامر خان، صاحب أكثر فيلم تحقيقا للإيرادات في تاريخ بوليوود، وهو فيلم "دانجال"، عن انزعاجه من انتشار الفيديو "المزيف"، خصوصا أن الممثل المسلم تعرّض لحملة كبيرة من اليمين الهندوسي بسبب تصريحات سابقة حول درجة الأمان في الهند، بينما كتب رانفير سينغ، أحد الوجوه الشابة الفنية المتميزة وحقق بدوره إيرادات كبيرة: "احذروا من الديبفيكس، أصدقائي".

رانفير سينغ، أحد الوجوه الشابة الفنية المتميزة وحقق بدوره إيرادات كبيرة: "احذروا من الديبفيكس، أصدقائي".
رانفير سينغ، أحد الوجوه الشابة الفنية المتميزة وحقق بدوره إيرادات كبيرة: "احذروا من الديبفيكس، أصدقائي".null Getty Images/AFP/S. Jaiswal

وبات الذكاء الاصطناعي والمحتويات المزيفة المولدة به، أو الديبفيكس، تُستخدم بشكل متزايد في الانتخابات في أماكن أخرى حول العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة وباكستان وإندونيسيا، وهناك مخاوف من اتساع رقعة الذكاء الاصطناعي في الانتخابات الهندية التي تعدّ أكبر انتخابات في العالم.

كان الترويج الانتخابي في الهند يركز منذ فترة طويلة على الاتصال المباشر والتجمعات العامة، ولكن بدأ استخدام واتساب وفيسبوك كأدوات للحملة الانتخابية عام 2019. انتخابات هذا العام التي من المتوقع أن يحقق فيها مودي ولاية ثالثة، هي الأولى التي يُستخدم فيها الذكاء الاصطناعي.

ونشرت المتحدثة باسم حزب المؤتمر الوطني، سوجاتا بول، فيديو رانفير سينغ لمتابعيها على موقع إكس يوم 17 أبريل/نيسان، وبحلول عصر السبت تمت إعادة مشاركة منشورها 2,900 مرة، وحصل على إعجاب 8,700 مرة، وتلقى 438,000 مشاهدة رغم أن حسابها ليس كثير المتابعين.

وقالت بول لرويترز في اتصال هاتفي إنها كانت تعلم أن الفيديو مصنف كوسائط مُعدلة (تصنيف يضعه موقع  إكس على منشورات الذكاء الاصطناعي)، لكنها لم ترغب في حذفه لأنها، أثناء النشر، اعتقدت أن الشخص يشبه سينغ و"بالتأكيد يتضمن إبداعًا".

لكن لم المنشور مرئيًا على إكس يوم الأحد، بعد ساعات من إرسال رويترز طلبًا للتعليق إلى رئيس خلية وسائل التواصل الاجتماعي بالحزب الذي لم يستجب للتعليق. وأكد فيسبوك وإكس وما لا يقل عن ثماني مواقع للتحقق من الحقائق أنها معدلة أو مُتلاعب بها، الأمر الذي أكدته وحدة التحقق الرقمي في رويترز أيضًا.

ع.ا/ع.ج.م (رويترز)

شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع قوارب الهجرة؟

في ليلة السبت إلى الأحد، 30 إلى 31 آذار/مارس، تعرض الحاجز المائي العائم في منطقة كانش (شمال فرنسا) "لأضرار متعمدة"، بحسب إيزابيل فرادين-ثيرود، نائبة حاكم مونتروي (شمال فرنسا).

وكشفت قناة "فرانس 3" أن خط العوامات الذي يقطع النهر بشكل عرضي من ضفة إلى أخرى، تم قطعه بشكل تخريبي".

وتم تركيب هذا السد الصيف الماضي، في هذا النهر في شمال فرنسا الذي يصب في المانش، بهدف مواجهة ظاهرة "قوارب التاكسي" ، والمتمثلة في القوارب التي تصل إلى البحر بعد أن تنطلق من الممرات المائية والأنهار، لتجنب الدوريات الشرطة المتواجدة على طول الساحل.

"انهيار محاولات العبور من "نهر كانش"

وتشتبه السلطات في وقوف مهربين  وراء تدمير هذا الحاجز المائي. وقالت ماتيلد بوتيل، نائبة المفوض المسؤول عن مكافحة الهجرة غير الشرعية  لمهاجر نيوز، "لقد قاموا بتقطيعه للالتفاف حول هذا النوع من الإجراءات، لأن النهر كان نقطة انطلاق" للقوارب المتوجهة إلى المملكة المتحدة.

وأضافت محافظة "با دو كاليه" في اتصال مع مهاجر نيوز، أن "محاولات التخريب التي يقوم بها المهربون تثبت أن هذه الحواجز تشكل عقبة أمام حركة المهاجرين".

وأوضحت المحافظة في آب/أغسطس الماضي، أنه في الفترة بين كانون الثاني/يناير وآب/أغسطس 2023، "تم تسجيل 22 عملية عبور في نهر كانش، بمتوسط ​​46 مهاجرا على كل قارب". ومنذ تركيب هذا السد العائم، لاحظت السلطات "انهيارا في محاولات العبور في هذه المنطقة"، حسبما ذكرت ماتيلد بوتيل.

وتم تطبيق هذه الآلية في موقعين آخرين في شمال فرنسا، في "أوثي بنيت" عند منبع ميناء "مادلون"، في كانون الثاني/يناير، وآخر في قناة "دي ديونز"، بالقرب من دونكيرك، وتم إنشاؤه في عام 2021.

وبالإضافة إلى قدرتها على كبح  عمليات العبور، فإن هذه السدود العائمة التي تراقبها طائرات بدون طيار، تسمح لسلطات المنطقة بتركيز دورياتها ومراقبتها على نقاط معينة. تشرح ماتيلد بوتيل، "من خلال حظر الوصول إلى نقاط معينة (بفضل السدود العائمة)، فإننا نعزز (مراقبتنا) عند نقاط انطلاق أخرى. ونتجنب وضع قوات برية وجوية في جميع القطاعات".

زيادة عمليات عبور المانش في عام 2024

لكن وبالنسبة للجمعيات، فإنها ترى أن هذا النظام لا يقدم أي حلول للأزمة في شمال فرنسا. يقول بيير روكيس، من جمعية "أوبيرج دي ميغرانتس" لمهاجرنيوز، "إن السدود العائمة لن تمنع الناس من محاولة عبور المانش. يمكن للمهاجرين أن يغيروا نقطة انطلاقهم لمسافة 200 متر فقط (لتجنب السد)، وهذا لن يغير شيئا".

وللتغلب على هذه العقبات، يستخدم المهربون  الآن قنوات مائية أخرى. وفي الأشهر الأخيرة، تم تسجيل العديد من عمليات المغادرة في قناة "Aa". وفي غضون أسابيع قليلة، انطلق حوالي 10 قوارب من هذا النهر. وتقول فلور جيرمان، منسقة يوتوبيا 56 في كاليه، إنها تتلقى المزيد والمزيد من مكالمات الاستغاثة، عبر خط هاتف الطوارئ التابع للجمعية، من الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في منطقة "Aa". وتقول "لم يكن هذا هو الحال على الإطلاق من قبل".

ويعتقد العاملون في المجال الإنساني أيضا أن إقامة هذه السدود قد زاد من المخاطر التي يتعرض لها  المهاجرون. وفي آذار/مارس، غرق سوري يبلغ من العمر 27 عاماً وفتاة عراقية تبلغ من العمر سبع سنوات في قناة "Aa" أثناء محاولتهما ركوب قارب مطاطي. ومنذ بداية العام، سجلت الجمعيات 11 حالة وفاة لمهاجرين حاولوا الوصول إلى المملكة المتحدة عبر البحر، وهو رقم قياسي لعدد الضحايا في ثلاثة أشهر فقط.

ويقول بيير روكيس "من الواضح أن هذه السدود ليست إلا دعاية إعلامية". وتوافق فلور جيرمان على ذلك قائلة "إن هذا لا يقلل من عدد رحلات المغادرة على الإطلاق".

وعلى الرغم من انخفاض أعداد  عمليات العبور  في المانش بشكل حاد في عام 2023، مع وصول ما يقرب من 30 ألف مهاجر إلى المملكة المتحدة مقارنة بـ45 ألفا في عام 2022، فإن الأرقام تظهر زيادة واضحة منذ كانون الثاني/يناير 2024. وفي الربع الأول من هذا العام، أبحر 5373 شخصا من السواحل الفرنسية، مقابل 3793 في نفس الفترة من عام 2023، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية التي تستند إلى بيانات السلطات البريطانية. ما يمثل زيادة قدرها 41.7%.

مهاجر نيوز 2024

ليسلي كاريتيرو

"عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟"... سوريون في لبنان تضيق بهم السبل

انتظر *سمير مكالمة أخيه بفارغ الصبر مساء الأربعاء، والذي قال له في آخر اتصال هاتفي إنه على بُعد ربع ساعة من سواحل طرابلس، محاولا طمأنة عائلته عنه وعن أفرادها الآخرين المصاحبين له، وأنه بصدد العودة إلى لبنان بعد أن ردهم خفر السواحل القبرصي من رحلة  انطلقت الاثنين 15 نيسان/أبريل، في قارب حمل 40 مهاجرا وكان ضمن قافلة من ثمانية قوارب تقل عددا كبيرا من المهاجرين، الذين كانوا يحاولون مغادرة لبنان إلى قبرص عبر البحر المتوسط.

ويقول الشاب الثلاثيني لمهاجر نيوز والذي لديه أولاد ويعيش في جونية منذ مغادرته سوريا في 2014 لأنه مطلوب فيها، إن "الناس يعرفوننا هنا (هو وأخاه الذي يعيش في لبنان منذ 2006)، إلا أن الحياة لم تعد تطاق، هناك من هم متعاطفون معنا لكن قليلون جدا بالمقارنة بالآخرين. المنطقة امتلأت بالحواجز التي توقف السوريين  وتعتدي عليهم وتأخذ سياراتهم أو دراجاتهم، لذلك لم نعد نخرج من البيوت. في يوم دفن باسكال سليمان، دخل أشخاص من البلدية إلى بيت عمتي وكسروا كل شيء فيه، فاضطرت إلى الذهاب إلى منطقة أخرى عند أحد معارفهم بانتظار معرفة ما يمكنهم فعله. وقبل ذلك، في يوم الجريمة (مقتل باسكال سليمان)، ذهب أخي برفقة أختي وزوجها وأحد أقاربنا إلى بلدة غدير القريبة، ولدى وصولهم هناك، كانت مجموعة ‘حراس غدير'، شيء يشبه الأمن الذاتي، قد نصبوا حاجزا وانهالوا عليهم بالضرب. كُسر ضلع في صدر زوج أختي فيما تكسرت أسنان قريبنا بعد ضربه على رأسه".

عيد فطر "أسوأ" من الذي سبقه رغم قساوته أيضا

ويكمل الشاب بشأن موجة العنف الأخيرة التي يعتبرها امتدادا لما بدأ سابقا من متغيرات تجاه السوريين، "عيد الفطر الماضي، حدثت مداهمات و عمليات ترحيل من الجيش، أخذوا من منطقتنا 38 شخصا لا نعرف عنهم شيئا حتى الآن. وعيد الفطر الحالي أكثر سوءا، لدينا الآن قصة مقتل باسكال سليمان والتعرض للشتائم والسب، ولا نخرج من بيوتنا أبدا، أمي تبكي وأخي يبكي ولا نعرف ما مصيرنا هنا. أفكر بالذهاب إلى إيطاليا عبر البحر". ويقول بحيرة "إن خسرت كرامتك كيف تكون الحياة ممكنة؟ وما الذي يبقى؟"

يقول سمير إن هذا الوضع في لبنان دفع أخاه إلى سلك طريق البحر مقابل مبلغ 2650 دولار (2,485 يورو) من أجل الوصول إلى قبرص، حيث كان بصحبة عدد آخر من العائلة والأقارب، لكن رغبتهم بالوصول إلى قبرص لم تتحقق، مشيراً إلى أن مذكرة ترحيل قد صدرت باسم أخيه منذ 2019، وبعد توكيل محام، عرف إن ذلك لأسباب أمنية دون إعطاء أي تفصيل إضافي.

واطمأن سمير صباح الخميس بشأن مصير أخيه بعد انتظار ساعات طويلة لخبر منه، وعرف أنه وأفراد عائلته المسجلين بالأمم المتحدة سوف يطلق سراحهم بعد احتجازهم في مركز شرطة في طرابلس، في حين أن أفراد العائلة غير المسجلين سيرحلون إلى سوريا.

حال سمير هو حال سوريين كثيرين حاليا في  لبنان  ممن يعانون أكثر من السابق بسبب حملة العنف الأخيرة. ونوه مركز وصول لحقوق الإنسان وحقوقيون لبنانيون وآخرون، إلى دقة هذه المرحلة وما يتعرض له السوريون فيها من تحريض وضغوط وحوادث عنف واعتداء.

"كل سوري هارب من بطش النظام هو أخونا".. شاب سوري في إدلب ينعي أخاه في لبنان الذي توفى متأثرا بجراحه نتيجة تعرضه للضرب المبرح

وفي واحدة من حوادث العنف الأكثر مأساوية نتيجة الموجة الجديدة من العنف وما سبقها، تعرض اللاجئ السوري علي عبد الباقي والذي أقام في لبنان منذ نحو 12 عاما برفقة أفراد من عائلته، للضرب المبرح والتعذيب الشديد على يد مجهولين.

وكان علي قد غادر شتورا إلى بيروت بحثا عن عمل، حسب شهادة أخيه بسام المقيم في إدلب. وتحدث بسام إلى مهاجرنيوز عن ظروف مقتله قائلا إنه لم يعد إلى شتورا نهائيا "في الأسبوع الأخير من رمضان"، وإنه تلقى أول صورة لعلي "تظهر جسده مليئا بالكدمات في 28 رمضان" ويصادف هذا يوم الاعتداء على المسؤول اللبناني في 8 نيسان/أبريل.

يقول بسام "أرسل الصورة مخفر بعبدا، وكانت فترة صعبة للغاية تعيش عائلتي فيها بخوف كبير وخشية من الخروج من المنزل نتيجة الأوضاع الأخيرة، فأرسلنا شخصا ليأخذه إلى البيت، إلا أن مركز الشرطة رفض تسليمه".

ظروف عيش قاسية يواجهها اللاجئون السوريون في لبنان
ظروف عيش قاسية يواجهها اللاجئون السوريون في لبنانnull Marwan Naamani/dpa/picture alliance

وفي اليوم التالي، عاود بسام المحاولة واستطاع إخراج أخيه، وكان علي "بحالة سيئة للغاية، كان بحاجة للعناية الفائقة، ذهب أبي به إلى أقرب مستوصف في زحلة ورفضوا علاجه، وطلب من الأمم المتحدة رعايته، كونهم مسجلون لديها، فوعدتهم بالقدوم يوم الإثنين إلا أنه توفي السبت 13 نيسان/أبريل".

وحمّل بسام الأمم المتحدة والمسؤولين اللبنانين مسؤولية عدم التحرك ومساعدة أخيه، واعتبر أنهم بسلوكهم "شاركوا في قتله". وندد بعدم قيام مركز الشرطة بأي جهد لفتح تحقيقات لمعرفة من ضرب أخاه وتسبب بمقتله.

وتمكنت العائلة من وضع جثة علي في المشرحة في زحلة، قبل دفنه بحضور عدد قليل جدا من الأشخاص. وقال الطبيب الشرعي إن سبب الوفاة ناجم عن "نزيف في الصدر، وتوقف في عمل الكلى جراء الضرب"، وفقاً لبسام، الذي يضيف رغم خشيته على عائلته من تبعات الحديث إلى الإعلام في هذه القضية، أنه "يجب تسليط الضوء على هذه الحوادث حتى لا تتكرر، وكل سوري هارب من بطش النظام هو أخونا".

التحقيقات ما زالت مستمرة في قضية مقتل باسكال سليمان

وتستمر السلطات اللبنانية في التحقيقات لمعرفة دوافع قتل المسؤول في حزب القوات، الذي تعرض لسرقة سيارته في بلدة بقضاء جبيل ومن ثم قيل إن جثته عثر عليها في سوريا، إلا أن من بين المتهمين ثلاثة سوريين كان قد تم توقيفهم بتهم متعلقة بسرقة السيارات عامي 2019 و2023، بالإضافة إلى اعتراف متهم من قرية الهرمل اللبنانية بأن العملية نفذت بطلب من رئيس عصابة سرقة سيارات موجود في سوريا.

الأمر يشبه أن يكون شخصا لبنانيا قد ارتكب جرما فلا يعني ذلك أن كل اللبنانيين قد ارتكبوا الجرم

ورغم أن الجريمة لم تعرف أبعادها الكاملة ويستمر التحقيق فيها، إلا أن السوريين  في لبنان هم ضحاياها المباشرون أكثر من أي وقت سابق، وذلك نتيجة "التحريض ضدهم سواء من أفراد أو بعض النافذين في أحزاب معينة أو من السلطات"، حسبما قال سعد الدين شاتيلا المدير التنفيذي لمركز سيدار للدراسات القانونية، والذي أضاف أن "لا يجب أن يعمم ارتكاب بعض السوريين لجرائم على جميع السوريين، الأمر يشبه أن يرتكب شخصا لبنانيا جرماً، فنجرّم كل اللبنانيين".

وأضاف أن هذا التحريض قد يؤثر "على طائفة أكثر من غيرها من منطلق خوفها من الطوائف أو الجنسيات الأخرى"، مؤكدا على ضرورة عدم الوقوع في هذا الخوف.

ويشير شاتيلا إلى أنه رغم أن التحريض ليس جديدا وأنه تصاعد نتيجة تدهور المعيشة في لبنان، إلا أن الموجة الجديدة تترافق مع "جو سياسي عام ضاغط على السوريين، إن كان من مسؤولين سياسيين لبنانيين غيّروا مواقفهم حيال التواجد السوري، أو من ناحية تطبيع العلاقات بين النظام السوري والدول العربية، ويجب أيضا رؤية ما يحدث في قبرص التي تطلب الدعم الأوروبي وتنسق مع لبنان من أجل إعادة السوريين  الذين يحاولون الوصول إليها عبر البحر على أنه عامل مؤثر في هذا الشأن".

كما نوه إلى أنه يجب "التمييز بين السوري المقيم واللاجئ، وأن السوري المقيم كان مرحبا به سابقا فقد كان يوفر يدا عاملة  أرخص للبنان، لكن الوضع الآن تغير".

عوامل عدة تساهم في قرار عودة السوريين بالنسبة للمفوضية

ومع تصاعد الحديث في لبنان عن خطة لإعادة السوريين إلى سوريا نتيجة الموجة الجديدة من التحريض، قالت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان دلال حرب، إن المفوضية تدعم حق السوريين بالعودة بحرية لوطنهم "متى اختاروا ذلك"، إلا أن قرار العودة مرتبط بعدة عوامل وهي الأمن والسلامة، والسكن والخدمات الأساسية وتأمين سبل العيش.

ويستضيف لبنان حوالي 805 آلاف لاجئ سوري مسجل لدى الأمم المتحدة، وعددا مماثلا من غير المسجلين بحسب تقدير المسؤولين اللبنانيين. وتؤكد وكالات الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان والحكومات الغربية، أن سوريا ليست آمنة بعد.

*سمير اسم مستعار حرصا على سلامته

مهاجر نيوز 2024 

رنا الدياب 

 

كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال

يشهد العالم حاليا أعلى مستويات الصراع العنيف منذ 30 عاماً على الأقل. إلى جانب الحرب في غزة والحرب في السودانوالصراع الدائر في أوكرانيا، هناك ما لا يقل عن 110 صراعات مسلحة تجري في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا.

وتدور العديد من هذه الحروب في مدن ومناطق مزدحمة، وتستهدف الضربات العشوائية بالصواريخ والطائرات المسيرة مدنيين ومدارس ومستشفيات وملاجئ أطفال.

ويحذر مسؤولون من أن أكبر ضحايا هذه المعارك الجيوسياسية هم الأطفال، أكثر من أي وقت مضى في التاريخ الحديث. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مراراً وتكراراً من أن الأطفال يتحملون وطأة صراعاتنا الحديثة "بشكل غير متناسب".

جزء من تأثير الحروب على الأطفال هو تأثير مادي. بعض الأطفال يتم تجنيدهم في الصراع، بينما يتعرض البعض الآخر لاعتداء جنسي على أيدي مهاجمين مسلحين. لكن حتى بدون التعرض للإيذاء الجسدي المباشر، يعاني الأطفال في مناطق النزاع المسلح من ضيق نفسي شديد.

فعلى سبيل المثال، أمضى الأطفال في المدن الواقعة في الخطوط الأمامية في أوكرانيا ما بين 3 آلاف إلى 5 آلاف ساعة، أي من أربعة إلى سبعة أشهر، في ملاجئ تحت الأرض، منذ الغزو الروسي لأوكرانيا قبل عامين.

وتقول أخصائية دعم الصحة العقلية في اليونيسف، ليا جيمس، لـ  DW إن "مزيج الخوف والحزن والانفصال عن الأحباء له تأثير هائل على الأطفال مع استمرار الحرب. كما أن ما يقرب من نصف الأطفال لا يذهبون إلى مدارس" وتضيف أن "العواقب شديدة". ويتوقع الخبراء أن تكون النتيجة مستويات عالية من مشاكل الصحة النفسية والعقلية لملايين الأشخاص في المستقبل.

أطفال بلا وطن

مشاكل النمو

يخضع الصراع في أوكرانيا لمراقبة دقيقة، ويشعر العاملون في المجال النفسي والاجتماعي بالقلق من أن الطبيعة المطولة للحرب بين روسيا وأوكرانيا تسبب تأخراً حادً في نمو الأطفال. وفي هذا السياق، يقول كريستوف أناكر، عالم الأعصاب في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة، في مقابلة لـDW : "يمكن لمسببات الضغط في سنوات الحياة المبكرة أن تسبب تشوهات محددة في التطور وفي وظائف الدوائر العصبية في مرحلة البلوغ، خاصة تلك التي تتعلق باستجابات التوتر".

وأوضح أناكر أن الصدمة في مرحلة الطفولة المبكرة تغير استجابات التوتر والخوف في اللوزة الدماغية، مما "يهيئ" الدماغ ليصبح أكثر عرضة للإجهاد في مرحلة البلوغ. وأضاف أن هورمونات الضغط غالبا ما يتم إفرازها بشكل أكثر تكرارا ردا على مسببات الضغط، بين الأشخاص الذين عانوا من الشدائد في مرحلة الطفولة مقارنة بأولئك الذين لم يعانوا.

ويواجه هؤلاء الأطفال خطراً متزايداً للإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب ومرض ألزهايمر في وقت لاحق. وعلى الرغم من أن اضطراب ما بعد الصدمة خطر يعاني منه الكبار والصغار على حد السواء، إلا أن "دماغ البالغ بشكل عام أكثر مرونة في مواجهة الضغوطات".

أطفال في غزة في انتظار الطعام
بينما يسهل الوصول للأطفال في أوكرانيا تبقى صراعات أخرى أصعب للأطفال مثل غزةnull Mohammed Salem/REUTERS

 مناطق ينقصها الدعم

يمر الدماغ في مرحلة الطفولة بما يسمى "المراحل الحساسة للنمو". وفي هذا الإطار قال أناكر إن "الإفراط في التحفيز الناتج عن الحزن الشديد أو القلق الشديد من التعرض للقصف أو فقدان الأحباء، والافتقار إلى التحفيز الاجتماعي والعاطفي يمكن أن يؤدي إلى إعادة توصيل الدماغ بشكل جوهري"  ويضيف أنه "لا توجد طرق ناجعة لعكس آثار صدمات الطفولة عندما نصبح بالغين".

لذلك فمن المهم جداً تقليل تعرض الأطفال لعوامل الضغط عندما يكونون في هذه الفترة الحساسة من النمو. وقال جيمس إن اليونيسف تعمل على الحد من الآثار طويلة المدى لضغوطات الحياة المبكرة على الأطفال الذين ينشأون في أوكرانيا.

ويضيف جيمس أن "بعض التدخلات التي نقوم بها بسيطة، مثل ضمان تواصل الأطفال مع أحبائهم وخلق مساحات آمنة للمساعدة في التعامل مع الحزن والانفصال". كذلك يتم تقديم هذا الدعم النفسي والاجتماعي لمقدمي الرعاية حتى يتمكنوا من العمل كقدوة للأطفال. لكن الأطفال الذين يعيشون في قلب النزاع في مناطق أخرى، لا يحصلون على نفس الدعم، حسبما قال المتحدث باسم اليونيسف جو إنجليش لـDW.

وأوضح إنجليش أن "أعمال حماية الأطفال في الأزمات الإنسانية تعاني من نقص التمويل بشكل خطير ومزمن". فبينما توجد بيانات متعلقة بالأطفال والأسر الأوكرانية وهي متاحة بشكل كبير، فإن مناطق الحرب الأخرى في العالم بما في ذلك غزة واليمن وجنوب السودان تعد مناطق مهملة، ولا توجد أي بيانات موثوقة من هناك.

أعدته للعربية: سمر كرم

 

300 سنة على مولده.. راهنيّة إرث الفيلسوف كانط في عالم اليوم

لفهم العالم، ليس من الضروري أن يسافر المرء حوله. أثبت إيمانويل كانط (1724-1804) ذلك. اليوم 22 أبريل/نيسان، سيحتفل العالم بمرور 300 عام على ميلاد الفيلسوف الألماني.

لم يغادر الفيلسوف الألماني مسقط رأسه في شرق بروسيا، وتحديداً في كونيغسبرغ—واسمها اليوم كالينينغراد وتقع في روسيا—لكن ذلك لم يقف حاجزاً أمام فهمه للعالم، بل أصبح شخصية بارزة في عصر التنوير، وأحد أعظم المفكرين على مرّ العصور.

لا تزال العديد من أفكاره صالحة اليوم في ضوء تغير المناخ، والحروب، والأزمات. على سبيل المثال، ما الذي يمكن أن يؤدي إلى سلام دائم بين الأمم؟ في عام 1795، في عمله "مشروع للسلام الدائم" اقترح كانط "عصبة للأمم" الجمهورية.

ويرى كانط بضرورة أن تلتزم الأفعال السياسية على الدوام بقانون الأخلاق. مهد عمله السابق الذكر لنشوء عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وهي المنظمة السابقة للأمم المتحدة، كما تظهر آثاره في ميثاقها.

بالإضافة إلى القانون الدولي، طور كانط قانون المواطنة الدولي. ورفض الفيلسوف الألماني الاستعمار والإمبريالية والعبودية. كما صاغ أفكاراً لمعاملة إنسانية للاجئين، وقال إن كل شخص له الحق في زيارة أي بلد، ولكن ليس بالضرورة حق الضيافة. ولا تزال كتاباته تستخدم من قبل العديد من التيارات السياسية.

من معرض عن التنوير في فكر إيمانويل كانط
لا تزال العديد من أفكار كانط صالحة اليوم في ضوء تغير المناخ، الحروب، والأزمات. null Rise & Shine

من أجل العقلانية

لم يستند كانط في كرامة الإنسان وحقوق الإنسان على الدين والله، بل على الفلسفة والعقل. كان لدى كانط إيمان كبير بالإنسان. كان يعتقد أن البشر قادرون على تحمل المسؤولية بالعقل والحجج. وضع "المبادئ أو الوصايا القطعية"، التي يمكن أن تصاغ الآن على النحو التالي :"يجب أن تفعل فقط ما سيكون الأفضل للجميع".

في عام 1781، نشر كانط ما قد يكون أهم عمل له: "نقد العقل الخالص" (أو المحض)، تناول الأسئلة الأربعة الأساسية في الفلسفة: ماذا يمكنني أن أعرف؟ ما الذي يجب أن أفعله؟ ماذا يمكنني أن آمل فيه؟ ما هو الإنسان؟ يُطلق على بحثه عن إجابات لهذه الأسئلة "علم المعرفة": الابستمولوجيا. على عكس العديد من الفلاسفة قبله، شرح في مقالته أن العقل البشري لا يمكنه الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بوجود الله، والروح، وبداية العالم.

"كانط ليس نور العالم، بل نظام شمسي مشع بالكامل". ما أروع المديح الذي قدمه الكاتب جان بول (1763-1825) لكانط. ولكن أثيرت علامات استفهام وأسئلة حول فيما إذا كان الفيلسوف الألماني "عنصرياً ومركزي أوروبي" و"معادياً" للمرأة.

كما وجد مفكرون آخرون كتاباته صعبة الهضم والفهم. اشتكى الفيلسوف موسى مندلسون من أنها تثير الأعصاب خلال قراءتها، ولم يتمكن هو نفسه من فهمها.

يزين قبر كانط الجدار الخلفي لكاتدرائية كونيغسبرغ، والتي لا تزال معلماً من معالم المدينة حتى اليوم.
يزين قبر كانط الجدار الخلفي لكاتدرائية كونيغسبرغ، والتي لا تزال معلماً من معالم المدينة حتى اليوم.null hwo/imageBROKER/picture alliance

رائد التنوير

وضعت تعاليم وكتابات إيمانويل كانط الأساس لطريقة جديدة في التفكير. كان رائد حركة فكرية، ظهرت في نهاية القرن السابع عشر في أوروبا، وطالبت باستخدام العقل البشري (العقلانية) باعتباره المعيار في جميع الأفعال.

في كتاباته، دعا كانط الناس إلى التحرر من أي موجهات (مثل وصايا الله) وتحمل المسؤولية عن أفعالهم. وأوصى بالتالي: "لا تفعل للآخرين ما لا تريد أن يُفعل بك".

واتهمت كتابات متعددة كانط بالانعزال وبغض البشر. لكن توضح الأبحاث اليوم أن الأمر مجرد تحامل: كان لدى كانط روتين يومي صارم ولكنه استمتع بوجبات الغداء الطويلة مع الأصدقاء والمعارف، وكان يحب لعب البلياردو وألعاب الورق، وكان يحضر المسرح، وكان يعتبر محدثاً ساحراً في صالونات المدينة.

في عام 2024، تقام العديد من الفعاليات لإحياء ذكرى إيمانويل كانط وإرثه. في ألمانيا: على سبيل المثال لا الحصر، تعرض قاعة الفنون والمعارض التابعة لجمهورية ألمانيا الاتحادية في بون معرضاً ضخماً. وفي برلين سيعقد في الصيف مؤتمراً أكاديمياً عن الفيسلوف الكبير. وفي الخريف في بون، يُعقد مؤتمر كانط الدولي، والذي كان مخطط أن يقام في الأصل في كالينينغراد، ولكن لا يمكن أن يُعقد هناك بسبب الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

يزين قبر كانط الجدار الخلفي لكاتدرائية كونيغسبرغ—والتي لا تزال معلماً من معالم المدينة حتى اليوم. نجت الكنيسة القوطية وقلة من المعالم التاريخية من القصف في الحرب العالمية الثانية وموجة الهدم اللاحقة في الدولة السوفيتية.

الأطباء الأجانب في ألمانيا.. بيروقراطية تستنزفهم رغم الحاجة لهم

صارت ألمانيا، التي تعاني من نقص اليد العاملة المتخصصة في مجال الرعاية الصحية، من الوجهات المفضلة بالنسبة للأطباء الأجانب في أوروبا خلال السنوات الأخيرة، فقد ارتفع عدد الأطباء الأجانب غير المجنسين في البلد، حسب الجمعية الطبية الألمانية، ليناهز 60 ألف طبيب، وصاروا يشكلون حوالي 12 بالمئة من مجموع أطباء ألمانيا.

غالبية الأطباء الأجانب ينحدرون من دول أوروبية أخرى أو دول في الشرق الأوسط، ويتصدر السوريون القائمة حسب الإحصائيات(6,120 طبيبا)، يليهم الرومانيون (4,668)، والنمساويون (2,993)، واليونانيون، ثم الروس، والأتراك.

لكن قبل الحصول على فرصة عمل في ألمانيا، يمر الأطباء الأجانب بإجراءات اعتماد صارمة، والتي تتضمن اختبارين في مهارات اللغة الألمانية العامة واللغة المهنية.

استنزاف للطاقة والوقت دون فائدة

وفي ظل الحاجة الهائلة لليد العاملة المتخصصة في المجال، تعتقد هذه الفئة أن الجهد والوقت المبذولين خلال هذه المرحلة يستنزف منهم الكثير، وهو ما كان من الأجدر أن يُسْتَثْمَرَ في العمل على سد النقص المهول في هذا القطاع الحيوي في البلد.

الدكتور فؤاد زيدان، طبيب سوري مارس مهنة الطب لما يزيد عن 15 سنة في بلده الأصل سوريا، التي غادرها بعد الحرب متجها نحو ألمانيا بحثا عن الأمان، لكن أيضا بأمل استمرار تأدية واجبه المهني كطبيب مختص في التخدير، وهو مجال فيه نقص كبير في ألمانيا.

بدأت محاولاته لولوج سوق العمل منذ وصوله، فقد درس اللغة وتجاوز عقبات بيروقراطية كثيرة، رغم أن فترة انتشار فيروس كورونا زادت من تأخر الإجراءات، إلا أنه لم يفقد الأمل إلى اليوم، ولكنه لحد الآن لم يستطع العمل كطبيب.

يقول في حديث لـ DW عربية "تحولت طيلة السنوات الماضية إلى عاطل عن العمل لأسباب لا دخل لي فيها، وهذا أمر محبط للغاية، في بلد يحاول جلب الأطباء من الخارج بأي طريقة، رغم وجود الآلاف منهم هنا في حالة عطالة، الأمر غير معقول".

منظمات تدق ناقوس الخطر ولكن..

حذرت المنظمات الصحية الدولية من أن النقص الحاد في الطاقم الطبي صار يشكل خطرا على صحة المواطنين في مختلف أنحاء العالم. وفي ألمانيا، تبرز الإحصائيات أن هناك 4.53 طبيبا لكل 1000 شخص حسب الإحصائيات الرسمية، ويتراجع عدد الأطباء بسرعة مما يجعل النقص الذي تواجهه ألمانيا في أطقمها الطبية كبيرا جدا.

فمنذ عام 2023، صار 41% من الأطباء العاملين في ألمانيا ممن تجاوز عمرهم 60 عاما، كما من المتوقع أن يتم إغلاق ما يقدر بنحو 5000 إلى 8000 عيادة طبية، بسبب وصول الأطباء العاملين فيها لسن تقاعد.

احتجاجات شهدها قطاع الرعاية الصحية في ألمانيا بسبب مشاكل كبيرة منها الرواتب وطول ساعات العمل
احتجاجات شهدها قطاع الرعاية الصحية في ألمانيا بسبب مشاكل كبيرة منها الرواتب وطول ساعات العملnull Erbil Basay/AA/picture alliance

ولأن الخريجين الجدد لا يكفون لتعويض المتقاعدين، فإن توظيف الأطباء الأجانب هو الحل الوحيد لعدم تعطل النظام الصحي، لكن هؤلاء الأطباء يشتكون من عراقيل كثيرة، ومنهم الطبيب السوري محمد الحكيم.

وصل الحكيم إلى ألمانيا سنة 2015. يقول: "الوقت المطلوب لمعادلة شهادة الطب في ألمانيا يختلف حسب صفة الطبيب القانونية، فاللاجئ ليس كالمهاجر أو من أتى طالبا مثلا، فاللاجئون يحتاجون فترات أطول لإنهاء كل الإجراءات".

في المقابل تتحدث بعض التصريحات من الجانب الألماني عن شكاوى من بعض المرضى الذين لا يتمكنون من التواصل بشكل سلس مع الأطباء الأجانب، مما يطرح مشكلة اللغة بقوة، فرغم المجهودات التي يقوم بها الأطباء الأجانب لتحصيل شهادات الألمانية الفصحى أو اللغة المتخصصة الطبية، يبقى فهم اللهجات المحلية صعبا.

الدكتور محمد الحكيم الذي مارس مهنة الطب لما يزيد عن 15 عاما في سوريا، وباشر العمل في ألمانيا بعد ما يقارب ست سنوات من الانتظار بعد لجوئه، أي سنة 2021، علق على موضوع اللغة بقوله "عندما أفحص امرأة ألمانية تبلغ من العمر تسعين عاما، وتقول إنها ابتلعت قطعة ما ولا أفهم أنا ما هي هذه القطعة لأنها من الثرات الألماني أو لأنها نطقتها بلهجة محلية، فإن المشكلة لم تعد موجودة. والمهم أني فهمت القصة".

ويتابع: "عبر التصوير الإشعاعي يمكنني أن أتحقق من مكان وجودها وماهيتها، لكن أن يتم استبعادي خلال امتحانات اللغة الطبية، بسبب عدم فهم كلمة واحدة، فهذا أمر مبالغ فيه بشدة".

التمييز ضد الأطباء الأجانب.. ما الأسباب؟

أظهرت دراسة نشرتها جامعة بازل عام 2022، استطلعت خلالها آراء العاملين في مستشفيين جامعيين كبيرين في ألمانيا، أن العديد من المتخصصين في الرعاية الصحية الأجانب بما في ذلك الممرضات والأطباء تعرضوا للتمييز بسبب اللغة والجنسية والانتماء العرقي.

داخل وحدة للعناية المركزة في ألمانيا
في ألمانيا، تبرز الإحصائيات أن هناك 4.53 طيبًا لكل ألف شخص حسب الإحصائيات الرسمية. ويتراجع عدد الأطباء بسرعة مما يجعل النقص الذي تواجهه البلاد في أطاقمها الطبية كبيرا جدا.null Ina Fassbender/AFP/Getty Images

بالنسبة للطبيب محمد الحكيم، فالأمر "يتجاوز العنصرية في الكثير من الأحيان، إلى الكيل بمكيالين"، إذ انتقد فرض شروط قاسية على الأطباء خريجي الجامعات السورية وجعلهم عاطلين لسنوات طويلة، بينما يتم التعامل في ألمانيا مع الأطباء القادمين من دول من شرق أوروبا، مثل رومانيا أو بلغاريا، بمرونة مبالغ فيها.

ويشير إلى أن هذه المرونة تظهر عندما يتعلق الأمر بامتحان اللغة الطبية وتعديل الشهادات، وهو ما يجده الحكيم الذي يعمل حاليا في عيادة خاصة بألمانيا "إجحافا في حق الطبيب السوري، لأن الجامعات السورية مشهود لها بالكفاءة".

الطبيب هادي، مختص في الطب الباطني، قدم من ليبيا قبل حوالي ست 6 سنوات، لم يتمم بعد سنة على انطلاق عمله في مشفى ألماني، والسبب عراقيل بيروقراطية فوجئ بها بعدما تمكن من اجتياز كل الاختبارات اللغوية والمهنية بنجاح، مما أفقده وقتا ومالا وضياع سنوات بدون كسب الخبرة المهنية.

الأسباب حسب قوله لا يتحمل هو فيها أي مسؤولية، إذ يرى أنه "في ألمانيا، بغض النظر عن قدومك كلاجئ أو مهاجر، فمعاناة الأطباء الأجانب مع البيروقراطية واحدة، تتمدد زمنيا أو تتقلص بفوارق بسيطة، لكن الأمر محبط للغاية".

يشير الطبيب فؤاد زيدان من ناحيته إلى أن هذا يسبب لألمانيا خسائر مهولة، إذ يقول "سواء من الأطباء الأجانب من بدأ العمل أم من لم يتمكن، نسبة من يخططون للهجرة من ألمانيا كبيرة للغاية، نسمع عن مغادرة العشرات كل فترة، منهم من حصل على الجنسية وتوجه نحو دول الخليج، ومنهم من عرقلته البيروقراطية هنا فبدأ يبحث عن فرصة في النمسا، حيث الامتحانات أبسط وتعديل الشهادات أسرع. وبهذه الطريقة، ستفقد ألمانيا المزيد من الطاقات وتعمق من مشكلتها أكثر".

طبيبة أسنان يمنية زارعة بسمة على شفاه أطفال مهمشين

"بدأتُ العمل في المبادرة منذ عام 2012،من خلال تقديم الخدمات الصحية المجانية للأطفال الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، في عيادتي الخاصة لكنني خلال سنوات الحرب الأخيرة ركزتُ بشكل كبير على الفئات المهمشة كونها فئة مهملة ومنسية، ولا تتلقى الاهتمام والرعاية"، تقول طبيبة الأسنان هالة الأهدل.

تُعَد هالة الأهدل من أولى الطبيبات اليمنيات اللواتي ساهمنَ في زراعة الابتسامة على وجوه الأطفال من خلال تقديمها الخدمات الصحية والتوعية بما يتعلق بطب الفم والأسنان للفئات التي لا تستطيع الحصول على رعاية صحية، نظرا لعدم قدرة هذه الفئات على تحمُّل تكاليف المستشفيات والمراكز المتخصصة، بسبب الظروف المعيشية والاقتصادية التي تشهدها البلاد جراء الحرب.

وقد ساهمت المبادرات الخيرية -في اليمن إجمالاً- خلال سنوات الحرب في تخفيف معاناة العديد المواطنين -لاسيما الفئات الفقيرة والأشد فقراً كاليتامى وذوي الاحتياجات الخاصة- وخصوصًا ذوي البشرة السوداء أو مَن يطلق عليهم اسم المهمشين -أو الفقراء من اليمنيين ذوي الأصول الأفريقية- وقد رعت إحدى هذه المبادرات طبيبة الأسنان المعروفة بأعمالها الخيرية والإنسانية في محافظة تعز جنوب غرب اليمن الدكتورة هالة الأهْدَل.

 

 

نزول ميداني وخصوصاً إلى أحياء المهمشين: ذوي البشرة السوداء

بدأت الطبيبة هالة مبادرتها باستقبال أطفال اليتامى وذوي الاحتياجات الخاصة -من الصم والبكم- في عيادتها الخاصة وتقديم الخدمات الصحية المجانية قبل اندلاع حرب 2014 / 2015، لكنها ركزت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة على المهمشين -ذوي البشرة السوداء- كونهم فئة -مهملة أكثر من غيرها- لا تتلقى الرعاية الصحية.

أسست الأهدل فريق عمل يتكون من كادر نسائي وبدأت بالنزول الميداني إلى المناطق السكنية التي يعيش فيها المهمشون وتقديم المساعدات الطبية والوقائية.

وتتابع طبيبة الأسنان هالة الأهدل كلامها لدويتشه فيله قائلةً: "من خلال النزول الميداني إلى المساكن نقوم بالفحوصات الأزمة للأطفال المتضررين أو الذي يعانون من تسوس في الأسنان ويحتاجون إلى تدخل جراحي بحيث نعمل على نقلهم إلى العيادة بالإضافة توعيتهم بالمخاطر وتوزيع مستلزمات طبيه كالفرشاة والمعجون والمناشف والصوابين [قِطَع الصابون]".

تتنقل هالة الأهدل وفريقها من منطقة إلى آخرى بحثًا عن مساكن المهمشين خصوصًا الذين يعيشون في أطراف المدينة وبالقرب من خط النار ، ويحتاجون إلى الرعاية الصحية، وتوعية بالمخاطر التي قد تلحق بهم نتيجة الإهمال.

 

 

تضيف هالة الأهدل لـ DW: "نعمل بالتنسيق مع عُقَّال الحارات [مخاتير الأحياء] للوصول إلى كافة المناطق السكنية، ونسعى إلى أن يحصل كل طفل من أصحاب البشرة السمراء على الرعاية، ونعمل على توعيتهم وإرشادهم.

جهود ذاتية "لوجه الله" من دون تلقي أي دعم

وفي هذا الصدد يقول عاقل حارة الضَّبوعة السُّفلى [مختار حيّ الضبوعة] في مدينة تعز مروان حسن إن المبادرة ساهمت في تقديم الخدمات الصحية لمجموعة كبيرة من أطفال المهمشين، من خلال تقديم اللوازم الطبية والوقائية، ونتمنى أن يتسابق الجميع على فعل الخير وما يصب في مصلحة المجتمع.

وبحسب إحصائيات أجراها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في سبتمبر / أيلول 2021 بخصوص أعداد المهمشين -اليمنيين من أصول أفريقية- في اليمن تتباين تقديرات أعداد المهمشين في اليمن تبايناً جذرياً، وتتراوح بين 500 ألف إلى 3.5 مليون نسمة، يتركّزون في الأحياء الفقيرة المحيطة بمدن اليمن الرئيسية. وتُقدِّر هذه الدراسة أعداد المهمشين بين 500 و800 ألف نسمة، أي نحو 1.6% إلى 2.6% من سكان اليمن.

وقامت مبادرة هالة الأهدل بجهود ذاتية بعيدة عن أي دعم حكومي أو مجتمعي، وإنما بدافع إنسانية يساهم في خلق بيئة صحية للمجتمع ككل، وهذا ما تؤكد هالة قائلةً إن هذه المبادرة قامت بجهد ذاتي "ولم أتلقَّ أي دعم سواءً كان حكومياً أو من المنظمات، وكل ما أقدمه هو عمل إنساني أبتغي فيه الأجر والثواب من الله تعالى".

تكللت مبادرة هالة الأهدل باستهداف نحو 20 في المائة من أطفال المهمشين على مستوى مدينة تعز -كما تقول- رغم كل الصعوبات التي واجهتها، خصوصًا عدم استقرار سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي. وتؤكد ذلك هالة قائلةً: "استفاد من المبادرة حوالي 20 في المائة من الأطفال سواء من خلال الإرشادات أو الحصول على رعاية صحية وتدخل جراحي وتوزيع مستلزمات طبية، رغم كل الصعوبات التي واجهتها نتيجة عدم استقرار صرف وارتفاع المستلزمات الطبية، لأننا كنا نتفق على سعر وفجأه يرتفع الصرف ونضطر إلى دفع مبالغ إضافية".

 

 

عمل خيري توارثته طبيبة الأسنان من والدها طبيب العيون

لم تكن مبادرة هالة بجديد على أسرة معروفة بتقديمها للأعمال الخيرية وإنما جزء من أعمال والدها طبيب العيون عبدالله الاهدل والذي يعمل سنويًا بتقديم الخدمات الصحية المجانية للمرضى الذين يعانون من ضعف بالنظر أو سحب المياه البيضاء خلال شهر رمضان من كل عام مستهدفًا عشرات الحالات.

ويشير مركز صنعاءللدراسات الاستراتيجية إلى التحديات التي يواجهها المهمشون بسبب الفقر: غياب الخدمات التعليمية التي تحدّ من إمكانات كسب لقمة العيش، وضعف خدمات الرعاية الصحية الذي يُسهم في زيادة المديونية وسوء الحالة الصحية ويؤثر في القدرة على العمل، وحرمان مجتمعات المهمشين من المساعدات الإنسانية رغم كونها الأكثر تأثراً في موجة التشريد والانتهاكات والصدمات النفسية، التي كان لها آثار عاطفية ونفسية عميقة وأدت إلى الاكتئاب وقيَّدت القدرة على العمل وكسب لقمة العيش.

وتعد مبادرة الأهدل بمثابة بصيص أمل يعيد الابتسامة إلى شفاه العديد من الأطفال الذين يعانون الإهمال نتيجة عدم قدرة ذويهم على تلبية متطلباتهم بسبب الأوضاع الاقتصادية.

و"الطب عمل إنساني ورسالة سامية قبل أن يكون مهنة، ويجب على كل طبيب وطبيبة أن تكون أولويتهم تخفيف معاناة المرضى قبل التفكير بأي دوافع أخرى. لا شيء أجمل من زرع الابتسامة على فم مريض ومن دعوة صادقة، فالطب أمانة ومسؤولية قبل أن يكون عمل نتقاضى من أجله المال"، كما تقول هالة الأهدل.

 

رأفت الوافي - تعز - اليمن

 

عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للمهاجرين

"أنا قلق لأنني لا أستطيع العودة إلى بلدي، هذا مستحيل. أنا بحاجة إلى الحماية"، بصوت مرتجف وخوف من المستقبل المجهول، وصف ميغيل، وهو مهاجر كاميروني، وضعه في مدينة العامرة التونسية صباح اليوم الخميس.

وتابع "هدفي هو  الذهاب إلى أوروبا. وفي ظل الظروف المعيشية للمهاجرين هنا، من المستحيل البقاء في تونس". ووفقا له، شهدت مدينة العامرة خلال الأيام الأخيرة، "زيارات" عديدة من قبل ضباط الشرطة، الذين صادروا عدداً من خيام المهاجرين، إلا أنهم لم يعتقلوا أحداً.

كما قال مهاجر آخر اسمه فاروق، وهو نيجيري عمره 35 عاما، يعيش في مخيم "الـ19 كيلومتر" بالقرب من العامرة منذ ديسمبر/كانون الأول، لمهاجر نيوز الخميس: "الشرطة تدمر وتحرق الخيام هنا".

ويتجمع مهاجرون في مخيمات صغيرة عدة أكبرها مخيم "الـ19 كيلومتر" وتتوزع إلى الشمال من مدينة العامرة.

محاولات السلطات لإفراغ العامرة من المهاجرين

وفي اتصال مع إذاعة تونسية محلية، أمس الأربعاء، أكد محمود البكري، وهو ناشط في المجتمع المدني في مدينة العامرة الواقعة في ولاية صفاقس، ما رواه المهاجران ميغيل وفاروق، وقال إن "قوات الأمن انطلقت يوم أمس في إزالة مخيمات المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء".

كما ناشد البكري السلطات "بإيجاد حلول سريعة وناجعة لما يحدث في معتمدية العامرة"، معتبراً أن هذه المنطقة صغيرة ومحدودة الإمكانيات ولا تستطيع استيعاب أعداد المهاجرين الوافدين إليها.

وفي تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، أمس الأربعاء، أفاد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي، أنه يجري حاليا التنسيق بين الجهات الأمنية، ممثلة في الإدارة العامة للحرس الوطني، والمنظمات المعنية بالمهاجرين، والهلال الأحمر التونسي، من أجل "تسهيل العودة الطوعية  لعدد من المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، المتمركزين في معتمديتي جبنيانة والعامرة من ولاية صفاقس، إلى بلدانهم، أو تقديم الدعم المادي واللوجستي للراغبين في البقاء بتونس، وإيوائهم في مراكز إيواء".

وأوضح الجبابلي أن "الحملة الأمنية الحاصلة حاليا في معتمديتي جبناينة والعامرة وخاصة في منطقة الحمايزية، هي بسبب بعض المناوشات بين هؤلاء المهاجرين في ما بينهم، واعتداءاتهم على الأملاك العامة بمعتمديتي جبنيانة والعامرة، على غرار غابات الزياتين وقنوات الأشغال العامة بالبنية التحتية، وهو ما أثار استياء أهالي المنطقتين".

وكان قد صرح الرئيس التونسي قيس سعيد، لدى إشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي مساء الاثنين الماضي، بأن "ما يحدث في معتمدية العامرة من ولاية صفاقس غير مقبول"، مشددا على أن " تونس فعلت ما يمكن أن تفعله بخصوص المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء بناء على القيم الإنسانية وبناء على أن هؤلاء ضحايا".

وأكد سعيّد على أن "تونس لن تكون ضحية لمن دبروا لأن تكون مقرا لهؤلاء ولن تكون معبرا ولا مستقرا".

وكان العام الماضي مليئاً بالمصاعب بالنسبة للمهاجرين المنحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء، المقيمين في  تونس. ففي شباط/فبراير، ندد سعيّد بوصول "جحافل من المهاجرين غير الشرعيين" من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى بلاده، معتبراً ذلك كجزء من مؤامرة "لتغيير التركيبة الديموغرافية" للبلاد.

وعلى مدار الأسابيع التي تلت هذه التصريحات، طُرد المئات من مواطني دول جنوب الصحراء الكبرى من وظائفهم ومنازلهم، ولجأ العديد منهم إلى سفارات بلدانهم.

وفي تموز/يوليو، تعرض المهاجرون المقيمين في صفاقس إلى حملة من الملاحقات والطرد، حيث تم نقلهم إلى المناطق الصحراوية على الحدود مع ليبيا والجزائر، وتُركوا دون أي طعام أو شراب في الحر الشديد. وتلقى فريق مهاجرنيوز شهادات عديدة من مهاجرين أكدوا وفاة العشرات أثناء ضياعهم في الصحراء.

رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني مع الرئيس التونسي قيس سعين
رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني مع الرئيس التونسي قيس سعينnull Tunisian Presidency/APA Images via ZUMA Press Wire/picture alliance

"نرفض محاولة تحويل تونس الى مصيدة للمهاجرين غير النظاميين"

ومن جانبه، رفض مسؤول التواصل في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، في مداخلة له مع وسائل إعلام محلية، "محاولة تحويل تونس الى مصيدة للمهاجرين غير النظاميين".

وانتقد المتحدث السياسة التي تنتهجها  تونس  في إدارة ملف الهجرة غير النظامية التي اعتبر بأنها تتضمن تناقضا بين الخطاب والممارسة، منوهاً إلى أن تركيز السلطات التونسية على فرض التواجد الأمني في السواحل، تسبب في إنهاك الوحدات الأمنية بهذه المناطق، وذلك على حساب التواجد الأمني داخل المدن مما أدى إلى تصاعد الجريمة والعنف بحسب تقديره.

وأشار الجبابلي إلى أن هذه السياسة ساهمت في "إرساء منظومة ناجعة في البحر"، لكن قابلتها "منظومة أمنية فاشلة" على الحدود الغربية، "ما أدى الى انتقال أزمة  المهاجرين غير النظاميين  بعد أن كانت في جزيرة لامبيدوزا الإيطالية إلى جبنيانة والعامرة وجرجيس، ومنطقة البحيرة بتونس العاصمة، وهو دليل على انخراط السلطات التونسية في المسار الذي فرضته السلطات الإيطالية".

وتلقى فريق مهاجرنيوز خلال الأشهر الأخيرة، شهادات عديدة من مهاجرين يعيشون في صفاقس وحولها، شاركوا فيها معاناتهم اليومية في ظل التضييقات الممارسة ضدهم. مثل كرم*، وهو شاب سوداني عمره 21 عاما يعيش في مدينة صفاقس التونسية، والذي روى معاناته من الشتاء والمبيت في العراء. وطالب بإسماع صوته للمنظمات الحقوقية والجهات المعنية لمساعدته هو والكثير من المهاجرين السودانيين، كي يجدوا مكانا يتمكنون من العيش فيه بأمان وكرامة.

اتفاقية جديدة بين إيطاليا وتونس

وفي سياق منفصل، سافرت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إلى تونس أمس الأربعاء، للمرة الرابعة في أقل من عام، للقاء الرئيس التونسي قيس سعيد  حول موضوع  مكافحة الهجرة غير الشرعية.

والتزم الطرفان بـ"إشراك المنظمات الدولية للعمل على عمليات إعادة المهاجرين" إلى بلدانهم الأصلية.

وقالت ميلوني إن مكافحة الهجرة غير الشرعية "تتطلب تنمية البلدان الأفريقية، واستثمارات تسعى إلى تعزيز هذا النهج الجديد" على المستوى الأوروبي. وتأتي رحلة جيورجيا ميلوني إلى تونس قبل شهرين من الانتخابات الأوروبية حيث أصبحت قضية الهجرة واحدة من القضايا الساخنة.

وبالنسبة لروما، "يبقى من الأساسي أن تواصل  السلطات التونسية  عملها لمكافحة التهريب والاتجار بالبشر واحتواء المغادرة غير الشرعية" للمهاجرين.

وفي اليوم نفسه، نُظمت مظاهرة صغيرة جمعت نشطاء أمام السفارة الإيطالية انتقدوا الإدارة "الأمنية" لقضية الهجرة من قبل تونس وإيطاليا، وطالبوا "بحلول أكثر إنسانية".

وتم يوم أمس الأربعاء، التوقيع على ثلاث اتفاقيات، وهي مساعدة بقيمة 50 مليون يورو للميزانية التونسية لفائدة مشاريع الطاقة، وخط ائتماني بقيمة 55 مليون يورو للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، واتفاقية تعاون جامعي، وستتبعها اتفاقيات أخرى وفقاً لرئيسة الوزراء الإيطالية، لا سيما في المجال العسكري.

وفقا للإحصاءات الإيطالية الرسمية، شهد عدد الوافدين غير الشرعيين من تونس، والذي كان يتناقص منذ الخريف الماضي وحتى بداية العام، زيادة بين منتصف آذار/مارس ومنتصف نيسان/أبريل مع وفود 5587 مهاجرا، ما يمثل زيادة شهرية بمقدار 337.52٪.

وفي الأسابيع الأخيرة، شهدت جزيرة لامبيدوزا تدفقا كبيرا للمهاجرين، حيث وصل أكثر من 1500 مهاجر خلال أيام قليلة، بعد أن انطلقوا من الساحل التونسي. وعلى الرغم من أن طريق الهجرة هذا يعتبر من أخطر طرق الهجرة في العالم (2383 حالة وفاة في عام 2023، وفقا للأمم المتحدة)، إلا أن المهاجرين يواصلون المغادرة إلى إيطاليا كل أسبوع.

مهاجر نيوز 2024

موسى أبو زعنونة

حلاق سوري يطلق مبادرة لفائدة المشردين في مدينة ألمانية

غادر سوريا  كغيره من ملايين اللاجئين مضطرا ومكرها منذ سنة 2015 متجها إلى تركيا، هنالك لم يستقر طويلا لينطلق في محاولته للوصول إلى أوروبا الغربية عبر البحر مرورا باليونان وكل الدول التي تسبق ألمانيا في طريق اللجوء الشهير والخطير، إلى أن وصل إلى ألمانيا خلال شهر أغسطس/ آب من السنة ذاتها.

هشام السباعي البالغ من العمر اليوم خمسين عاماً، لم يتوقع أن فكرة كانت عادية في بلده الأصل وفي ثقافته حسب قوله ، قد يجر عليه تطبيقها في ألمانيا شهرة وتقديرا كبيرين.

يقول في حديثه لمهاجر نيوز "عشت رفقة الملايين من أبناء بلدي فترة لم نتخيلها، عشنا الاغتراب وقلة الحيلة وعدم امتلاك المال لقضاء أبسط الأغراض وأكثرها ضرورة. نحن نعلم ما الذي تعنيه الحاجة اليوم  كلاجئين سابقين في كل أنحاء العالم. ولا غرابة في أن نحاول رد جميل مجتمعات قامت بإيوائنا من التشرد الذي ألم بنا بسبب الحرب في بلدنا".

حكاية اللجوء القاسية!

بعد الوصول إلى ألمانيا، استقر هشام في مركز اللجوء في إحدى مدن ولاية ساكسونيا أنهالت قبل أن يستقر في هيرنه. هناك كان يمضي وقتا طويلا دون أن يقوم بأي عمل، فقرر أن يمارس مهنته احترفها منذ تسعينات القرن الماضي، لفائدة نزلاء المركز ليشغل نفسه حسب تعبيره.

صورة لهشام في محل الحلاقة الخاص به.
صورة لهشام في محل الحلاقة الخاص به.null privat

بقي الحال على ما هو عليه إلى غاية شهر يوليو/تموز 2016، يقول إنه عانى في مرحلة تواجده في ولاية ساكسونيا أنهالت من العنصرية، لكن المرحلة انتهت بمجرد حصوله على الإقامة ومغادرته نحو ولاية شمال الراين وستفاليا. ويحكي قائلا "مهما كان، لم تكن العنصرية أقسى مما شهدته خلال رحلة اللجوء القاتلة، حيث عانيت من مخاطر في طريق البر والبحر، ووصلت بأعجوبة إلى ألمانيا سالما".

بعد انتقاله لمدينة هيرنه في ولاية شمال الراين ويستفاليا، عاش هشام ضغطا كبيراً من نوع آخر، قبل أن يتمكن من لم شمل عائلته التي تركها في دمشق، في فترة كانت الحرب فيها مشتدة والدمار كبير والأزمة مشتعلة. يقول "قد يتساءل البعض لماذا تركت أبنائي وزوجتي في تلك الظروف؟ وجوابي دائما هو أنه لم يكن أمامنا من حل آخر، كان على أحد أن يحاول إيجاد مكان آمن للجميع، وهذا الشخص كان أنا. كان الأمر قاسياً لكنه ضروري".

تأسيس حياة جديدة في ألمانيا!

كانت أولى خطوات هشام في الحياة الجديدة في ألمانيا هي دراسة اللغة، التي يعتبرها أهم الحواجز التي اعترضته إلى اليوم، إضافة إلى البيروقراطية، التي عانى أيضا بسببها مشاكل كثيرة والتي خلفت تعقيدات أصعب من السابق في مجال عمله أيضا، إذ يقول "لم أجد طوال حياتي مشاكل للعمل في مجال الحلاقة منذ بدأت العمل فيها خلال تسعينيات القرن الماضي، لكن في ألمانيا خاصة بعد تأسيس مشروعي الخاص سنة 2022، عشت صعوبات لم أتخيلها".

فهشام لم يعمل منذ سنة 1990 سوى ممارسته لمهنة الحلاقة، يؤكد أنه لتأسيس مشروع خاص، "لم يساعدني أو يقترح علي الموضوع أو يسهل طريقي لا أشخاصا ولا مؤسسات، لكن من حظي أن رجل أعمال تركي في المنطقة كان قد استثمر في محل حلاقة ولم يتمكن من إيجاد فريق عمل أو يفتتحه لأنه لا يتوفر على الشهادة، فأخذتُ قرضاً من صديق وحصلت على المشروع جاهزاً".

يشعر محدث هشام بفخره ورضاه على ما استطاع تحقيقه رغم  الصعوبات  التي أنهكته، خاصة وهو يبدأ حياة جديدة في عمر تجاوز فيه الأربعين سنة، يقول "لم أتخيل يوماً أن أصير لاجئاً أنا وأسرتي، ولا أن يحل ببلدي حرب ودمار كالذي عشناه. في شبابي، كانت أمامي فرص كثيرة للعمل خارج بلدي وجربت مرتين إحداهما سنة 1997 بالهجرة إلى السعودية، وبعدها إلى دبي في الإمارات العربية لكني لم أحب العيش بعيدا عن سوريا، فعدت بسرعة".

تطرق الإعلام الألماني لمبادرة هشام خلال رمضان، بطريقة فيها كثير من الإشادة بالفكرة وتوقيت تنفيذها ودوافعها
تطرق الإعلام الألماني لمبادرة هشام خلال رمضان، بطريقة فيها كثير من الإشادة بالفكرة وتوقيت تنفيذها ودوافعهاnull privat

"ديني وثقافتي توجبان فعل الخير ورد الجميل"

خلال حديثه لمهاجر نيوز عن قصته، ردد هشام أكثر من مرة فكرة مفادها أن "ألمانيا استقبلت اللاجئين  استقبالا جيدا ووفرت المأوى، وساعد في ذلك المنظمات الإنسانية والجمعيات الإسلامية خاصة التركية منها". هذا ما يجعل بالنسبة للمتحدث أي مبادرة من اللاجئين تجاه المجتمع واجباً.

يقول "مثل هذه المبادرة التي قمت بها دون كثرة تفكير وتخطيط مسبق، كانت أمورا أفعلها بشكل دائم في بلدي، هي ثقافة تربينا عليها ونعتبرها واجبا إنسانيا ودينيا اتجاه كل من يحتاج للمساعدة. وأول مرة قمت بها في ألمانيا، كانت مع شخصين مشردين يمران دائما من جانب المحل، فعرضت عليهما المساعدة وحلق شعرهما فقبلا، فقلت لما لا أجعلها مبادرة لكل من يحتاج في المدينة".

تزامن تطبيق الفكرة مع شهر رمضان حسب قول هشام "الأشخاص المشردين أو الذين ليس لديهم مال مقابل الخدمة، خصصت لهم أوقاتا طوال الشهر، وهو ما أعلن عنه بعض الأصدقاء في صفحات باللغة الألمانية على وسائل التواصل الاجتماعي".

ويضيف المتحدث "عندما قررت أن أقوم بالمبادرة لم أتوقع أن تخلق رد فعل كهذا لدى الألمان وإعلامهم، لأنني قمت بها عن قناعة، فقط لأجل مساعدة المحتاجين ، لكن الألمان دعموني كثيراً، وكسبت زبائن جدد فقط لأنهم سمعوا بالمبادرة وأرادوا دعمي تقديراً للفكرة والمجهود". واليوم "أفكر في تطوير الفكرة لكن ليس في محل الحلاقة الخاص بي، بل أن أحرص على عقد شراكة أتطوع فيها للبلدية، وأعمل على تقديم الخدمة لمن يحتاجها في أماكن توفرها السلطات".

يرى هشام أنه في ألمانيا، ليس الجميع يتقبل اللاجئين، ويقول "كثيرا ما عشت عنصرية في الولاية حيث كنت سابقاً، لكن في ولاية شمال الراين ويستفاليا صراحة لا وجود لمثل هذه المشاكل، فالناس هنا اعتادوا وجود المهاجرين من ديانات وأعراق مختلفة".

هشام في المدينة الألمانية حيث يقطن.
هشام في المدينة الألمانية حيث يقطن.null privat

لكنه يعود ويقول "للأسف اليمين المتطرف لا يرانا ويصورنا للمجتمع من خلال الإعلام إلا بصورة غير حضارية، كأننا نأخذ من مال الدولة ولا نعطي بالمقابل شيئا ولا نبذل مجهوداً. يروجون صوراً نمطية عن ثقافتنا وديننا كلها مغلوطة. صحيح أنه لم يكن بقصد، لكن المبادرة فيها رد على هذه الأفكار والتشويه الذي يلحق  بمجتمع المهاجرين واللاجئين  في ألمانيا".

مهاجر نيوز 2024

ماجدة بوعزة

عام على الحرب في السودان.. "20 ألف سوداني ينزحون من بيوتهم كل يوم"

أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، أن الحرب الجارية في السودان  منذ عام، أجبرت يومياً 20 ألف مهاجر على الفرار من منازلهم، مشيرة إلى أن 53% من النازحين من الأطفال.

وقد أُجبر أكثر من 8.6 مليون شخص على الفرار من منازلهم خلال العام الماضي مع انتشار القتال في البلاد.

وقالت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب، أثناء حضورها  المؤتمر الإنساني الدولي  للسودان والدول المجاورة له، في باريس "إن ملايين الأشخاص نازحون وجائعون ومعرضون للاستغلال وسوء المعاملة، لكن محنتهم يتم تجاهلها من قبل الكثير من دول العالم. إننا نناشد الزعماء الدوليين أن يرقوا إلى مستوى اللحظة وأن يساعدونا في جلب المساعدات الإنسانية إلى السودان، واستخدام نفوذهم للمساعدة في إحلال السلام".

أكبر أزمة نزوح داخلي على مستوى العالم

ويتفاقم الوضع في السودان، الذي يمثل بالفعل أكبر أزمة نزوح داخلي على مستوى العالم ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، بسبب الاستجابة الإنسانية التي تعاني من نقص حاد في التمويل. ولم يتم تأمين سوى 5% من خطة الاستجابة الإنسانية البالغة قيمتها 2.7 مليار دولار (2.5 مليار يورو) والتي تهدف إلى الوصول إلى 14.7 مليون شخص. ويهدد هذا النقص بتدهور الوضع الإنساني أكثر فأكثر.

منذ  اندلاع الحرب، نزح 6.6 مليون شخص قسراً داخل السودان. كما عطلت الحرب النشاط الاقتصادي وقطعت خطوط الإمداد والمساعدات، مما أدى إلى انعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع حيث أصبح حوالي 5 ملايين شخص على شفا المجاعة.

وتواجه النساء والفتيات مخاطر متزايدة للعنف القائم على النوع الاجتماعي، والاستغلال الجنسي، والحصول على الغذاء.

ويواجه العاملون في المجال الإنساني تحديات هائلة في الوصول إلى المجتمعات المحتاجة، وخاصة في مناطق القتال العنيف  في الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة، مما يزيد من تفاقم الاحتياجات والصعوبات.

وفي البلدان المجاورة التي عبر إليها نحو مليوني شخص من السودان، تؤدي الأزمة إلى إجهاد شديد لقدرات الدول على التعامل مع تدفقات اللاجئين والعائدين ومواطني البلدان الثالثة. وحتى الآن، بلغ عدد الوافدين إلى دول الجوار 730.550 في تشاد، و629.902 في جنوب السودان، و514.827 في مصر، و119.525 في إثيوبيا، و29.444 في جمهورية أفريقيا الوسطى، و7.620 في ليبيا، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.

ومنذ اندلاع الصراع الأخير بحسب منظمة "هيومين رايتس ووتش"، تم استهداف عشرات الآلاف من المدنيين بسبب انتمائهم العرقي، لا سيما في غرب دارفور، فيما قُتل ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص، وفقا للأمم المتحدة.

معاناة المهاجرين السودانيين في دول الجوار

وفي نهاية آذار/مارس الماضي، كشفت 27 منظمة حقوقية عن تعرض الفارين من  الحرب في السودان  إلى سوء المعاملة على يد السلطات المصرية، منددين بحملات توقيف واحتجاز السودانيين وترحليهم بشكل قسري.

ونشرت منظمات محلية ودولية بيان مشترك نبهت فيه من تدهور الأوضاع لا سيما منذ نهاية شهر آب/أغسطس الماضي، حين أصدرت السلطات المصرية القرار رقم 3326، والذي أتاح "اعتقال واحتجاز اللاجئين وطالبي اللجوء السودانيين في ظروف غير إنسانية"، بعد إخضاعهم "لمحاكمات غير عادلة، وإعادتهم قسراً إلى السودان  في انتهاك لالتزامات مصر الدولية ومبادئ واتفاقيات حقوق الإنسان والدستور المصري".

في آب/أغسطس الماضي، شددت السلطات المصرية من القيود المفروضة على استقبال السودانيين، وأصدرت الحكومة قرارا يفرض على كل سوادني دفع كفالة مادية تبلغ قيمتها ألف دولار، إضافة إلى غرامات تأخير.

إثر هذا القرار، "تلقت منصة اللاجئين في مصر والتحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الانسان في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا ومنظمات حقوقية أخرى مئات البلاغات عن الاعتقالات الممنهجة للاجئين والمهاجرين والاحتجاز التعسفي وحملات الإعادة القسرية".

تأثير الحرب في السودان على دوائر الهجرة الأوروبية

ونشرت صحيفة "لو موند" الفرنسية، يوم الأربعاء 03 نيسان/أبريل الجاري، عريضة وقّعتها مجموعة تضم مسؤولين في المنظمات الإنسانية والباحثين، يطالبون فيها السلطات الفرنسية بأخذ خطورة الصراع في   السودان  في الحسبان عند اتخاذ قرارات تتعلق بطالبي اللجوء السودانيين واحتجازهم وطردهم.

وجاء في العريضة "يجب علينا حماية جميع طالبي اللجوء السودانيين في فرنسا دون استثناء. ومن الملح أن تضع فرنسا الحقوق الأساسية في قلب سياسات الهجرة وأن تمتثل للالتزامات التي يفرضها القانون الدولي".

ووجهت العريضة انتقادات للسلطات الفرنسية وطريقة تعاملها مع طالبي اللجوء السودانيين، من طرد واحتجاز.

وكانت قد أعلنت منظمة العفو الدولية، أن السلطات الفرنسية رحلت سوداني إلى بلاده، عبر مصر، في كانون الأول/ديسمبر 2023، على الرغم من الصراع الدائر  في البلاد.

ومن جانبها، قضت المحكمة الوطنية للجوء (CNDA) في تموز/يوليو 2023، بأن ولاية الخرطوم وثلاث من الولايات الخمس في  إقليم دارفور  تقبع في حالة من "العنف العشوائي". وبالتالي، ألغت المحكمة قرارات المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية، التي رفضت طلبات اللجوء الخاصة بمهاجرين قادمين من هذه الأقاليم، واعتبرت أن الوضع في هذه الأقاليم يبرر الحصول على اللجوء في فرنسا.

بناء على هذا القرار القضائي، يجب أن تمنح الدولة جميع طالبي اللجوء الذين يأتون من هذه الأقاليم الحماية الفرعية الفورية وبشكل تلقائي.

مهاجر نيوز 2024

 

 

مخاوف أخلاقية وأمنية من "تيك توك".. هل تنال منه دعوات الحظر العالمية؟

تنتشر أخبار مشككة في أمان تطبيق "تيك توك" وتعالت الدعوات بحظره، وهو ما تم تطبيقه في عدد من دول العالم، فقد حظرت الهند التطبيق كليا، بعدما تصاعدت التوترات مع الصين في يونيو/ حزيران 2020، وأعلنت نيبال حظرا على "تيك توك" في أواخر العام الماضي، بدعوى أن التطبيق  يهدد "الانسجام الاجتماعي"، كما وافق مجلس النواب الأمريكي، منتصف شهر مارس/ آذار الماضي، بأغلبية ساحقة على مشروع قانون يجبر "تيك توك" على الانفصال عن الشركة الأصلية أو حظره على مستوى البلاد.

وتختلف الدوافع والمحاذير التي جعلت الدول أو المؤسسات تدعو أو تقرر حظر الـ"تيك توك"، لكنها في أغلب النقاشات ارتبطت بالهاجس الأمني أو الأخلاقي. ففي أمريكا وأوروبا، يُعتقد أن التطبيق الصيني يسهل على بكين التجسس، بينما نفت الشركة المالكة له مراراً نقلها لأي معلومات إلى السلطات الصينية، وأكدت أنها سترفض أي طلب محتمل من هذا النوع.

تحذيرات امتثلت لها دول مثل بلجيكا والدنمارك وهولندا وأيضا كندا وبريطانيا وأستراليا وتايوان ونيوزيلندا وألمانيا أيضا، حيث حذرت الاستخبارات الداخلية الألمانية من مواجهة مخاطر كبيرة عند استخدام تطبيق "تيك توك" خصوصاً لموظفي الحكومة الألمانية.

وفي المقابل، سيطر على نقاش المخاوف من تطبيق "تيك توك" في العالم العربي والإسلامي، هاجس الأمن النفسي والأخلاقي على المراهقين. فالدعوات لحظره انطلقت في دول مثل باكستان وأفغانستان وإندونيسيا والصومال وبنغلاديش، التي ربطت النقاش حول الحظر بالترويج المكثف لمحتوى إباحي في الغالب.

أما في السعودية فكان الانزعاج شعبيا من فرض المنصة قيودا على المحتوى السعودي، لتتفاعل شركات الاتصالات السعودية الأشهر في البلد بحظر تطبيق "تيك توك" من باقات الانترنت. وقد أحدث تصعيد من المستخدمين السعوديين رد فعل من جانب شركة "تيك توك"، التي سارعت إلى الرد عبر منشور توضح اللبس وتحاول استعادة ثقة المستخدمين، حيث نفت أن يكون هناك توجه ضد محتوى المؤثرين السعوديين.

العراق هو من البلدان العربية التي اتخذت قرار حجب تطبيق "تيك توك"، إذ أعلنت وزيرة الاتصالات العراقية هيام الياسري تقديم طلب لمجلس الوزراء لحجب تطبيق "تيك توك" في البلاد. ويأتي هذا القرار في وقت بلغ عدد مستخدمي تطبيق "تيك توك" بالعراق، نحو 31.9 مليون مستخدم، من 36.2 مليون مستخدم للإنترنت بالبلاد، ما يعني أن 88% من مستخدمي الإنترنت لديهم حساب على "تيك توك".

وفي المغرب، وصل النقاش حول تطبيق "تيك توك" إلى مجلس النواب، إذ ناقشت لجنة التعليم والثقافة والاتصال اقتراحا بشأن حظر التطبيقات التي لا تتوافر لديها سياسات ومعايير سلامة الاستخدام،  خصوصا "تيك توك" بسبب تأثيره على المراهقين. ورافق هذا النقاش السياسي حملة مجتمعية استشهد الناشطون خلالها بنجاح السعوديين في دفع المنصة إلى الخروج ببيان توضيحي.

هذا الاختلاف الظاهري في التخوف من تطبيق "تيك توك" بين العالمين الغربي والشرقي، يفسره الدكتور مصطفى شكدالي، الأستاذ الجامعي المتخصص في علم النفس الاجتماعي وصاحب الإصدار الجديد "سيكولوجيا الإنسان المرقمن"، بالقول: "يبدو النقاش في الغرب والشرق ظاهريا مختلفا، ولكن في العمق، حينما نتحدث عن الأخلاق فإننا نتحدث عن الأمن، فمجتمع بدون أخلاق، مجتمع غير آمن".

كتاب سيكولوجيا الإنسان المرقمن للدكتور مصطفى شكدالي
كتاب سيكولوجيا الإنسان المرقمن للدكتور مصطفى شكدالي، باحث وأستاذ جامعي مغربي يتناول موضوع بناء الهوية في عصر الثورة الرقميةnull Privat

ويضيف المتحدث قائلاً: "الإشكال الأكبراليوم هو أن المجتمع المرقمن، أصبح مجتمعا كونياً، لأن التنشئة الاجتماعية التي كانت تحدث داخل الأسرة وداخل المدرسة ورفقة الأصدقاء، أصبحت تتم عن طريق التنشئة الخوارزمية، وصار هناك إعادة تشكيل للثقافة المحلية وإعطائها بعدا مرقمنا عن طريق التكنولوجيا، وبذلك صار المجتمع الكوني مرقمنا".

واعتبر شكدالي، الذي فصل في الموضوع عن طريق كتابه الذي يتناول إشكالية التنشئة الخوارزمية وبناء الهوية في عصر الثورة الرقمية، أن "التحكمية الخوارزمية تريد أن تجعل الإنسان يتنصل من أخلاقه وقيمه".

ويوضح المتحدث في حوار مع DW عربية أن "الأخلاق تختلف من مجتمع لآخر، لكن المجتمع الكوني أصبح واحداً، لدرجة أن نفس السلوكيات يقوم بها الشباب سواء في أمريكا وأوروبا، كما في المغرب أو مصر، فصار القاسم المشترك، وهو القاسم التكنولوجي، الذي يتم خلاله إعادة خلق الذات عبر الصور المفلترة"، التي يعتبرها الباحث "جراحة تجميلية رقمية في حياة موازية، هي الحياة الرقمية".

من جهته، اعتبر حسام السكري، وهو مستشار تواصل إعلامي، محاضر في الجامعة الأمريكية في بالقاهرة، أن "الأسباب الأمنية التي يتخذها الغرب حجة ترتبط بالتجسس الإلكتروني أوالتلاعب بالمعلومات، أو حتى في التأثير على قرارات الجموع في الانتخابات مثلا، عن طريق دعم محتوى قد يتسبب في تأثير على القرارات".

لكن السكري لا يستبعد أبدا احتمال وجود دوافع أخرى بعضها تجاري، إذ يرى أنه "من الناحية التجارية يشكل تيك توك اختراقا لمجال، طالما احتكرته شركات الغرب، احتكر اليوم من قبل قوة من خارج هذا المحور وبعيدا عن سيطرته".

ويقول السكري إنه "في عالمنا العربي تبدو الصورة مختلفة، إذ يتردد دائما أن المخاوف تتعلق بنوعية المحتوى المنشور، والذي اعتبرته بعض السلطات ضارًا من النواحي الأخلاقيًة أو الاجتماعية أو حتى الدينية. لكن الواقع أن التطبيق قدم لحكومات كثيرة في المنطقة مبررا سائغا لتنمق صورتها أمام جماهيرها المطحونة من غلاء الأسعار وتدني الخدمات، لتظهر من جديد في صورتها الأبوية كحامية للمجتمع وراعية لأخلاقه".

لماذا تستمر شعبية التطبيق عالميا رغم التحذيرات والتخوفات؟
هذا السؤال، يرد عليه الأستاذ الجامعي مصطفى شكدالي بالقول إن "أغلبية مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي لا يفهمون الخلفية التي تحرك العالم السيبراني بصفة عامة، ويعتقدون أنهم هم من يستعملون هذه الوسائط، لكن العكس هو الصحيح. فهناك من يتحكم في كل الوسائط الرقمية وفي الفضاء السيبراني وهو ما أسميه التحكمية الخوارزمية".

ويوضح المتحدث أن "البيانات الضخمة أي الـBig Data،  تعرف ما سيغري مستعملها"، مشيرا إلى أن "إعدادات المنصات التفاعلية الرقمية توهمك بأنك فرد كامل الحرية، وتوهمك بالفردانية وبالتخلص من مراقبة المجتمع، ولكن ما إن تطأ قدمك هذه المواقع حتى تصبح متشابها مع الآخرين".

تشابهت السلوكيات على مستوى الفضاء السيبراني، حسب شكدالي، وأبرزت ظواهر نفسية واجتماعية غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية، كما أن "التحكمية  الخوارزمية"، تساهم في الانتشار الواسع لأن ما يهمها هو الحشود، وكلما اجتمعت الحشود، كان الوضع أنسب للترويج لاستهلاك معين؛ حتى وإن كان المحتوى ليس ذا قيمة، فما يهم هو عدد المشاهدات وعدد المتابعين، لأن المسألة فيها تحفيز مادي".

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية لفتاة قاصر تتابع حسابات على تطبيق تيك توكnull ROBIN UTRECHT/picture alliance

هذه التطبيقات ينتشر فيها، حسب شكدالي، كل ما هو فضائحي ويثير رغبة التلصص، لأن هناك دراية مسبقة من طرف التحكمية الخوارزمية تدفع نحو كل ما هو فضائحي في كل المجتمعات بما فيها المجتمعات الغربية.

أمّا خطاف الخطاف، المتخصص في التسويق الإلكتروني والحائز على جائزة الأميرة صيتة بنت عبد العزيز في المعرفة الرقمية، فقال خلال استضافته في برنامج "يا هلا" بقناة روتانا خليجية، إن الوصول المقيد، يعني الطريقة الأمريكية سابقا لانتشار المحتوى على التطبيقات، يخالف المنطق الذي ظهر به تيك توك، الذي جاء بسياسة الوصول غير المقيد.

الخبير، اعتبر أن مفهوم القيمة في المجتمع يرتبط بما يتوافق مع العادات والتقاليد والدين، لكن برمجيا هناك قيمة معاكسة، مرتبطة بالمحتوى عالي القيمة إلكترونيا، ولو كان تافهاً. وقال: "المشاهدات المرتفعة على تيك توك سببت ضجة، لكن ليست كلها حقيقية، فحتى البث المباشر لا يكون كل الموجودين به حقيقيين، بل هناك برامج معينة تستخدم من خلالها الحسابات الوهمية لرفع نسب المشاهدة، ويقوم بهذه الأعمال مبرمجين في الغالب ليسوا عربا".

أما عن الأرباح المهولة التي ينتشر الحديث عنها فأكد الخبير أنه "ليست كل الأرباح من نصيب صاحب الحساب المشهور، بل إن 70 بالمئة يتسلمها التطبيق و30 بالمئة لصانع المحتوى، وهذا سبب نمو التطبيق بشكل مخيف".

من جانبه، يرى حسام السكري، أن شعبية "تيك توك" لها أسباب عديدة، منها الخوارزميات التي صممت خصيصًا لتدفعنا لإدمان المشاهدة مقطعا بعد مقطع من خلال فهم عميق لتفضيلاتنا كمستخدمين. فـ"تيك توك" يمطرنا بمحتوى يعرف من خلال تحليل أنماط استهلاكنا مدى قابليتنا لمشاهدته ومشاركته.

إضافة إلى ذلك يقدم "تيك توك"، حسب المتحدث، فرصا لبناء جمهور واسع، والحصول على مقابل مالي كلما انتشر المحتوى وكلما زادت المشاهدات. وهناك وعد مبطن شديد الجاذبية، بتحقيق النجومية والثراء السريع لمن يفهمون كيفية الاستفادة من التطبيق وطريقة استمالة الناس لمشاهدة ما يقدمونه.

صورة لطفل يتابع تطبيق تيك توك
صورة تعبيرية لطفل يتابع حسابات على تطبيق تيك توكnull picture alliance / PHOTOPQR/VOIX DU NORD/MAXPPP

تيك توك .. بين الحرية والتحذيرات؟
يعتبر الباحث في علم النفس مصطفى شكدالي أن ما تقوم به هذه التطبيقات تلاعب بمستعمليها ولا تقدم لهم الحرية على طبق من ذهب، فالحرية بالنسبة له شيء آخر، ويوضح: "الناس تبحث عن الشهرة  ويسقطون في التشهير بذواتهم، ليست هناك حرية سيبرانية، إنه وهم فقط بينما أنت متحكم فيك، تمشي في الاتجاه الذي تريده الخوارزميات، التي توهم المستخدم بأنه سيخرج من سلطة المجتمع والمراقبة الاجتماعية".

ويقول المتحدث إن المعرفة والكشف عن الآليات التي تحرك "تحكمية الخوارزمية" هي الكفيلة بوضع نقطة النهاية لهذا الإدمان السيبراني، داعيا إلى التركيز في هذا النقاش على الاهتمام بالتربية والتكوين في هذا المجال، وقال: "نحن في مرحلة مفصلية، فالأبناء أصبحوا آباء آبائهم. الآباء لا يعرفون التكنولوجيا والأبناء متعلمون تقنيا. فالمسؤولية على عاتق المثقف اليوم، هي الكشف والبحث عن حلول جديدة لمواجهة الأزمة دون تهويل أو خوف".

من جهته، قال حسام السكري إن الوصول لمعادلة "متزنة" مناسبة لمجتمعات تبحث عن مساحة "وسطية" بين أقطاب متناقضة غير ممكن. فبالنسبة للمتحدث "هناك طيف واسع من الجماهير وأطياف وأنماط من الاستخدام. وفي عصر فضاءات الإنترنت المفتوحة، لا توجد إمكانية لرسم حدود يلتزم بها للجميع".

وأضاف المتحدث قائلا" "وسّع تيك توك من مساحات المشاركة كما لم يفعل تطبيق آخر، وضمن لفئات عمرية شابة ولطبقات أكثر شعبية بمراحل، الاستمتاع بمنصة تشاركية عالمية أعطتهم صوتا، طالما كانوا محرومين منه".

وأكد السكري: "كما هو الحال دوما سنسمع من خلال هذه المنصات العالمية مزيجا متباينا من الأصوات، بعضها ربما يكون مبتذلا، لكننا لا نستطيع أن ننكر أن البعض الآخر يتألق بتفرد محتواه، وبمواهب دفعتها منصات تيك توك وغيرها لتظهر إلى الوجود".

عازفة كمان ونجمة على تيك توك: إيستر أبرامي

 

ألمانيا.. كيف أصبح الحصول على مسكن أشبه بالفوز في اليانصيب؟

في الـ 24 من ديسمبر/كانون الأول 2022، بدأ الكابوس الذي يعيشه أمير شراف (اسم غير حقيقي). ففي ذلك اليوم تلقى الرجل الأفغاني، والذي يعيش في ألمانيا منذ أكثر من 16 عاما إخطارا بفسخ عقد إيجار شقته، الواقعة بالقرب من مدينة بون (عاصمة ألمانيا الغربية سابقا، وتقع في ولاية شمال الراين ويستفاليا).

 لقد أصبح مصير أمير يشبه حال مئات الآلاف من الأشخاص في ألمانيا، والذين يجدون أنفسم في رحلة بحث يائسة للحصول على مسكن بسعر معقول.

ومع عشرات الرسائل التي لا يتم الرد عليها، والمئات من المتنافسين، والطوابير الطويلة للغاية لتحديد مواعيد للمعاينة، تُصبح المناداة على شخص ما لإلقاء نظرة على الشقة المعروضة، أمرا نادرا في كثير من الأحيان.

 أما إذا ما تلقى الشخص فعلا دعوة لمعاينة الشقة المعروضة، فإنه قد يتوصل بعد ذلك بوقت قصير برسالة رفض كتالي: "نتأسف، لقد قررنا اختيار شخص آخر". واتجه شراف إلى القضاء، ورفع شكوى ضد فسخ عقد شقته السابقة. وقال شراف في تصريحات لـDW إن "الوضع السكني في ألمانيا يزداد سوءا".

وتظهر الأرقام مدى صعوبة الوضع في سوق العقارات الألماني: هناك نقص في أكثر من 800 ألف شقة، وهذا الاتجاه آخذ في الارتفاع. كما يعيش أكثر من 9.5 مليون شخص في مساحات سكنية ضيقة، حسب مكتب الإحصاء الاتحادي. وتهدف الحكومة الألمانية إلى بناء 400 ألف شقة سكنية سنويا، بما في ذلك 100 ألف وحدة سكنية اجتماعية. بيد أن هذا الهدف يبدو بعيد المنال بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، وتكاليف البناء.

أزمة السكن في ألمانيا- عندما تعجز الدولة عن توفير مساكن لائقة

وحسب معهد "إيفو" كان هناك 245 ألف شقة سكنية في عام 2023. ويُتوقع أن يصل العدد هذا العام إلى 210 ألف شقة فقط. ونظرا لأن المعروض من المساحات السكنية في ألمانيا صغير والطلب كبير جدا، فإن أسعار الإيجار ترتفع بشكل ملحوظ.

وفي ظل اليأس، يلجأ المزيد من الأشخاص، بما في ذلك أمير شراف، إلى منظمات مثل جمعيات حماية المستأجرين، والتي تُدافع عن مصالح المستأجرين. وفي مقابلة خص بها DW قال بيتر كوكس، المدير التنفيذي لجمعية المستأجرين في بون :"في المدن الكبرى مثل دوسلدورف وكولونيا وبون يحق لنحو 50 بالمئة من الأشخاص الآن الحصول على شهادة استحقاق سكن (Wohnberechtigungsschein) على أساس دخلهم. إنها شهادة تسمح لحاملها بالحصول على شقة يتم التحكم في إيجارها".

 وأضاف: "لم تعد هذه الأيام مقتصرة فقط على المستفيدين من المساعدات الاجتماعية العاديين، والذين يلجأون بشكل طبيعي إلى خدمات استشارية مثلنا، بل تشمل أيضا الطبقة المتوسطة في المجتمع".

بيتر كوكس
بيتر كوكس "الناس يشعرون بالفعل باليأس"null privat

وعندما قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن السكن هو القضية الاجتماعية الحاسمة في ألمانيا، فإن ذلك لسبب معين. فالحصول على مساكن متاحة وبأسعار معقولة لا يشغل فقط من يعيشون وحدهم، والعاطلين عن العمل والطلاب واللاجئين، بل يشمل أيضا الطبقة الوسطى وبشكل متزايد. وقال بيتر كوكس إن جمعيته وصلت إلى عدد قياسي من المنتسبين بلغ 25 ألف عضو، ويزداد عددهم كل يوم، حسب قوله.

وأردف: "إن الناس يشعرون بالفعل باليأس. لقد شهدنا في السنوات الأخيرة أنه لا يأتي إلينا فقط أولئك الذين يواجهون مشاكل جديدة حادة بل أيضا أشخاص لم نسمع عنهم منذ سنوات".

وأضاف: "على سبيل المثال، من خلال إشعارات الفسخ، أي محاولات من المالكين التخلص من المستأجرين، لكي يتمكنوا فيما بعد من إعادة تأجير الشقة بأسعار أعلى...".

وثمة أيضا أولئك، الذين يُتركون على جانب الطريق في المنافسة على المساكن. أولئك الذين يخيمون في الخارج، أو كما يقول بيتر كوكس ينتقلون من صديق إلى صديق كمشردين أو يقضون الليل في إسكانات حكومية مؤقتة. ويرى كوكس أن عددهم بمنطقته يصل حاليا إلى نحو 3500 أي عشر مرات أكثر مما كان عليه الحال قبل بضع سنوات.

وقال بيتر كوكس: "خلال العشرين سنة القادمة، سينتقل حوالي 30 ألف شخص إلى مدينة بون، ومن أجلهم نحتاج إلى 15 ألف شقة سكنية. ومن بينها 10 آلاف شقة سكنية مدعومة من القطاع العام".

وألمانيا هي بلد المستأجرين الأول في أوروبا وبفارق كبير عن البقية، إذ يعيش أكثر من نصف السكان في منازل لا يملكونها. وأيضا، ألمانيا هي البلد الأوروبي الوحيد، الذين يزيد فيه عدد المستأجرين عن المالكين.

 وتدفع ألمانيا الآن ثمن أخطاء سياسية ارتكبت في الماضي، فقد باعت الحكومة الفيدرالية آلاف الشقق لمستثمرين من القطاع الخاص، بينما انسحبت الولايات الاتحادية من بناء الإسكان الاجتماعي وعلى نطاق واسع.

وقال ماتياس بيرنت الخبير في سياسة الإسكان: "كنا في السابق نمتلك أربعة ملايين وحدة سكنية اجتماعية و 15 مليون منزل مستأجر". وأضاف في حديث خص به DW قائلا:"أما اليوم فلدينا مليون وحدة سكنية و21 مليون منزل مستأجر... من يستطيع الحصول على سكن اجتماعي فقد فاز باليانصيب".

ماتياس بيرنت.
ماتياس بيرنت:"أزمة السكن تتفاقم بشكل كبير في المدن الكبرى والجامعية"null Leibniz-Institut für Raumbezogene Sozialforschung (IRS)

ويُلاحظ ماتياس بيرنت أن أزمة السكن تتفاقم بشكل كبير في المدن الكبرى والجامعية، ففي العاصمة الألمانية برلين على سبيل المثال هناك المزيد من وحدات الإيجار الموجودة على "إير بي إن بي". وفي الوقت نفسه يبلغ متوسط الإيجار لعقود الإيجار الجديدة حوالي ضعف إيجار الشقق السكنية الحالية.

وتحاول الحكومة الفيدرالية عبثا مواجهة هذا الأمر، حيث مددت الآن سقف الإيجار حتى عام 2029. وبموجب هذا التمديد، لا يجب أن تتجاوز الإيجارات عند عقد إيجار جديد أكثر من 10 بالمئة فوق الإيجار المعتاد في المنطقة. ومع ذلك، هناك استثناءات للمباني الجديدة والشقق التي تم تحديثها بشكل كامل أو حتى الشقق المفروشة جزئيا. إن هذه الثغرات هي التي يجب التعامل معها على وجه السرعة، حسب ماتياس بيرنت. 

وأردف بيرنت، الخبير في سياسة الإسكا،: "أعتقد أننا بحاجة في المدى القصير إلى تشديد أكبر على تنظيم سوق الإيجارات. فمن غير الممكن أن يتم عرض نصف الشقق في برلين على أنها مفروشة جزئيا باستخدام خدعة". واختتم كلامه قائلا: "بذلك يتحايل أصحاب العقارات على الحد الأقصى للإيجارات عن طريق وضع طاولة وخزانة في الشقة، والمطالبة بدفع مبالغ باهضة مقابل ذلك".

أعده للعربية: مهدوي رضوان

توصية بتشريع الإجهاض في ألمانيا.. بين الترحيب والمعارضة

 أوصت لجنة قامت الحكومة الألمانية بتعيين أعضائها بضرورة بتشريع الإجهاض رسميا، يحث يكون مسموحا به خلال الأسابيع الإثني عشر الأولى من الحمل، في خطوة قد تمهد الطريق أمام اتخاذ خطوات تاريخية في البلاد.

ومازال الإجهاض غير قانوني وجريمة جنائية في ألمانيا بموجب الفقرة (219 إيه) من قانون العقوبات، لكن ورغم ذلك، فإن الإجهاض  لا يخضع للعقوبة إذا تم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل وتلقت المرأة المشورة فيما يُسمح بالإجهاض أيضا في حالات الاغتصاب أو إذا كانت حياة المرأة أو صحتها البدنية أو العقلية معرضة للخطر.

وتعرض القانون لانتقادات منذ فترة طويلة خاصة وأنه جرى تشريعه قبل 30 عاما فيما تعهد الائتلاف الحاكم الذي يضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، بالعمل على تعديل التشريع والخروج بقانون يجيز الإجهاض.

وفي هذا السياق، قدمت لجنة عينتها الحكومة الاثنين (15 أبريل / نيسان) توصياتها التي تشمل الدعوة إلى إلغاء الحظر الدستوري القديم على الإجهاض.

وفي تعليقها، قالت كاتيا ماست، السياسية التي تنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إن التوصية تحمل في طياتها أمرا جديدا يتمثل في أن الإجهاض المبكر لن يكون جريمة جنائية، مضيفة "أعتقد أن اللوائح المتعلقة بالإجهاض لا تنتمي إلى القانون الجنائي لأنها - في رأيي - تقرر وصم النساء بالعار".

مخاوف الكنيسة الكاثوليكية

وتباينت أراء المؤسسات الدينية إزاء توصيات اللجنة، إذ قال رئيس الأساقفة الكاثوليكي هاينر كوخل في تصريح لوكالة الأنباء الكاثوليكية "نفضل الالتزام بالتشريع الحالي لأنه يثمن احتياجات الأم واهتماماتها ويوفر الحماية للجنين".

وانتقدت اللجنة المركزية للكاثوليك في ألمانيا التوصيات على وقع أنها تمنح الجنين حماية أقل في المراحل الأولى من الحمل.

في المقابل، رحبت منظمة Pro Familia أو "بروفاميليا" والتي تعني بالعربية "من أجل الأسرة"، بالتوصيات حيث دعت إلى إلغاء تجريم الإجهاض  بشكل كامل وإلغاء الاستشارة الإجبارية.

معارضة الأحزاب المحافظة

مظاهرة معارضة للإجهاض في ولاية بافاريا الألمانية في مارس 2021
مظاهرة معارضة للإجهاض في ولاية بافاريا الألمانية في مارس 2021 null Sachelle Babbar/ZUMA/picture alliance

وسياسيا، جاء جُل المواقف المعارضة من الأحزاب المحافظة إذ حذر زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي المعارض فريدريش ميرتس من أن التعديل من شأنه أن يدفع الحكومة "صوب صراع اجتماعي كبير في البلاد".

وفي تصريحات صحافية، أبدت دوروثي بار، السياسية البارزة في الاتحاد الاجتماعي المسيحي شقيق الحزب الديمقراطي المسيحي، "اندهاشا من أن حماية حياة الجنين لم تكن موضع اهتمام".

ولم تتوقف معارضة التوصيات الجديدة على هذين الحزببين، بل انتقد أيضا حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي دعوات تشريع الإجهاض .

ودعا حزب اليسار الحكومة إلى تسريع الإجراءات الرامية إلى السماح بالإجهاض.

ويقول مراقبون إنه في حالة مضي الائتلاف الحاكم في طرح التوصيات الجديدة على البرلمان، فإن موقف الحزب الديمقراطي المسيحي - الذي يعد أكبر أحزاب المعارضة مع شقيقه البافاري - سيكون متناغما مع حزب "البديل" وهو ما سيمثل معضلة للحزب الديمقراطي المسيحي على وقع تعهده السابق بعدم التعاون مع حزب "البديل".

ولا يتوقف الأمر عند ذلك بل سيواجه حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي معضلة أخرى إذا قام بالطعن على مشروع القانون  أمام المحكمة الدستورية الفيدرالية أو قام حزب "البديل" بتلك الخطوة أو كليهما.

إنهاء الحظر على الإعلان عن عمليات الإجهاض

ويشير المراقبون إلى أن الحكومة الحالية قد وفت ببعض تعهداتها، إذ في منتصف عام 2022 صوت البرلمان على رفع الحظر المثير للجدل على  الإعلان عن عمليات الإجهاض . وصوتت أغلبية كبيرة من أعضاء البرلمان لصالح التشريع فيما صوت ضده نواب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والبديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي.

وقبل تعديل التشريع، فإن الأطباء الذين كانوا يقدمون معلومات حول عمليات الإجهاض بشكل علني يواجهون ملاحقة قضائية. في السياق ذاته، يعمل المشرعون على تشريع قانون يجرم قيام الناشطين المناهضين للإجهاض بالاحتجاج قرب المراكز الصحية أو المستشفيات أو عيادات الأطباء حيث يتم إجراء عمليات الإجهاض.

تجدد الجدل في أمريكا وأيرلندا وفرنسا

ولم يعد الجدل بشأن الإجهاض حكرا على ألمانيا إذ تشهد الولايات المتحدة نقاشا ساخنا حول القضية منذ القرار الذي اتخذته المحكمة العليا الأمريكية  في يونيو / حزيران عام 2022 والذي قضى بإلغاء الحق الدستوري للمرأة في الإجهاض في البلاد والصادر منذ نحو 50 عاما.

وعلى وقع القرار، بات من حق كل ولاية تنظيم قوانين الإجهاض  فيما أعادت بعض الولايات فرض قيود صارمة على الإجهاض حيث وصل الأمر إلى قيام  المحكمة العليا  في أريزونا بإعادة قانون يعود إلى حقبة الحرب الأهلية وتحديدا إلى عام 1864 يجرم الإجهاض بشكل قاطع.

وخلص قرار المحكمة العليا إلى أن القانون الصادر في الولاية قبل 160 عاما، قابل للتنفيذ فيما لاقى القرار استنكارا من الرئيس جو بايدن.

الجدير بالذكر أن 57 بالمئة من الأمريكيين قالوا إنه يتعين تشريع الإجهاض  في أغلب أو كل الحالات، بحسب استطلاع أُجرى في مارس / آذار الماضي.

وأوروبيا، كشف استفتاء أجرى عام 2018 في أيرلندا، عن أن أغلبية الثلثين توافق على تشريع الإجهاض فيما مثلت النتائج مفاجئة في ضوء أن إيرلندا تعد بلدا كاثوليكيا محافظا.

وفي مارس / آذار الماضي، صادق البرلمان الفرنسي خلال جلسة بقصر فرساي على  إدراج حق الإجهاض في الدستور ، لتصبح فرنسا أول دولة في العالم تتخذ هذه الخطوة في سابقة تاريخية.

ورغم الترحاب الكبير بالقرار سواء داخل فرنسا أو خارجها، إلا أن رئيس أساقفة باريس السابق، ميشال أوبيتيت، انتقدت الخطوة إذ كتب في تغريدة، قائلا: "القانون يحث ضمير الإنسان على القتل".

ويقول مراقبون إن  ألمانيا قد تشهد نقاشا ساخنا في حالة مضت الحكومة في تنفيذ توصيات اللجنة التي دعت إلى تشريع الإجهاض.

وتشير منظمات نسائية إلى أنه مع تدني معدلات الإجهاض القانونية  في ألمانيا، فقد قل عدد النساء اللاتي خضعن لعمليات إجهاض بمرور الوقت حيث شهد عام 2021 أقل معدل للإجهاض في البلاد منذ عام 1996 الذي تزامن مع بدء تسجيل إحصائيات حول عمليات الإجهاض في البلاد.

يشار إلى أنه منذ عام 2003، انخفض عدد الأطباء الذين يبدون استعدادهم لإجراء عمليات الإجهاض في ألمانيا بنسبة 40٪ فيما لا يوجد في البلاد في الوقت الحالي سوى 1200 عيادة أو منشأة طبية حيث يمكن  لسيدة حامل إجراء عملية إجهاض بشكل قانوني بعد أن كان عدد هذه العيادات يفوق الألفين قبل عشرين عاما.

 أعده للعربية: محمد فرحان

لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟

يحب الكثير من الألمان التعري، وسواء كان ذلك في حمامات البخار الساخن أو في المناطق المخصصة لذلك في الشواطئ أو البحيرات، فإن ثقافة الجسد الحر - (فراي كوربر كولتور بالألمانية Frei Körper Kultur) - منتشرة على نحو كبير في أنحاء البلاد.

يتعقب معرض جديد في مدينة هانوفر بشمال ألمانيا يسمى "أونتر ناكتن" -"بين العراة"- تاريخ حركة ثقافة الجسد الحر في ألمانيا منذ بداياتها خلال الإمبراطورية الألمانية في نهاية القرن التاسع عشر إلى سبعينيات القرن العشرين.

وكانت ثقافة التعري -مثلما كان يطلق عليها في الأيام الأولى من الإمبراطورية الألمانية- جزءا من حركة إصلاح الحياة التي ظهرت في منتصف القرن التاسع عشر. واشتاق أنصارها للهروب من المدن الملوثة وعيش أسلوب حياة أكثر صحة.

وفي ذلك الوقت، لم يخلع الناس ملابسهم بالكامل عندما شاركوا في ما يطلق عليها حمامات الهواء، حيث كان الرجال يرتدون ملابس سباحة، بينما كانت ترتدي النساء "فساتين خفيفة" بدلا من الملابس ذات الأكمام الطويلة والرقبة الطويلة وأسفلها المشد الذي كان يتم ارتداؤه بشكل تقليدي في الحياة اليومية.  

معرض "بين العراة" في هانوفر يتطرق لتاريخ ثقافة الجسد الحر في ألمانيا
معرض "بين العراة" في هانوفر يتطرق لتاريخ ثقافة الجسد الحر في ألمانياnull Julian Stratenschulte/dpa/picture alliance

يستند العرض الذي يستمر حتى الأول من أيلول/سبتمبر إلى مجموعة فريدة من معروضات ثقافة الجسد الحر التي يحتفظ بها معهد ساكسونيا السفلى للتاريخ الرياضي في هانوفر منذ عام 2011. 

كما يتطرق المعرض إلى موقف أندية العراة خلال النظام النازي والتطورات المختلفة التي طرأت على الحركة بعد تقسيم ألمانيا إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية وألمانيا الشرقية الشيوعية.

 وقال ألفريد زيغلوخ، رئيس الجمعية الألمانية للعُري، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "إن ألمانيا لديها تقاليد ثقافية وتاريخية ثرية في العري".

وأضاف أنه خلال جائحة فيروس كورونا، زاد عدد من نوادي العراة، حيث نما عدد الأعضاء في الجمعية الفيدرالية إلى نحو 34 ألفا من 30 ألفا قبل خمس سنوات.

وقال زيغلوخ: "يمكن أن يُعزى ذلك إلى حقيقة أن الجائحة شجعت الكثير من الناس على البحث عن أنشطة ترفيهية بديلة وصحية في الهواء الطلق، بين أشياء أخرى".

هـ.د/س.ك (د ب أ)

 

الحل السحري لمواجهة كابوس حساسية الطعام عند الأطفال

 يعاني الكثير من الأطفال من حساسية الطعام التي تؤثر على حياتهم اليومية وتمثل كابوسا لهم ولعائلاتهم، إذ قد تشكل وجبة الغذاء في المدرسة أو حفلات أعياد الميلاد خطرا صحيا على الطفل الذي يعاني من حساسية إزاء أنواع معينة من الطعام.

وفيما يتعلق بالعائلات، فإن حساسية الطعام  لدى أطفالهم تصبح مصدر قلق شبه يومي لأنها قد تكون عائقا أمام ممارسة الأطفال حياتهم اليومية.

وفي محاولة لمساعدة عائلات الأطفال الذين يعانون من حساسية الطعام، قدم باحثون إرشادات موحدة هي الأولى من نوعها لتعزيز قدرة الأطفال على تحمل مسببات الحساسية الغذائية.

وتتضمن الإرشادات علاجا يٌطلق عليه اسم "العلاج المناعي عن طريق الفم" الذي يشتمل على إعطاء الطفل كميات صغيرة جدا من مسببات الحساسية  مثل الفول السوداني مع زيادتها بشكل تدريجي بمرور الوقت لتعزيز قدرته على التحمل.

وفي تعليقه، قال دوغلاس ماك، طبيب أطفال بجامعة ماكماستر الكندية والذي شارك في إعداد الدراسة: "إنها ورقة بحثية هامة في مجالنا لأنه لم يتم إجراؤها من قبل ولم يتم توحيد مثل هذه النصائح من قبل. نحن في حاجة ماسة إلى نوع من التوجيه حول كيفية التعامل مع العلاج المناعي الذي يقدم عن طريق الفم".

أسباب انتشار حساسية الطعام؟

يشار إلى أن حساسية الطعام تحدث بسبب اعتقاد جهاز المناعة بأن نوعا معينا من الطعام أو أكثر يمثل تهديدا خطيرا فيما يتضمن رد فعل الجهاز المناعي تورم وألم في المعدة.

ويعاني نسبة 4% من الأطفال و1% من البالغين حول العالم من حساسية الطعام، لكن معدل انتشار المرض يزداد في الدول الغربية لتصل إلى 8% بالمئة بين الأطفال و4 بالمئة بين البالغين.

وتتباين أنواع الطعام المسببة للحساسية من منطقة إلى أخرى. ففي الوقت الذي تنتشر فيه حساسية الفول السوداني في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا، فإنها غير شائعة في آسيا، إذ تعد حساسية القمح والبيض والحليب أكثر شيوعا.

وارتفعت معدلات حساسية الطعام خلال العقدين الماضيين فيما يُرجع الباحثون ذلك إلى عوامل النظافة حيث ربطت دراسات حديثة بين الإفراط في النظافة وتعقيم الأغذية بشكل مبالغ فيه وبين انتشار ظاهرة حساسية الطعام.

وتتمحور "نظرية النظافة" حول فكرة أنه في حالة وجود عدد أقل من الجراثيم، فإن أجهزة المناعة عند الأطفال تتحرك ضد الأشياء غير الضارة مثل الفول السوداني أو الحليب. وتشمل الأسباب الأخرى وراء حساسية الطعام عوامل مثل نقص فيتامين "د" وتوقيت تعرض الأطفال لمسببات حساسية الطعام.

كيف نحمي أطفالنا من أمراض الحساسية

العلاج الفموي ..الحل السحري؟

وينصح مسؤول الصحة على مستوى العالم بضرورة تعريض الأطفال ببطء لمسببات الحساسية المحتملة  لمنع تفاقم الأمر خاصة في العائلات ذات سجل طويل من الإصابة بحساسية الطعام بين أفرادها، لكن تحت إشراف طبي.

ويقول الباحثون إن العلاج المناعي عن طريق الفم يعد ناجحا في مساعدة الأطفال الذين يعانون من حساسية إزاء أنواع معينة من الغذاء، حيث يعود تاريخه إلى عام 1908. آنذاك جرى استخدامه لأول مرة لإنهاء حساسية البيض التي كان يعاني منها صبي في عامه الثالث عشر.

وكانت الجرعة التي يتناولها الطفل في البداية عبارة عن 1/10000 من بيضة واحدة كل يوم، فيما أصبح بإمكانه تناول البيض بشكل آمن بعد ستة أشهر من بدء العلاج.

وقالت جوليا أبتون، أخصائية المناعة السريرية في مستشفى للأطفال بكندا: "لدينا علاج ناجح يحظى بموافقة الأطباء. هناك العديد من الدراسات تشير إلى أساليب مختلفة لمواصلة تحسين العلاجات".

وتنصح الدراسة الأطباء بتوخي الحذر عند تطبيق برامج العلاج المناعي عن طريق الفم إذ يتعين عليهم الحذر من المستويات الخطيرة من التعرض لمسببات الحساسية خاصة وأنه من الشائع أن يعاني الأطفال من آثار جانبية مثل آلام البطن والقيء عند بدء العلاج.

وفي مقابلة مع DW، قالت أبتون إن العائلات في حاجة "إلى معرفة الكثير من المعلومات المتعلقة بالحساسية الغذائية والحساسية المفرطة و العلاج المناعي  وكيفية تحديد جرعات الطعام بأمان والأشياء التي يجب الانتباه إليها ومتى يمكن البدء في العلاج ومتى يجب الاتصال بالطبيب".

بدوره، قال دوغلاس ماك:  "إذا لم تكن العائلات مستعدة للعلاج المناعي عن طريق الفم، فسوف يفشل العلاج ويصبح غير آمن. يجب على العائلات تقديم العلاج كل يوم. ولهذا السبب تعتبر هذه الإرشادات مهمة للغاية".

الصبر ثم الصبر

وقال مؤلفو الدراسة إن الإرشادات ليس مقتصرة على العائلات وإنما أيضا على الأطباء، ما يعني ضرورة أن يعمل الآباء مع الأطباء لمساعدة الأطفال على التغلب على حساسية الطعام بأمان وفعالية.

وفي ذلك، أشارت أبتون إلى أن الدراسة تحتوي على معلومات مفيدة لمقدمي الرعاية وعائلات الأطفال الذين يعانون من  حساسية الطعام.

وأضافت/ "تظهر الدراسة تطابقا بين نصائح السلامة الرئيسية والنتائج المتوقعة. فعلى سبيل المثال، يجب السيطرة على مرض الربو قبل وأثناء العلاج المناعي، ويجب اتباع تعليمات السلامة وتدابير تناول الجرعات بدقة وبحذر".

وترى أبتون أن العلاج يشبه التدريب على خوض سباقات الماراثون، إذ يحتاج الأطفال إلى تدريب يومي فيما ستنخفض قدرتهم على التحمل إذا توقفوا عن العلاج المناعي عن طريق الفم تماما.

وقالت أبتون: "بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يعانون من حساسية الطعام، فإن التحسن الذي يحققه العلاج المناعي يعتمد على التعرض المستمر لمسببات الحساسية الغذائية مع التنسيق الجيد بين العائلات والأطباء".

 

أعده للعربية: محمد فرحان

    

من إريتريا مرورا بليبيا نحو إيطاليا.. مهاجرات تتعرضن للسجن والصد

قضت مهرتاب، البالغة من العمر 27 عامًا من إريتريا، السنوات الست الماضية في محاولة الوصول إلى أوروبا، وقت يكفي شخصا في عمرها ومستواها التعليمي للحصول على درجة الدكتوراه. الشابة الإيريتيرية كانت قد أنهت دراستها في مجال الإلكترونيات في سن 21 عامًا، ثم غادرت بلادها خوفا من إلزامها بالخدمة العسكرية.

فعلى الرغم من أن القانون الإريتري يتضمن بنوداً واضحة تقتصر فيها مدة التجنيد العسكري على 18 شهرًا، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، إلا أنه غالبًا ما تصير المدة غير محددة، ويكاد يكون من المستحيل تجنب تأدية الخدمة العسكرية ما دام الشخص في البلد.

انطلقت مهرتاب أولا إلى إثيوبيا، حيث عملت لمدة ستة أشهر تقريبا في متجر لألعاب الفيديو وكانت تحصل على حوالي 50 دولارا (46 يورو) شهريا. هذا المبلغ لم يكن يكفيها لشيء، فقررت السفر إلى ليبيا رغبة منها في الهجرة بحراً  نحو أوروبا. فاتصلت بأصدقائها الإريتريين الذين غادروا نحو ليبيا قبلها ليسهلوا مهمة لقائها بمهرب يوصلها إلى ليبيا.

الوصول إلى ليبيا

وبعد عبور السودان نحو ليبيا سيرًا على الأقدام واستعانة بالسيارة أحيانا، وصلت مهرتاب أخيرًا إلى مدينة صبراتة الساحلية الليبية، الواقعة على بعد حوالي ساعة بالسيارة من العاصمة طرابلس. هناك استقرت لمدة تسعة أشهر، ثم انطلقت في رحلتها الأولى  عبر البحر الأبيض المتوسط، بعدما دفعت لأحد المهربين مبلغ 6000 دولار، مبلغ شمل التوجيه الذي قادها عبر الصحراء إلى ليبيا.

خلال المرة الأولى التي حاولت فيها مهرتاب عبور البحر الأبيض المتوسط عام 2021، تحكي أنها تعرضت لاعتراض خفر السواحل الليبي ثم سُجِنت. وقالت إن حراس السجن مارسوا العنف على المهاجرين الذين يعيشون هناك، ولم يمنحوهم سوى وجبة صغيرة مرة واحدة في اليوم.

مهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يتجهون إلى ليبيا على أمل الوصول إلى أوروبا
مهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يتجهون إلى ليبيا على أمل الوصول إلى أوروباnull Joe Penney/REUTERS

ظلت الشابة الإيريتيرية هناك لمدة أسبوع قبل أن تتمكن من جمع المال اللازم لدفع ثمن خروجها من ذلك المعتقل، أي حوالي 700 دولار (حوالي 651 يورو).

قالت مهرتاب في حديثها لمهاجر نيوز "أنا محظوظة للغاية لأني تمكنت من الخروج بسرعة. أصدقائي بقوا هناك لمدة شهر أو شهرين. إذا لم تتمكن من دفع المال، فلن تتمكن من الخروج". كان من حظ الشابة الإيريتيرية، أنها حصلت على الأموال بمساعدة والديها وأصدقائها المتواجدين في مناطق متفرقة من ليبيا.

قامت مهرتاب بمحاولتين فاشلتين بعد ذلك لعبور البحر، وخلالهما أيضا تم القبض عليها من قبل خفر السواحل الليبي قبل أن تطأ قدماها القارب الذي كان من المفترض أن يوصلها إلى أوروبا. في المرة الأولى، تمكنت من الفرار قبل أن يُزج بها في السجن، لكن خلال المحاولة التي تليها، تم القبض عليها قبل أن يبحر القارب وسُجِنَت لمدة شهر قبل أن تحصل على مبلغ 1000 دولار (حوالي 930.20 يورو) لدفع ثمن خروجها.

كان حينها الفصل شتاء، توضح الشابة أن السجن كان باردا للغاية والتعامل فيه لا يطاق حسب تعبيرها. وذكرت المهاجرة  أنه مقابل هاتين المحاولتين الفاشلتين و"مبالغ كفالتها" غير القانونية، دفعت مهرتاب حوالي 4300 دولار (حوالي 4000 يورو).

فشلت المحاولة الثالثة، لكن مهرتاب نجحت في محاولتها الرابعة، بعد أن دفعت مبلغ 3000 دولار (حوالي 2790 يورو) للمهرب، وجدت مهرتاب نفسها على متن قارب أنقذت سفينة البحث والإغاثة Life Support المهاجرين الذين كانوا على متنه، وهي سفينة تابعة لمنظمة الطوارئ الإيطالية غير الحكومية. لكن العديد من أصدقاءها ما زالوا عالقين في ليبيا، وبعضهم في السجن حسب تأكيدها.

تقول الشابة الإيريتيرية "لدي الكثير من الأصدقاء مازالوا عالقين في ليبيا"، موضحة أن هذا هو السبب وراء رغبتها في سرد قصتها لمهاجر نيوز. "أحكي قصتي لأوصل معاناة أصدقاء مثل إخوتي مايزالون عالقين هناك في ليبيا".

مراهقة مهاجرة وحيدة بدون مال!

تم إنقاذ مهرتاب بعد 20 ساعة في البحر على متن قارب بمحرك مكسور. وكان إلى جانبها، من بين المهاجرين الآخرين  الذين تم إنقاذهم، نحو 10 إريتريين. إحداهن، فتاة تبلغ من العمر 19 عامًا، أمضت أيضًا سنوات في محاولة الوصول إلى أوروبا.

منظمة أطباء بلا حدود تنقذ مجموعة من المهاجرين في عرض البحر
منظمة أطباء بلا حدود تنقذ مجموعة من المهاجرين في عرض البحرnull DARRIN ZAMMIT LUPI/REUTERS

إليزابيث (اسم مستعار)، تختلف قصتها عن قصة مهرتاب لأنها لم تتمكن من الحصول على المال من العائلة أو الأصدقاء طوال رحلتها. فبينما يجد أشخاص من عائلات مثل عائلة مهرتاب طرقًا للحصول على المال لدعم أقاربهم في ليبيا عن طريق بيع ممتلكاتهم أو جزء من مزارعهم أو منازلهم، لم يكن لدى عائلة إليزابيث ما تقدمه لمساعدتها.

أصيب والدا إليزابيث، وهي طفلة في الخامسة من عمرها، بجروح خطيرة في النزاع الحدودي الذي شهدته كل من إريتريا وإثيوبيا، والذي انتهى عام 2018. أصيبت والدتها برصاصة في صدرها وأصيب والدها في ساقه، مما جعل من المستحيل على أي منهما العثور على عمل لإعالة الأسرة. في سن الخامسة عشرة، قررت إليزابيث مغادرة إريتريا والسفر إلى السودان بمفردها.

ومن الحدود الإريترية، حيث عاشت مع عائلتها، سارت لمدة ثلاثة أيام نحو السودان. وهناك، تواصلت بالمهربين الذين أحضروها إلى الخرطوم وقالوا إنهم سيأخذونها إلى ليبيا لعبور البحر.

سافرت من الخرطوم إلى ليبيا حيث عاشت في طرابلس لمدة ثلاث سنوات. كانت تنام في مأوى يملكه المهربون، مخصص للمهاجرين الإريتريين المثقلين بالديون والذين يأملون في  عبور البحر  إلى أوروبا لكنهم لا يستطيعون دفع الرسوم المطلوبة لركوب القارب.

ظلت الشابة عالقة في المنزل طوال اليوم دون أن تتمكن من المغادرة، أما الليبيون الذين هربوها إلى البلاد فقاموا بالحراسة دائما لضمان عدم مغادرة أحد، مما جعل كسب المال مستحيلا بالنسبة لإيليزابيث.

في مرحلة ما خلال فترة وجودها في ليبيا، وجدت إليزابيث نفسها في السجن، حيث شهدت انتهاكات مروعة. وقالت لمهاجر نيوز إنها شاهدت أشخاصاً يتعرضون لإطلاق النار والتعذيب على يد الحراس الليبيين، وذكرت أنها شاهدت ذات مرة امرأة حامل، أثناء الولادة، تصرخ طلباً للمساعدة، وقالت إليزابيث إن السيدة كانت بحاجة إلى رعاية طبية، لكن لم يأت أحد لنجدتها، وتوفيت.

بعد مضي سنوات في منزل المهرب، تمكنت إليزابيث من إقناعه بالسماح لها بالانضمام إلى قارب ومحاولة  الوصول إلى أوروبا. تقول إليزابيث إنها تريد أن تصبح ممرضة لمساعدة الناس. "إذا كنت لا تساعد الناس في الحياة، فلا فائدة منك".

رحلة باهظة الثمن!

في تصريح خص به مهاجر نيوز، قال يوهانس، وهو وسيط ثقافي إيريتيري في منظمة طوارئ تقدم المساعدة للمهاجرين الذين عبروا البحر، إن قصة إليزابيث تتكرر كثيرا، إذ يسمح المهربون لامرأة واحدة في مجموعة من عشرات وعشرات الرجال بالعبور دون دفع المال.

تعاني النساء بشكل خاص بسبب التجنيد الإجباري في إريتريا، حيث أبلغت العديد منهن عن تعرضهن لانتهاكات جنسية
تعاني النساء بشكل خاص بسبب التجنيد الإجباري في إريتريا، حيث أبلغت العديد منهن عن تعرضهن لانتهاكات جنسيةnull AP

وقال يوهانس، الذي غادر إريتريا أيضاً عام 2008، إن المهربين في ليبيا يدركون مقدار ما يمكنهم الحصول عليه من أشخاص مثل مهرتاب، التي كان بقاؤها في بلدها يعني الموت في الصراع أو الموت جوعاً.

وقال "في بعض الأحيان، يتقاضى المهربون من الإيريتيريين مبالغ كبيرة مقارنة بجنسيات أخرى، لأنهم يعرفون أنه لا بديل أمامهم، فالرحلة التي تكلف 6000 يورو للمصريين قد تكلف 20000 يورو للإريتريين".

لم تفتح إريتريا حدودها مع إثيوبيا إلا عام 2018، لكن قبل ذلك كانت مغادرة البلاد  مغامرة محفوفة بالمخاطر، كما أصبح عبور الحدود الإريترية السودانية أكثر صعوبة في السنوات الأخيرة، لكن هدف هؤلاء  المهاجرين  هو أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، وهو ما لا يتراجعون عنه بسهولة.

يحصل الإريتريون بشكل عام على حق اللجوء بمجرد وصولهم إلى دول الاتحاد الأوروبي. وفي عام 2023، تمت الموافقة على حوالي 83 بالمائة من طلبات اللجوء التي قدمها الإريتريون، وفقًا لوكالة اللجوء التابعة للاتحاد الأوروبي.

مهاجر نيوز 2024

كلير روث

ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية "بافوغ"

وافق مجلس الولايات الاتحادي الألماني "البوندسرات" اليوم الجمعة (26 نيسان/ أبريل) على سلسلة من القرارات بخصوص المساعدة المالية للطلاب "بافوغ" (BAföG). وطالب المجلس بتحسينات واضحة في خطط وزيرة التعليم بيتينا شتارك فاتسنغر.

وحثت الولايات على توسيع المساعدة المالية المقترحة لبدء الدراسة إلى 1000 يورو لجميع مستلمي المساعدات من الطلبة، وليس فقط للأشخاص الذين يعانون من صعوبات مالية خاصة. كما انتقد مجلس الولايات عدم تضمين إصلاح بنية الـ"بافوغ" وربط المساعدة المالية بالتضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، بحسب ما نشرت وكالة الأنباء الفرنسية.

وستُرسل الآن البيانات إلى الحكومة الاتحادية، التي اعتمدت "البافوغ" في مارس/ آذار الماضي، في مجلس الوزراء. وسيتولى الآن البرلمان الألماني "البوندستاغ" مناقشة التعديلات، ثم يعود القانون مرة أخرى إلى مجلس الولايات.

أبرز التغييرات

إحدى النقاط الرئيسية في الخطة، والتي طالها التغيير، هي "فصل المرونة"، التي تسمح للطلاب بالاستفادة من الحصول على دعم إضافي لتجاوز فترة الدراسة النظامية. وبالإضافة إلى ذلك، سيتمتع الطلاب الجدد من الأسر الفقيرة بـالحصول على "مساعدة أولية"، وهي منحة مالية بقيمة 1000 يورو تصرف مرة واحدة من أجل تمكين الطلاب من شراء ما يلزمهم من أجل بدء الدراسة بشكل ملائم.

ويهدف الدعم المالي لبدء الدراسة إلى منح المحتاجين للمساعدة المالية المحدودة، الفرصة لتحمل نفقات بداية التعليم مثل تكاليف شراء الكمبيوتر المحمول.

ومع ذلك، أكد أعضاء مجلس الولايات، أنهم يعتقدون أن كل من يحصل على البافوغ هو محتاج. وأشاروا إلى أن عدم تعديل معدلات الحاجة الفعلية ليس كافيًا، خاصة وأن الشباب متأثرون بشدة بالتضخم وارتفاع أسعار الإيجارات، وبالتالي زيادة البدل السكني على سبيل المثال.

كما انتقدت الولايات أيضًا إدخال ما يُعرف بـ"فصل المرونة"، حيث يتم تمويل فصل دراسي إضافي بعد انتهاء فترة استحقاق البافوغ القصوى دون ذكر أسباب. ومن وجهة نظر مجلس الولايات، هذا ليس كافيًا ويزيد من العبء الإداري. ومن الأفضل، وفقًا لمجلس الولايات، تمديد فترة الاستحقاق القصوى بشكل عام لمدة فصلين إضافيين فقط.

ترحيب وانتقادات

رحبت الجمعية الألمانية للطلبة بالمبادرة الواردة من مجلس الولايات، معربة عن عدم فهمها لسبب "موافقة وزارة التعليم الاتحادية على استخدام 62 مليون يورو فقط من الـ 150 مليون يورو التي منحتها لجنة الميزانية في البوندستاغ على زيادة البافوغ؛ على الرغم من الأوضاع المالية الصعبة". وانتقد بشدة "عدم وجود زيادة على مبالغ المساعدات الشهرية"؛ على الرغم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والإيجارات بشكل كبير".

وفي مقابلة مع موقع "تاغس شاو" الإخباري الألماني أشار ماتياس أنبول، رئيس الاتحاد الألماني للطلاب، إلى أن الـ BAföG لا يعكس الزيادة في تكاليف المعيشة والإيجارات. في حين تتم مراجعة معظم البرامج الحكومية تلقائيًا لمواجهة التضخم.

ويقول: منحت لجنة الميزانية في البرلمان الألماني" البوندستاغ" مبلغًا محددًا كتحسين محتمل لهذا العام. وتم توفير 150 مليون يورو إضافية لبرنامج الـ BAföG. ومع ذلك، تخطط وزارة التعليم لاستخدام 62 مليون يورو فقط من هذا المبلغ حاليا. وينتقد أنبول التحسينات المقدمة والتي وصفها بالطفيفة.

إلى ذلك يقول الطالب كاي ميلاين (23 عامًا)، الذي يدرس التاريخ في الفصل الدراسي الثامن في مدينة ماينز لموقع تاغس شاو، إنه سيكون من الصعب العيش بدون الـ 600 يورو التي يتلقاها شهريًا كمساعدة دراسية من الـ BAföG.  ويوضح أنه ينجح في التغلب على الصعوبات بسبب وجود عمل جزئي وعقد إيجار سكن قديم بأسعار معقولة. مشيرا إلى أن العديد من الطلاب  يجدون صعوبة في تغطية نفقاتهم الأساسية دون الحصول على مساعدة مالية من الدولة.

ويأمل ميلاين في إجراء تغييرات جذرية على بنية هذا النوع من المساعدات المقدمة للطلبة، خاصة فيما يتعلق بتبسيط الإجراءات نحوه.

هل يحصل الأجانب في ألمانيا على بافوغ

بالنسبة لشروط الحصول على دعم BAföG للأجانب، يشير موقع وزارة التعليم الألماني إلى أن "الأجانب الذين يحتفظون بفرصة الإقامة في ألمانيا والذين يندمجون اجتماعيًا يُعتبرون مؤهلين للدعم". وبما أن الوزارة لا تقدم تفاصيل إضافية حول مدى التكامل الاجتماعي الكافي، فإن هذا يعتمد على تقدير السلطات. وتتوفر الفرصة لأولئك الذين يمتلكون:

- حق الإقامة الدائمة وفقًا لقانون الحرية في الاتحاد الأوروبي.

- تصريح إقامة دائمة أوروبية

- تصريح إقامة وفقًا للمادة 24 من قانون الإقامة (AufenthG) أو شهادة مماثلة وفقًا للمادة 81 الفقرة 5 بالارتباط بالفقرة 3 أو 4.

- عمومًا، يتمثل الشرط الأساسي للحصول على بافوغ للأجانب في أن يكونوا طلابا معترفا بهم كلاجئين أو مستفيدين من الحماية الفرعية، ويتواجدون في ألمانيا بشكل قانوني لمدة 15 شهرًا متواصلة.

الأجانب الذين لا يحق لهم الحصول على بافوغ؟

لا يحق لطالبي اللجوء الذين لم يتم انتهاء إجراءات طلب اللجوء الحصول على BAföG، لأن فرصة الإقامة الدائمة هي الشرط الأساسي للاستفادة من الدعم المالي للأجانب.

وتُطبق الحدود العمرية على الجميع، بمعنى أن الطلاب الأجانب يمكنهم الحصول على دعم بافوغ فقط إذا لم يبلغوا سن الخامسة والأربعين.

 

لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك توك؟

يكاد لا يوجد تطبيق آخر يحظى بشعبية كبيرة بين الأطفال والشباب في جميع أنحاء العالم مثل تطبيق "تيك توك"، ويكاد لا يوجد أيضا تطبيق آخر يثير الجدل أكثر منه. وفي الأيام القليلة الماضية، أثارت منصة الفيديوهات الصينية الغضب مرة أخرى. لمحة عامة عن القضية.

لماذا سيحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة؟

وافق مجلس الشيوخ الأمريكي الثلاثاء 23 أبريل/ نيسان (بالتوقيت المحلي) على مشروع قانون يستهدف فرض تغيير على ملكية التطبيق الصيني في الولايات المتحدة. وبهذا يكون قد تم الموافقة على القانون من قبل المجلس الثاني بالكونغرس، فمجلس النواب الأمريكي سبق وصوت لصالحه في نهاية الأسبوع. وهذا يعني أن قانون بيع "توك توك" مطروح الآن على طاولة الرئيس جو بايدن، الذي سبق وأن أعلن أنه سيصدق عليه بمجرد وصوله إليه.

صورة رمزية لجيل التيك توك
الانتقال من فيديو إلى آخر بسرعة وبشكل متواصل: يقضي كثير من الشباب ساعات على تيك توك (صورة رمزية)null Zacharie Scheurer/dpa-tmn/picture alliance

وبناء على هذا القانون يجب على "تيك توك" الانفصال عن شركة "بايت دانس الصينية للتكنولوجيا" (Bytedance)، وهي الشركة الأم المالكة للتطبيق، في غضون 270 يومًا، وإذا لزم الأمر، يمكن تمديد الموعد النهائي لمدة 90 يومًا آخر. وبخلاف ذلك، سيتعين إزالة "تيك توك" من متاجر التطبيقات مثل "أبل ستور" و"غوغل بلاي" وغيرهما، وسيكون هناك على الأقل منع تنزيل التطبيق من جديد.

وتنبع المبادرة البرلمانية ضد "تيك توك" من مخاوف تتعلق بحماية البيانات: حيث يشتبه في أن شركة "بايت دانس" منحت الحزب الشيوعي الصيني إمكانية الوصول إلى بيانات المستخدمين. ويبلغ عددهم في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 170 مليون شخص. وبالتحديد يُخشى أن يُجبر "تيك توك" على تسليم بيانات المستخدمين. ويمكن للصين أيضًا استخدام الدعاية والمعلومات المضللة  عبر الخوارزميات. وتنفي الشركة هذه الاتهامات.

لماذا يقوم الاتحاد الأوروبي بالتحقيق؟

كما اِسْتَهْدَفَ الاتحاد الأوروبي أيضًا تطبيق "تيك توك" مرة أخرى، وإن كان ذلك لأسباب مختلفة تمامًا عن الولايات المتحدة. ومن خلال إجراء جديد سيتم التحقق مما إذا كانت "وظيفة المكافأة" بالتطبيق الجديد "تيك توك لايت" (TikTok lite) تعرض الصحة العقلية للشباب للخطر وبالتالي تنتهك قواعد الاتحاد الأوروبي. والتطبيق الجديد موجود منذ أبريل/ نيسان وهو متاح حاليًا فقط في فرنسا وإسبانيا داخل أوروبا.

منذ أغسطس/ آب 2023 تحتم على منصات التواصل الاجتماعي الكبيرة مثل "فيسبوك" و"إكس" (تويتر سابقا) و"إنستغرام" بل و"تيك توك" أيضا تلبية متطلبات قانون الخدمات الرقمية (DSA). ويهدف ذلك القانون إلى منع الأنشطة غير القانونية أو الضارة عبر الإنترنت. ويُحظر أيضًا ما يسمى بـ "الأنماط المظلمة"، أي ممارسات التلاعب لإبقاء المستخدمين على المنصات.

هل سيحظر تيك توك تماما في الولايات المتحدة؟

تنتقد مفوضية الاتحاد الأوروبي تطبيق "تيك توك" لتقديمه الإصدار الجديد من التطبيق المسمى "تيك توك لايت" في الدولتين العضوين في الاتحاد الأوروبي (فرنسا وإسبانيا) دون تقييم المخاطر بشكل مناسب مسبقًا. وكان أمام شركة "بايت دانس" مهلة حتى 18 أبريل/ نيسان لتقديم تقريرها، لكنها في البداية سمحت بفوات الموعد النهائي، فتم منحها مهلة جديدة مدتها 24 ساعة، ووفقًا لتصريحاتها الخاصة، تم تقديم تقييم المخاطر المطلوب للتطبيق الجديد يوم الثلاثاء (23 أبريل/ نيسان).

وهذا يعني أن المنصة، المعروفة بمقاطع الفيديو الراقصة والتي تحظى بشعبية خاصة بين الشباب، تجنبت الغرامة في الوقت الحالي. ولولا ذلك لكان بوسع الاتحاد الأوروبي أن يفرض غرامات تصل إلى واحد في المائة من إجمالي الإيرادات السنوية. ومن الممكن أيضًا حظر "وظيفة المكافأة" المثيرة للجدل في إصدار التطبيق الجديد.

وكان الاتحاد الأوروبي قد فتح بالفعل في فبراير/ شباط إجراءً ضد "تيك توك" لأسباب من بينها مزاعم بعدم كفاية الحماية للقاصرين.

جيل التيك توك، صورة رمزية
يحظى محتوى الرقص في التطبيق بشعبية خاصة بين الفتيات الصغيرات (صورة رمزية)null ROBIN UTRECHT/picture alliance

هل يسبب "تيك توك لايت" للإدمان بشكل خاص؟

يتضمن "تيك توك لايت" نظام نقاط جديد غير متوفر في نسخة "تيك توك" التقليدية. وأي شخص يشاهد أكبر عدد ممكن من مقاطع الفيديو، أو يعجب بالمحتوى - أي يقيمه بشكل إيجابي - أو يدعو الأصدقاء إلى "تيك توك"، سيحصل على عملات رقمية. ويمكن استبدال هذه العملات بقسائم يتم الشراء بها مثلا من متجر أمازون بالإنترنت. وقالت مفوضية الاتحاد الأوروبي إن هذه الوظيفة تسبب الإدمان بشكل خاص.

ويحظى التطبيق، الذي يحتوي أيضًا على العديد من مقاطع الفيديو للرقص والغناء، بشعبية خاصة لدى الأطفال والشباب. ووفقًا لشروط الاستخدام، يجب ألا يقل عمر المستخدم عن 13 عامًا. وإذا كان المستخدم تحت سن 18 عامًا، فيجب على الوالدين أو الأوصياء القانونيين الآخرين أيضًا تقديم موافقتهم الرسمية. وأوضحت المفوضية أنه ليس من الواضح ما إذا كان يتم التحقق من العمر بشكل فعال.

في العموم، هل "تيك توك" يسبب الإدمان أكثر من وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى؟

تعمل خوارزميات تيك توك بشكل مختلف قليلاً عن خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي الأقدم منه، وبالتالي فهي (خوارزميات تيك توك) ربما تسبب الإدمان بطريقة أسرع من غيرها. فعلى عكس المنصات السابقة، يعرض تيك توك في البداية أيضًا مقاطع فيديو، وجدها مستخدمون آخرون جذابة، بدلاً من عرض المحتوى الأساسي الذي تقدمه الحسابات، التي تم الاشتراك فيها.

وخوارزميات "تيك توك" ذكية للغاية. وكلما زاد الوقت الذي يقضيه المستخدمون على المنصة الصينية، أصبحت التنبؤات أكثر دقة حول ما قد يرغبون فيه.

وهذا لا يخلو من العواقب: ففي الولايات المتحدة الأمريكية، يقضي مستخدمو "تيك توك" الشباب في المتوسط أكثر من 2.5 ساعة أمام التطبيق. ويأتي ذلك من دراسة نقلتها صحيفة "واشنطن بوست" في مارس/ آذار 2023. وتقريبا، تصف واحدة من كل اثنتين من البنات، اللاتي تستخدمن تيك توك، نفسها بأنها مدمنة للتطبيق. والفتيات المصابات بالاكتئاب معرضات للخطر بشكل خاص.

بل إن هناك قسما من الشبان يستخدمون التطبيق دوما، بطريقة أو بأخرى. ووفقًا لمعهد أبحاث الرأي الأمريكي "بيو ريسيرش" (Pew Research)، فإن الوضع في سبتمبر/ أيلول 2023، كان هو أن حوالي 17 بالمائة من الشبان يقضون وقتهم في تصفح التطبيق بشكل شبه مستمر. وهي قيمة عليا مقارنة بالتطبيقات الأخرى.

أعده للعربية: صلاح شرارة

"حالة توتر وجو مشحون" يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين

في عام 2023، وخلال حفل افتتاح مهرجان الفيلم العربي في برلين، المعروف اختصارا باسم "الفيلم" ( ALFILM)، أعلن منظمو الحدث أن "الحديث عن فلسطين في ألمانيا لا ينبغي أن يكون عملاً من أعمال الشجاعة".

ولكن بعد مرور عام، وفي خضم الحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس، يشكل تنظيم مهرجان سينمائي يسلط الضوء على أصوات فلسطينية تحديًا أكبر: "يبدو الأمر وكأنه مهمة مستحيلة في الوقت الحالي. إنه حتى لا يبدو كعمل من أعمال الشجاعة"، بل يبدو وكأنه: "انتحار بطريقة ما بكل بصراحة"، حسبما تقول مديرة المهرجان باسكال فخري.

ومع ذلك فإن الفريق سيتحمل هذه المخاطرة مرة أخرى في الفترة من 24 إلى 30 أبريل/ نيسان، حيث يقام مهرجان الفيلم العربي، الذي نجح في ترسيخ نفسه، بحسب فخري، "كأكبر منصة سينمائية تمثل الثقافة العربية في ألمانيا"، منذ انطلاقه عام 2009.

وقالت فخري لـ DW: "الجميع في حالة توتر قصوى. وقد ساهم عدد من الحوادث في خلق هذا الجو المشحون".

على سبيل المثال، تقول فخري إن الشرطة استفسرت عن الحدث في أحد أماكن عرض المهرجان، وهي سينما Wedding City Kino، قبل أن يتم وضع البرنامج في السينما. وبعد علمها بأن مهرجانا سينمائيا عربيا سيُقام هناك، لمحت السلطات إلى أنه لابد وأن يكون هناك شيء مشبوه حول الحدث لم يكونوا يعلمون عنه، وفقًا لما ذكرته فخري.

باسكال فخري مديرة مهرجان الفيلم العربي في برلين
باسكال فخري مديرة مهرجان الفيلم العربي في برلينnull Elizabeth Grenier/DW

وعندما أبلغ مدير السينما الشرطة بأن خمسة أماكن أخرى في برلين كانت أيضًا جزءًا من مهرجان الفيلم، وأنه يقام منذ 15 عامًا، وأن برنامج المهرجان بأكمله يمكن العثور عليه على الإنترنت، كانت الشرطة "في غاية الحرج"، حسبما قالت منظمة المهرجان السينمائي.

صناع السينما العرب يخشون القدوم إلى ألمانيا

نشرت العديد من وسائل الإعلام الدولية، من بينها صحيفة نيويورك تايمز، تقارير عن مدى تضرر القطاع الثقافي في ألمانيا جراء إلغاء أو تأجيل فعاليات تضمنت مشاركين يظهرون الدعم للفلسطينيين أو قالوا تصريحات حول الحرب بين إسرائيل وحماس  والتي اعتبرت أنها تصريحات  معادية للسامية .

ويتزايد عدد الحوادث المعادية للسامية في ألمانيا، مما يساهم أيضًا في زيادة درجة الحذر. وفي هذا السياق، تمت دعوة السياسيين الألمان للرد ورسم خط صارم ضد معاداة السامية، خاصة بالنظر إلى المسؤولية التاريخية للبلاد نتيجة لجرائم  الهولوكوست .

وفي شهر فبراير/ شباط الماضي، أثارت كلمات بعض المخرجين الحائزين على جوائز في مهرجان برلين السينمائي الدولي  ضجة بين السياسيين الألمان . وقال أحد الفائزين بالجائزة، وهو مخرج وناشط إسرائيلي، إنه تلقى تهديدات بالقتل في وطنه بسبب التغطية الإعلامية التي وصفت خطابه بأنه "معادٍ للسامية".

وتشير فخري إلى أنه في مثل هذا السياق، فإن العديد من ضيوف مهرجانه الفيلم "يخافون أن يأتوا إلى ألمانيا... أعني لا أحد منهم يريد أن يكون له رد فعل ثوري فيتم اتهامه بمعاداة السامية".

برلين.. إنطلاق الدورة 13 لمهرجان الفيلم العربي

كلمات مثيرة للضجة في ألمانيا

تقول فخري إن منظمي مهرجان الفيلم عقدوا جلسات تحضيرية مع صانعي الأفلام العالميين، الذين تمت دعوتهم لمناقشة بعض "الكلمات المثيرة للاستياء في ألمانيا"، "لكننا أخبرناهم أيضًا أن هذه المساحة لا تزال حرة وأننا لن نفرض عليها رقابة".

كانت مصطلحات مثيرة للجدل مثل "الإبادة الجماعية"، و"الفصل العنصري"، و"الاستعمار الاستيطاني" قد أثارت ضجة كبيرة في ألمانيا عندما استخدمت لوصف سياسات إسرائيل. وتم تجريم عبارة "من النهر إلى البحر" في ألمانيا من قبل وزارة الداخلية الاتحادية.

"قسم الضوء المسلط" في المهرجان، والذي يتم اختيار موضوعه دائمًا كرد فعل للصراعات الحالية، يحمل هذا العام عنوان: "هنا في مكان آخر: فلسطين في السينما العربية وخارجها". وتقول فخري إن معدي البرامج كانوا شفافين بشأن اختيار الموضوع مع داعميهم الماليين، الذين حافظوا على ثقتهم في الفريق. وهذا، على الأقل، ساعدهم على "الشعور بالأمان" بطريقة ما.

لكن مستقبل الحدث لا يزال غير مؤكد، مع العلم أن حكومة ولاية برلين، التي تمول أيضًا مهرجان الفيلم العربي، حاولت في يناير/ كانون الأول تنفيذ ما يسمى ببند مناهضة التمييز والذي لن يسمح لأي شخص يُنظر إليه على أنه أدلى "بتصريحات معادية للسامية" بالحصول على أموال دعم من المدينة.

وتقول باسكال فخري: "نحن ندرك تمامًا أن ما نقوم به غير مقبول بالنسبة لكثير من الجهات الفاعلة السياسية والثقافية في ألمانيا"، ولكن بالنسبة لفريق الفيلم، فإن تقديم منصة غير خاضعة للرقابة للحوار يبدو أمرا وجوديًا".

فيلم "الحياة حلوة"، للمخرج الفلسطيني محمد الجبالي في مهرجان الفيلم العربي في برلين
في فيلم "الحياة حلوة"، يروي المخرج الفلسطيني محمد الجبالي كيف أنه لم يتمكن من العودة إلى غزة بعد إغلاق الحدود أثناء وجوده في النرويج. لقد ظل عالقًا هناك بدون تأشيرة عمل لسنواتnull ALFILM

"كل قصة فلسطينية سياسية"

تمت دعوة المخرجة الفرنسية الفلسطينية الجزائرية لينا سويلم لافتتاح مهرجان الفيلم العربي بفيلمها الوثائقي "وداعًا طبرية"، وقالت إنها ليست بالضرورة أكثر توترًا لتقديم فيلمها في برلين من أي مكان آخر. "أعني، دائمًا من الصعب التحدث عن هذا الأمر بشكل عام"، حسبما قالت في حديثها لـDW . ولكن بما أن فيلمها الوثائقي يستند إلى قصة عائلتها الشخصية، فإنها تعرف أن هذه "التجارب الحياتية حقيقية وتستحق الوجود".

تدور أحداث فيلم "وداعا طبرية" حول أربعة أجيال من النساء الفلسطينيات القويات. في الفيلم الذي يجمع بين أفلام الوطن واللقطات الأرشيفية والصور الفوتوغرافية وقصص لم الشمل الأسري، تكتشف أن جدة سويلم الكبرى انتهى بها الأمر إلى تربية أطفالها الثمانية بمفردها بعد طرد الأسرة عام 1948 من منزلهم في طبرية، خلال الحرب التي أعقبت قيام دولة إسرائيل. وقد تم تشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين وطردهم خلال ما يشير إليه الفلسطينيون باسم "النكبة".

شخصية محورية أخرى في الفيلم الوثائقي لسويلم هي والدتها، الممثلة الفلسطينية الشهيرة هيام عباس (التي لعبت دور البطولة في مسلسل "الخلافة" أو "Succession"). غادرت عباس قريتها دير حنا لمتابعة مسيرتها التمثيلية في أوروبا، وهو شكل آخر من أشكال المنفى الذي أثر على هوية المخرجة الشابة، حينما نشأت في فرنسا وهي تتوق إلى فهم أفضل للخلفية التي جاءت منها.

الفيلم الوثائقي "وداعا طبرية" في مهرجان الفليم العربي في برلين
لينا سليمان (يمين الصورة) مع والدتها الممثلة الفلسطينية هيام عباس في مشهد من الفيلم الوثائقي "وداعا طبرية". null Frida Marzouk, Beall Productions

بالنسبة للمخرجة لينا سويلم، فإن استكشاف العلاقات الحميمة في سياق الأسرة الفلسطينية ينقل تلقائيًا التاريخ الجماعي للشعب. وتشير إلى أن "كل قصة فلسطينية هي قصة سياسية في حد ذاتها"، حيث "استمروا ليس فقط في البقاء على قيد الحياة، بل أيضًا في العيش بعد أن عاشوا تجربة التشريد الجماعي والحرمان من هويتهم كفلسطينيين، والتي هي تجربة كل فلسطيني، وتحديدًا منذ عام 1948."

الدور الحيوي لسرد قصص المهمشين

أنهت سويلم فيلمها، الذي عُرض لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي في سبتمبر/ أيلول الماضي وتم اختياره ليكون المدخل الفلسطيني لجوائز الأوسكار لعام 2024، قبل هجمات حماس الإرهابية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي والتي أدت إلى الرد الإسرائيلي في غزة.

يذكر أن حركة حماس ، هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.

ولكن حتى قبل ذلك، أي عندما صنعت سويلم فيلمها، "كان هناك بالفعل تجريد للفلسطينيين من إنسانيتهم، وحرمانهم من الهوية، وإسكاتهم. كل هذه الأشياء كانت بالفعل حقيقة واقعة"، حسبما تقول المخرجة، التي تضيف: "نحن نتحدث دائمًا عن الفلسطينيين ككتلة، كما لو كانوا شعبًا مجردًا. نتحدث عن غزة باعتبارها فكرة مجردة. ولكنها في الواقع أرواح وبشر".

وتتابع سويلم أنها "كانت متحمسة لصنع الفيلم لإعادة التعقيد إلى الفلسطينيين وحياة الفلسطينيين من خلال قصتي الشخصية، لأنه تم تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، ووصمهم بشدة".

هدف سويلم من فيلمها الوثائقي يعكس الرسالة المهمة لمهرجان الفيلم العربي في برلين: "في سياق القصص غير المرئية والمهمشة، تصبح الصور وسرد القصص أمرًا حيويًا. لأننا إذا لم نرو قصصنا، يُكتب التاريخ بدوننا"، حسبما تشير مخرجة الفيلم الوثائقي. وتواصل قائلة: "إن القدرة على سرد قصصنا ونقلها هي أيضًا وسيلة للبقاء على قيد الحياة. خاصة في سياق تختفي فيه الأرواح، ستكون السينما موجودة دائمًا لتتذكر هؤلاء الأشخاص، هذه الأرواح التي يتم إفناؤها".

تحرير: سارة هوفمان وتانيا أوت، أعده للعربية: صلاح شرارة