انتخابات البرلمان الأوروبي: ماذا أنجز المشرعون منذ 2019؟

تبدو قاعات وردهات البرلمان الأوروبي وقد تحولت إلى خلية نحل هذا الأسبوع، حيث قدم المئات من النواب المنتخبين إلى مقر البرلمان للتصويت على عدد قياسي من القوانين قبل الانتخابات المقررة في يونيو/حزيران. وخارج قاعة الهيئة الوحيدة المنتخبة بشكل مباشر في مؤسسة الاتحاد الأوروبي، تدافع الصحفيون للظفر بمكان مناسب من أجل إجراء المقابلات الأخيرة قبل أن يدخل السياسيون معترك الحملة الانتخابية بشكل جدي.

دورة تشريعية استمرت خمس سنوات شهدت عدة تقلبات ومنعطفات سياسية كبيرة، حيث انتقلت أوروبا من أزمة إلى أخرى: بدءا من  خروج بريطانيا  من الاتحاد الأوروبي، ثم أتت جائحة كوفيد-19، وبعدها مباشرة بدأت حرب روسيا في أوكرانيا.

ووسط هذه الفوضى، نتساءل ما الذي حققه البرلمانيون؟ وأين فشلوا في التغيير؟ DW تستعرض مسار هذه الدورة التشريعية للبرلمان الأوروبي منذ 2019 وحتى الآن.

 

الاتفاق الأخضر: الوفاء بالوعود لمكافحة تغير المناخ

في عام 2019، أعلنت المفوضية الأوروبية – الذراع التنفيذي للتكتل – عن خطة تقضي أنه بحلول عام 2030 ستقوم بخفض انبعاثات الدفيئة بنسبة 55 بالمئة، مقارنة بمستويات عام 1990، وأنها ستصبح محايدة تماما فيما يتعلق بالانبعاثات بحلول عام 2050. جاء ذلك في أعقاب ضغوط، منها تلك التي جاءت من المتظاهرين الشباب من أجل حماية المناخ الذين خرجوا إلى الشوارع. حينها أُطلق اسم "الموجة الخضراء" على فوز عدد قياسي من البرلمانيين الخضر بمقاعد في البرلمان الأوروبي.

ومنذ ذلك الحين، شارك البرلمان الأوروبي في التفاوض على عدد لا يحصى من القوانين المصممة للوفاء بهذا التعهد - بما في ذلك خطط لحظر السيارات ذات محركات الاحتراق في العقد المقبل وفرض ضريبة على بعض الواردات كثيفة الكربون في محاولة لجعل من يلوثون المناخ يقومون أيضا بتحمل التكلفة.

ميناء مورديك الهولندي
مما أقره البرلمان الأوروبي: خفض الانبعاثات الكربونية إلى أكثر من النصف بحلول عام 2030 null picture alliance

"لقد برهن البرلمان الأوروبي أنه مُشرّع محنك عندما يتعلق الأمر بالسياسة البيئية"، تقول بيجي كورلاند، رئيسة مكتب بروكسل لمؤسسة روبرت شومان، في حديث لـ DW.

لكن في هذه الأيام، تشير استطلاعات الرأي إلى  تراجع في شعبية الموجة الخضراء.  فالاحتجاجات في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي هذا العام دفعت بروكسل إلى تخفيف بعض قواعد الزراعة الخضراء، في محاولة لتخفيف الأعباء على المزارعين.

وقد انتقد نشطاء المناخ تخفيف قوانين حماية البيئة، معتبرين ذلك نكوصا عن الوعود المناخية السابقة.

 

القواعد الأولى في العالم بشأن الذكاء الاصطناعي وعمالقة التكنولوجيا

منذ عام 2019، أصدر الاتحاد الأوروبي أيضا مجموعة من القوانين التي تهدف إلى كبح جماح قوة شركات التكنولوجيا العملاقة. ففي العام الماضي، بدأ تطبيق قواعد بروكسل الجديدة التي تلزم المنصات عبر الإنترنت بمراقبة المحتوى الضار بشكل نشط. ويستعرض الاتحاد الأوروبي صلاحياته الرقمية الجديدة من خلال العديد من التحقيقات في مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك الإجراءات التي دفعت، مؤخرا، "تيك توك لايت" TikTokLite إلى إلغاء أجزاء من خطة المكافآت المثيرة للجدل.

البرلمان الأوروبي يناقش مشروع قانون الذكاء الأصطناعي

أندريا ريندا، باحثة بارزة في مركز دراسات السياسة الأوروبية، تقول لـDW: إن البرلمانيين لعبوا أيضا "دورا فعالا" في سن القوانين الأولى من نوعها، التي تنظم الذكاء الاصطناعي، مضيفين آلاف التعديلات القانونية التي تتعلق بـ"التوسع بشكل هائل" في استخدامات الذكاء الاصطناعي. وباتت هذه تخضع لرقابة أكثر صرامة من جانب الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، تحذر ريندا من أن التكتل يواجه الآن "مشكلة إنفاذ هائلة" (أي تطبيق هذه القوانين)، حيث أن كل تشريع مليء بإجراءات مختلفة. وتضيف لـDW: "هناك مجهود هائل يجب القيام به لتبسيط تطبيق" هذه القوانين.

 

إصلاح نظام الهجرة واللجوء: أخيرا انتهى الطريق المسدود

لقد كان لفترة طويلة أحد أكثر المواضيع الخلافية داخل الاتحاد الأوروبي: سياسة الهجرة واللجوء. لذلك جرى وصف الأمر بأنه نجاح كبير، عندما  أقر المشرعون في البرلمان الأوروبي،  وقت سابق من هذا الشهر، الإصلاحات الجديدة المتعلقة بالهجرة، بعد عقد من النقاشات والمفاوضات.

وبموجب القواعد الجديدة، سيتعين على كل دول من دول الاتحاد الأوروبي أن تستقبل حصة أكثر إنصافا من المهاجرين الذين يصلون إلى شواطئ وحدود الاتحاد الأوروبي، أو أن تدفع تعويضات للدول الأخرى. كما سيجري العمل على تسريع عمليات الترحيل، من خلال فصل طالبي اللجوء وفقا لمدى احتمال الموافقة على طلبات لجوئهم.

"من منظور تشريعي، وبالنظر إلى الفترة التي سبقت النتيجة التي رأيناها الآن، يمكن اعتبار ذلك نجاحا"، تقول هيلينا هان، محللة شؤون الهجرة في مركز السياسة الأوروبية، في لقاء مع DW.

ولكن هان ترى أن النتيجة، التي انتقدها مدافعون عن حقوق اللاجئين بشدة، أصابت أيضا العديد من نواب البرلمان الأوروبي بخيبة أمل. وتشرح ذلك بالقول: "السبب وراء إعطاء أعضاء البرلمان الأوروبي الضوء الأخضر في نهاية المطاف هو الحسابات البسيطة القائلة بأنه من الأفضل التوصل إلى اتفاق من عدمه. ومن المحتمل أن يؤدي عدم إقرار الإصلاحات إلى خسارة كبيرة في الانتخابات القريبة. ولذلك لم ترد أحزاب الوسط ويسار الوسط أن تعاني في الانتخابات"، فوافقت على الإصلاحات.

 

جواسيس في بيت الديمقراطية؟

ما زالت سلسلة من الفضائح المتعلقة بمحاولات تدخل من قبل قوى خارج الاتحاد الأوروبي تلقي بظلالها على البرلمان. في عام 2022 فتح الادعاء العام البلجيكي تحقيقا في مخطط مزعوم عن تلقي أموال مقابل النفوذ، فيما أطلق عليه اسم "قطر غيت" - رغم أن الدولة الخليجية تنفي أي تورط لها.

ثم ظهرت في تتابع سريع هذا الشهر، عدة تقارير عن  عملية دعائية روسية  من خلال نواب في البرلمان. وأخيرا جاء  اعتقال أحد الموظفين في البرلمان للاشتباه في تجسسه لصالح الصين.

هل تتجه أوروبا نحو اليمين؟

"أنا أتساءل ما هو التالي؟" تقول النائبة الألمانية من يسار الوسط غابرييله بيشوف، في حديثها لـDW، وتضيف "من المهم جدا أن نجعل ديمقراطيتنا أكثر مقاومةً في مواجهة التدخلات الأجنبية".

وعلى مدى العام الماضي، تحرك البرلمان من أجل تعزيز الحماية لمن يبلغون عن المخالفات، ومن أجل تشديد قواعد الشفافية الخاصة بأعضاء البرلمان الأوروبي.

 

دعم أوكرانيا ومعاقبة روسيا

يرى عضو البرلمان الأوروبي، النائب الأيرلندي الوسطي بيلي كيلر، في لقاء مع DW في ستراسبورغ، أن البرلمانيين استخدموا أيضا نفوذهم الناعم لدفع حكومات بلدانهم من أجل خفض الاعتماد على الغاز الروسي وتعزيز الدعم لأوكرانيا التي تواجه الغزو الروسي.

و"فيما يتعلق بمسألة العقوبات أيضا، كان البرلمان في المقدمة من أجل الضغط لزيادة قائمة العقوبات ضد روسيا لتقليل قدرتها على تمويل حربها في أوكرانيا"، يضيف يكيلر، وهو واحد من بين عدة أعضاء في البرلمان الأوروبي ممن زاروا أوكرانيا منذ فبراير/شباط 2022.

ولكن في نهاية المطاف، لا يملك البرلمان سوى القليل من السلطة الملموسة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية - فصناعة القرار هي من اختصاص حكومات دول الاتحاد الأوروبي، وكثيرا ما يقول البرلمانيون إنهم يستحقون نفوذا أكبر بهذا الخصوص، لأنه يتم انتخابهم بشكل مباشر من المواطنين.

لكن تعزيز النفوذ البرلماني لا يشكل أولوية بالنسبة لجميع السياسيين، كما يرى نيكولا بروكاتشيني، عضو البرلمان الأوروبي ورئيس مجموعة ECR اليمينية القومية، في حديثه لـDW، ويضيف: "يجب أن نحترم قرارات الحكومات الوطنية لأنها هي الممثل الحقيقي للشعب".

ومن المتوقع، بموجب استطلاعات الرأي، أن يحقق حزب بروكاتشيني، حاله كحال تياري الوسط واليمين المتطرف، مكاسب في شهر يونيو/حزيران المقبل على حساب قوى الوسط واليسار.

أعده للعربية بتصرف: ف.ي

بعد التشديد.. هكذا ستصبح إجراءات اللجوء الجديدة في الاتحاد الأوروبي

بعد ثماني سنوات من المفاوضات الصعبة مع الدول الأعضاء الـ27،   أقر البرلمان الأوروبي إصلاحات جذرية في نظام اللجوء في الاتحاد الأوروبي. ويهدف ما يسمى بميثاق الهجرة، والذي يتألف من ثمانية قوانين، إلى تقليل عدد الوافدين الجدد وتسريع إجراءات اللجوء وإتمام هذه الإجراءات على الحدود الخارجية. ووفقا لوكالة الإحصاء في الاتحاد الأوروبي "يوروستات"، فقد وصل عدد طلبات اللجوء العام الماضي إلى 1,14 مليون. وكانت الأعداد ترتفع بشكل مطرد خلال الأربع سنوات الماضية. وهذه الأعداد لا تشمل إيواء حوالي أربعة ملايين لاجئ حرب من أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي منذ عام 2022.

كيف ستتم إجراءات اللجوء على الحدود الخارجية؟

سيجري تحديد هوية طالبي اللجوء والمهاجرين غير النظاميين بوضوح عند وصولهم عن طريق البر أو البحر أو الجو في غضون سبعة أيام وتسجيلهم في سجل "يوروداك" البيومتري.

المهاجرون من البلدان التي يقل معدل الاعتراف باللجوء لأبنائها عن 20 بالمئة سيُحتجزون على الحدود لمدة تصل إلى 12 أسبوعا. وفي هذه المراكز، التي سيتم إنشاؤها في اليونان وإيطاليا ومالطا وإسبانيا وكرواتيا وقبرص، سيتم تحديد من سيتم إعادتهم إلى وطنهم دون مزيد من الفحص. وهذا يؤثر فقط على أقلية من الوافدين. وسيتسع كل مركز لـ30 ألف شخص.

بالمقابل يخضع المهاجرون من البلدان ذات معدل الاعتراف الأعلى لإجراءات اللجوء العادية. ولكن ينبغي تقصير هذه الإجراءات، فهي تستغرق حاليا سنوات في بعض الأحيان. بعد انتهاء الإجراءات سيتم  ترحيل طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم  مباشرة من الحدود الخارجية.

مركز إيواء لاجئين - جزيرة ساموس اليونانية
ستقام مراكز جديدة مغلقة تشبه السجن على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، كهذا النموذج في جزيرة ساموس اليونانيةnull Nicolas Economou/NurPhoto/picture alliance

كيف سيتم تخفيف الضغط عن الدول الواقعة على الحدود الخارجية؟

من خلال آلية توزيع تضامنية إلزامية سيتم نقل بعض طالبي اللجوء أو المهاجرين المعترف بهم، الذين لديهم فرصة جيدة للحصول على اللجوء، إلى دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي. أما الدول التي لا ترغب في قبول الأشخاص، مثل المجر، فسيتوجب عليها أن تدفع تعويضات على الأقل أو ترسل المعدات والموظفين إلى دول الاستقبال الأولية.

نظام التعويضات هذا لا ينص عليه القانون الجديد، ولكن يجب التفاوض عليه من قبل الدول الأعضاء على أساس كل حالة على حدة.

وإذا شعر بلد ما بأنه مثقل بالأعباء، فيمكنه تخفيف العديد من الإجراءات والمطالبة بمزيد من التضامن من بقية الدول الأوروبية. وعند وصول أعداد كبيرة من المهاجرين دفعة واحدة، تقرر الدول الـ27 معا إعلان حدوث "الأزمة"، لذلك سيكون هناك مجال كبير للخلافات السياسية.

كيف سيتم تخفيف العبء عن البلدان الأكثر إيواء للاجئين حاليا؟

انتقل العديد من طالبي اللجوء حتى الآن من اليونان أو إيطاليا مباشرة إلى ألمانيا أو النمسا أو فرنسا أو هولندا أو بلجيكا. ومن بينهم طالبو لجوء مرفوضة طلباتهم. الدولة المستقبلة الأولى (مثل إيطاليا أواليونان) ملزمة فعليا باستعادة هؤلاء المهاجرين، لأنها هي المسؤولة عن ملفاتهم.

حاليا لا تطبق هذه الممارسة. لذلك يقوم ميثاق الهجرة الجديد الآن بمراجعة القواعد مرة أخرى. وسيتم العمل على إضعاف حوافز الهجرة الداخلية، أو ما يسمى بعوامل الجذب من خلال توحيد الخدمات وشروط الاستقبال في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي.

موافقة ألمانيا على إصلاح قانون اللجوء.. ما التحديات؟

هل سيصبح ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين أسهل؟

ينص الاتفاق على ترحيل الأشخاص بسرعة أكبر في المستقبل إلى بلدانهم الأصلية أو بلدان العبور إذا كانت ضمن قائمة الدول الآمنة. ولتحقيق هذه الغاية، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إبرام المزيد من الاتفاقيات مع دول ثالثة حتى تتمكن من  استعادة المهاجرين المرفوضين. وكثيرا ما يشار إلى الاتفاق الأخير مع تونس كنموذج. حيث وافقت تونس على استعادة مواطنيها، مقابل المساعدات الاقتصادية.

ولكن الحكومة التونسية  لا تريد السماح للأشخاص من دول إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، الذين هاجروا إلى الاتحاد الأوروبي عبر تونس، بالعودة إلى تونس. وأدى اتفاق مع تركيا في عام 2016 إلى وصول عدد أقل من اللاجئين السوريين إلى اليونان لمدة أربع سنوات. لكن هذه الاتفاقية لم تعد سارية، لأن تركيا لم تعد تقبل باستعادة السوريين من اليونان.

كيف سيتم منع طلبات اللجوء المتعددة في أكثر من دولة أوروبية؟

في المستقبل، سيتمكن حرس الحدود في الاتحاد الأوروبي من تسجيل جميع الأشخاص الذين يدخلون البلاد بشكل كامل وتخزين بياناتهم البيومترية في سجل موسع يمكن استخدامه من قبل جميع السلطات في أوروبا. والهدف من ذلك هو تحديد ما إذا كان المهاجر الذي تم رفضه في اليونان يتقدم بطلب اللجوء مرة أخرى في النمسا مثلا، أو يسافر عبر عدة بلدان أخرى. وبالتالي يصبح من الأسهل ترحيل طالب اللجوء هذا إلى البلد الأوروبي الذي دخله أولا، ومن ثم ترحيله إلى بلده الأصلي.

كانت هناك عدة محاولات لفرض التسجيل الإلزامي منذ عام 2015، وكانت قاعدة بيانات "يوروداك" السابقة، التي كانت تخزن بصمات الأصابع فقط، تعاني من ثغرات وجوانب فنية كبيرة.

احتجاج داخل البرلمان الأوروبي ضد قوانين اللجوء الجديدة
عدة منظمات مدافعة عن حقوق اللاجئين وتيارات يسارية اعترضت على إقرار القواعد الجديدة التي تشدد إجراءات اللجوءnull OLIVIER HOSLET/EPA

لماذا يستمر الجدل حول اتفاق الهجرة؟

يقول مؤيدو الاتفاق إن هذه القواعد والإجراءات الأكثر صرامة التي تؤدي إلى تسريع عمليات الترحيل، سيكون لها تأثير رادع طويل المدى. وبالتالي سيصبح الأمر غير مجد لمن يفكر بالهجرة غير النظامية باتجاه الاتحاد الأوروبي. وسوف ينطلق عدد أقل من الأشخاص، لأن فرص البقاء في أوروبا حتى لو تم رفض طلب اللجوء الخاص بهم أو دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة ستنخفض.

فيما يحتج منتقدو الاتفاق قائلين إن حق اللجوء في الاتحاد الأوروبي سوف يتم تقويضه وإن من يحتاجون حقا إلى الحماية سيتم صدهم في المستقبل. معتبرين أن حالات الغرق والوفاة أثناء الفرار عبر البحر الأبيض المتوسط ستستمر.

ماذا بعد موافقة البرلمان الأوروبي؟

يتعين على مجلس الاتحاد الأوروبي، وهو الممثل للدول الأعضاء الـ27، أن يعطي موافقته مرة أخرى في نهاية أبريل/ نيسان. وهذا يعتبر إجراء شكليا. وعندما تصبح القوانين واللوائح الجديدة ملزمة قانونا، فإن السؤال الأهم هو ما إذا كانت الدول الأعضاء ستفي بالتزاماتها الجديدة وكيف ستفي بها.

هل ستقيم إيطاليا مراكز حدودية مغلقة قابلة للعمل بشكل سلس؟ هل ستبدي الدول الأوروبية الشمالية والشرقية حقا تضامنها وتقبل المهاجرين أو على الأقل تمول إيوائهم؟

وعلى العموم سيستغرق تنفيذ القواعد الجديدة ما يصل إلى عامين. لذا فلن يتضح الأمر إلا بعد سنوات قليلة ما إذا كان عدد طالبي اللجوء سينخفض فعلا.

أعده للعربية: ف.ي

 

تدفق قياسي للاجئين إلى أوروبا.. مادة دعائية للأحزاب المتطرفة

تقدم أكثر من 1.14 مليون شخص بطلب لجوء في الاتحاد الأوروبي في عام 2023، وفق الأرقام السنوية الصادرة عن وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء (EUAA). والرقم هو الأكبر منذ موجة اللاجئين الكبرى في عامي 2015 و2016.

بلغت حصة ألمانيا 29% من طلبات اللجوء، وبواقع نحو 334 ألف شخص يطلبون الحماية في عام 2023. وقد استغل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي ملف الهجرة لكسب المزيد من الشعبية ليرتفع تأييده إلى 19% في البلاد.

وجاءت فرنسا (167000) وإسبانيا (162000) وإيطاليا (136000) خلف ألمانيا كأكبر متلقين للطلبات. وتلقت قبرص أكبر عدد من الطلبات مقارنة بعدد سكانها البالغ 1.2 مليون نسمة، وبواقع مع 12 ألف طلب.

بلدان المنشأ

وكالعادة منذ سنوات، قدم السوريون أكبر عدد من الطلبات في عام 2023، حيث بلغ عددهم 181000. وظلت أفغانستان ثاني أكبر بلد منشأ، وبواقع 114 ألف طلب في عام 2023.

وشهد العام الماضي زيادة بنسبة 82% في عدد الأتراك المتقدمين للحصول على الحماية الدولية في الاتحاد الأوروبي، بما يزيد عن 100 ألف.

تعترف وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء (EUAA) بأن الأرقام الواردة في تقريرها السنوي لا "تنقل صورة كاملة" عن مجمل الوضع في الاتحاد الأوروبي، حيث لم يجري إحصاء 4.4 مليون أوكراني دخلوا الاتحاد الأوروبي منذ بداية الغزو الروسي. وجرى منحهم "الحماية المؤقتة" دون الحاجة إلى تقديم طلب رسمي للحصول على اللجوء.

وقفز عدد الفلسطينيين المتقدمين بطلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي إلى مستوى قياسي بلغ أكثر من 11 ألفاً، بعدما كان نحو 6700 في عام 2022.

يقول ألبرتو هورست نيدهارت، كبير محللي السياسات في "مركز السياسة الأوروبية" (EPC)، لـ DW: "الزيادة في الأعداد متوقعة، بسبب تزايد عدم الاستقرار الجيوسياسي في جميع أنحاء العالم، وخاصة تزايد الصراعات في مناطق ليست بعيدة عن أوروبا".

ألمانيا تسعى إلى استقطاب العمالة الماهرة من المغرب

اعداد قياسية على مستوى العالم

وخلص تقرير "الاتجاهات العالمية" الأخير الصادر عن وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى أن 110 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم نزحوا قسراً من منازلهم، بزيادة قدرها أكثر من 1.6 مليون شخص عن نهاية عام 2022.

وقالت كاثرين وولارد، مديرة المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين، وهي منظمة غير حكومية، لـ DW: "هناك أعداد قياسية من النازحين على مستوى العالم، ونرى أن 10%، قد يطلبون الحماية في أوروبا. إذا نظرنا إلى حركة النزوح العالمي ونسبة الأشخاص الذين يأتون بالفعل إلى أوروبا، فسنجد أن الأعداد ليست مرتفعة مقارنة بالبلدان الأخرى والمناطق الأخرى من العالم".

وحسب أرقام EUAA، تمت الموافقة على 43٪ من طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي في عام 2023.

إصلاح نظام اللجوء

وفي ديسمبر/كانون الأول، اتفقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي على إجراء إصلاح شامل لقوانين اللجوء والهجرة الخاصة بالاتحاد.

وتضمنت عملية الإصلاح أحكاماً للبت بشكل أسرع بطلبات طالبي اللجوء، وإنشاء مراكز احتجاز على الحدود، وترحيل سريع لطالبي اللجوء الذين تم رفض طلباتهم.

كما تضمنت "آلية تضامن" يتعين بموجبها على الدول التي لا يصلها عدد كبير من المهاجرين مساعدة الدول الأخرى باستضافة اللاجئين على أراضيه، والدول التي ترفض استقبالهم ستقدم مساهمات مالية أو مادية للدول التي تتحمل العبء الأكبر كإيطاليا واليونان ومالطا.

ووصف نائب رئيس المفوضية الأوروبية مارغاريتيس شيناس الاتفاق بأنه "اختراق"، لكن حكومة المجر وبولندا في ذلك الوقت عارضتا الاتفاق بشدة.

ويوضح ألبرتو هورست نيدهارت، كبير محللي السياسات في "مركز السياسة الأوروبية" (EPC): "علينا أن نضع في اعتبارنا أن هذه الإصلاحات لن تدخل حيز التنفيذ إلا اعتباراً من عام 2026. هناك أيضًا خطر المبالغة في تضخيم توقعات الناخبين، بأن هذه الإصلاحات ستحل جميع المشكلات المتعلقة بكيفية التعامل مع الهجرة بين عشية وضحاها".

يقوم حزب البديل من أجل ألمانيا بحملته الانتخابية على أساس وعد بتضييق الخناق على المهاجرين
يقوم حزب البديل من أجل ألمانيا بحملته الانتخابية على أساس وعد بتضييق الخناق على المهاجرينnull Klaus-Dietmar Gabbert/dpa/picture alliance

أصدرت "وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء" تقريرها السنوي في ظل احتدام الحملات الانتخابية لخوض غمار انتخابات لبرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران، وتشكل الهجرة أولوية قصوى بالنسبة للناخبين في العديد من دول الاتحاد الأوروبي.

فرصة للأحزاب اليمنيية المتطرفة

ويتوقع أحدث استطلاع للرأي حمل عنوان "منتخبو أوروبا" أن يفوز حزب البديل من أجل ألمانيا بـ 22 مقعداً من مقاعد ألمانيا في البرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران، وهو ثاني أعلى مجموع بعد كتلة تحالف الديمقراطيين المسيحيين والاتحاد الاجتماعي المسيحي.

وقال ألبرتو هورست نيدهارت، كبير محللي السياسات في "مركز السياسة الأوروبية" (EPC): "أتوقع أن تستغل الأحزاب اليمينية المتطرفة في ألمانيا ودول أوروبية أخرى أرقام [اللجوء] هذه لصالحها في حملاتها الانتخابية".

وأضاف "الحقيقة هي أيضا أن الأحزاب الأخرى من يمين الوسط ويسار الوسط والليبراليين، راهنت أيضاً بشكل كبير على إصلاحات الهجرة على أمل أن تقنع ناخبيها بأن موضوع الهجرة يتصدر أجنداتها".

ويقوم حزب البديل من أجل ألمانيا بحملته الانتخابية على أساس وعد بتضييق الخناق على دخول المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي وألمانيا.

كذلك تأمل الأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية الأخرى في فرنسا والنمسا وإيطاليا وفي جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي في تحقيق مكاسب انتخابية كبيرة. وإذا تمكنت أحزاب اليمين المتطرف من مختلف البلدان من تنحية خلافاتها جانباً والتوحد في البرلمان الأوروبي، فمن الممكن أن تصبح قوة رئيسية في عملية سن القوانين في الاتحاد الأوروبي.

أعده للعربية: خالد سلامة

ما هي "القوارب الشبح"؟ وما علاقتها بأعداد المهاجرين الغرقى؟

"لا أحد يعرف أين هم. لقد رأينا قاربا مكتظا للغاية، يبحر وسط أمواج عالية الخميس، وهو ما أفادت به منظمة هاتف الإنذار أيضا، ومنذ ذلك الحين تبحث العديد من الجهات الفاعلة عنهم. منذ أيام ونحن نتساءل هل ما زالوا على قيد الحياة؟"، هذا ما نشرته منظمة "سي ووتش" على صفحتها على منصة (X)، أمس الإثنين.

ولا تنفك المنظمات الإنسانية  تتحدث عن العثور على قوارب فارغة في عرض البحر، أو ما يعرف بـ"القوارب الشبح" (ghost boats)، وهي قوارب ترجح المنظمات أنها كانت تحمل مهاجرين قبل أن يتوهوا في البحر ويلقوا حتفهم.

"بالنسبة للسلطات، المهم أن عدد المهاجرين الوافدين آخذ في الانخفاض، أما بالنسبة لنا، فالفجوة بين المغادرين والوافدين كبيرة"

وبما أن الأرقام الرسمية لأعداد الغرقى  في البحر تتطلب الاستناد على معلومات مؤكدة أو العثور على جثث المهاجرين، تلاحظ المنظمات فجوة كبيرة بين أعداد المهاجرين المغادرين للسواحل الأفريقية وأعداد الوافدين إلى السواحل الأوروبية.

وشرح خوسيه بابلو باريبار، خبير الأنثروبولوجيا الطبية الشرعية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لمهاجرنيوز في نهاية نيسان/أبريل الماضي، أن "أعداد القوارب التي تغادر السواحل الأفريقية أكبر بكثير من القوارب التي يعثر عليها،  مصير هؤلاء المهاجرين  واضح، لقد اختفوا في البحر، أو عثر على قواربهم فارغة (ghost boats). بالنسبة للسلطات، المهم أن عدد المهاجرين الوافدين آخذ في الانخفاض، أما بالنسبة لنا، فالفجوة بين المغادرين والوافدين كبيرة، ومن واجبنا أن نحدد مصير هؤلاء المفقودين".

ومن المشاريع التي أطلقتها المنظمات لمتابعة هذه القوارب وإحصاء أعداد المفقودين  وتحديد هوياتهم، مشروع "المهاجرين المفقودين" التابع للصليب الأحمر الإسباني. ويحاول هذا المشروع جمع أكبر قدر من المعلومات عن  جثث المهاجرين  التي يعثر عليها، بالإضافة إلى معلومات عن المهاجرين الذين فقدوا على طريق الهجرة، وذلك عبر الاستماع إلى شهادات الناجين وفرق الإنقاذ، فضلاً عما يمكن الحصول عليه من الجانب الآخر للمحيط، سواء من عائلات المهاجرين أو أقاربهم الذين أبلغوا عن اختفائهم.

بعد ذلك، يربط الفريق هذه المعلومات مع بعضها باستخدام برامج وتطبيقات محوسبة تسهّل التعرف على الضحايا والمفقودين، وبالتالي التواصل مع ذويهم وإبلاغهم بمصير أبنائهم، خاصة إذا ما تمكنت من مطابقة الحمض النووي للجثث مع عائلاتهم. مثل تطبيق "DIVIDOC" الذي يسجل معلومات القبور والجثث، ويسمح للشركاء والعاملين في المجال ذاته بالوصول إليها. وأداة "SCAN" التي تسمح للشركاء العاملين في مجال  البحث عن المفقودين  وتحديد هويات جثث المهاجرين، بمشاركة وتعديل المعلومات التي يحصلون عليها من المصادر المختلفة، وذلك بهدف "جعل العلاقات بين هذه المعلومات مرئية".

"العثور بانتظام على مئات الجثث والرفات على الساحل الليبي"

وتعاني سفن الإنقاذ التابعة للمنظمات غير الحكومية، والتي تنشط في منطقة البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط، من التضييقات التي تفرضها السلطات الأوروبية، خاصة الإيطالية، والتي تحول دون تنفيذها عمليات الإنقاذ، وبالتالي "المزيد من القوارب الشبح".

وفي لقاء مع مهاجرنيوز في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أكدت مارغو بيرنارد، نائبة منسق المشروع على متن سفينة "جيو بارنتس" التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، "في معظم الأوقات اليوم، لا يمكننا القيام إلا بعملية إنقاذ واحدة، على الرغم من أن لدينا قاربا يتمتع بقدرة استيعاب كبيرة (تبلغ سعة جيو بارنتس 500 شخص). بالإضافة إلى ذلك، وبسبب إلزامنا بمغادرة منطقة البحث والإنقاذ مباشرة بعد  عملية الإنقاذ الأولى، فإننا نترك المنطقة فارغة تماماً، في ظل تخلي الدول الأوروبية عن مسؤولياتها في عمليات الإنقاذ في البحر".

وتضيف "تشكل هذه التعقيدات مصدر إحباط كبير بالنسبة لنا، خاصة وأنها تزيد من مخاوفنا إزاء زيادة  حوادث غرق السفن غير المرئية"، في إشارة إلى ما يعرف بقوارب "الشبح" التي تغرق في البحر دون أن يعلم أحد.

في كل عام، ووفقا لما تؤكده أيضا  المنظمة الدولية للهجرة، لا يمكن تسجيل العديد من حوادث غرق السفن، مشيرة إلى "العثور بانتظام على مئات الجثث والرفات على الساحل الليبي".

ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، لقي 2700 مهاجراً حتفهم في البحر الأبيض المتوسط، في 2023، مقارنة بـ2400 في 2022.

وبحسب المصدر ذاته، قضى ما يقرب من 900 مهاجر في 2023 أثناء محاولتهم الوصول إلى جزر الكناري، مقارنة بأكثر من 550 في عام 2022.

مهاجر نيوز 2024 

تزايد دور المغرب "كحارس" للحدود الأوروبية من الهجرة غير النظامية

يزداد دور المغرب "كحارس" للحدود الأوروبية من الهجرة غير النظامية  إذ صدر بيان حديث عن القوات المسلحة الملكية المغربية أفاد بإيقاف حوالي 87 ألف مهاجر غير نظامي العام الماضي بما يشكل زيادة كبيرة عن معدل عام 2022، الذي شهد تسجيل إيقاف 56 ألف مهاجر بين يناير / كانون الثاني وأغسطس / آب من ذاك العام.

وأشار الجيش في بيانه إلى أن معظم عمليات الإيقاف جرت قرب الساحل الغربي للمغرب.

الجدير بالذكر أن جزر الكناري الإسبانية تبعد حوالي مئة كيلومتر عن الساحل الغربي للمغرب.

وفي السياق ذاته، أفاد  بيان أوروبي  بوصول أكثر من 56 ألف مهاجر إلى الجزر الإسبانية انطلاقا من هذا المسار في الفترة ما بين يناير / كانون الثاني ونوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي، ما يمثل زيادة غير مسبوقة بلغت 82% مقارنة بعام 2022.

لكن ليس كل المهاجرين، الذين وصلوا إلى جزر الكناري، ينطلقون من المغرب، إذ يستقل العديد منهم سفنا صغيرة أو قوارب مطاطية للإبحار من الساحل الغربي لأفريقيا.

وكان العام الماضي مأساويا إذ لقي عدد قياسي من المهاجرين  حتفهم في عرض المحيط الأطلسي، فيما ذكرت منظمة "كاميناندو فرونتيراس" الإسبانية غير الحكومية أن 6618 مهاجرا قضوا حتفهم خلال رحلة الوصول من  المغرب  إلى جزر الكناري، ما يمثل معظم حالات الوفاة أي ضعف ما سُجل عام 2022.

وفي مقابلة مع DW، قالت سونيا حجازي، نائبة مدير "Leibniz and Zentrum Moderner Orient" (مركز لايبنتز للشرق الحديث)، وهو معهد بحثي ألماني، إن "هناك العديد من الأسباب وراء تزايد استخدام ما يُعرف بالطريق الغربي في ظل أن طرق (الهجرة) الأخرى تتسم بالخطورة".

وأضافت أن الظروف في ليبيا باتت أكثر قسوة حيث يتم اعتراض المهاجرين وإعادتهم بقسوة، فيما يجرى احتجازهم في سجون غير إنسانية، مشيرة إلى أن الدول الأخرى في منطقة شمال أفريقيا "ليست معروفة بتعاملها اللين مع المهاجرين".

في بداية العام الجديد، اعترضت القوات المغربية أكثر من ألف مهاجر غير نظامي كانوا يستعدون للتوجه إلى جيبي سبتة ومليلية
في بداية العام الجديد، اعترضت القوات المغربية أكثر من ألف مهاجر غير نظامي كانوا يستعدون للتوجه إلى جيبي سبتة ومليليةnull Fadel Senna/AFP/Getty Images

ميثاق الهجرة المغربي

وفي ضوء هذه المعطيات، من المتوقع ازدياد دور المغرب كحارس لما يُعرف بـ "بوابة الهجرة الأوروبية"، إذ بعد سبع سنوات من المفاوضات الماراثونية، اتفقت الرباط والاتحاد الأوروبي على  اتفاق بشأن الهجرة  أواخر العام الماضي.

وفي هذا الإطار، قام الرئيس التنفيذي للوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)، هانز ليتينز، بزيارة المغرب عدة مرات بهدف تعزيز الحوار والتعاون مع السلطات المغربية المنوط بها ضبط وإدارة الحدود.

وفي بيان، قال المسؤول الأوروبي إن "المغرب يبرز كشريك هام في أفريقيا".

وفي تعليقها، قالت كاميل لو كوز، المديرة المساعدة لمعهد سياسة الهجرة في أوروبا، إن من المهم التأكيد على أنه رغم التوصل إلى اتفاق، إلا أننا "بعيدون جدا عن تنفيذه".

وفي مقابلة مع DW أوضحت أن "هذا اتفاقا سياسيا سيحشد الاتحاد الأوروبي بموجبه ميزانيات وموظفين بهدف إنشاء بنية تحتية حتى يصبح اتفاق الهجرة أمرا حقيقيا في غضون سنوات قليلة".

في المقابل، قالت سونيا حجازي إن "طرفي المعادلة يتمثلان في دعم الاتحاد الأوروبي لمطالب المغرب الإقليمية، فيما يدعم المغرب السياسة الأوروبية الخاصة باللاجئين".

وقال مراقبون إن الالتزام المغربي واجه اختبارا مطلع العام الجاري. فعشية رأس السنة تمكنت القوات المسلحة الملكية المغربية من اعتراض واعتقال حوالي 1100 شخص من المغرب و الجزائر وتونس واليمن و بلدان جنوب الصحراء الكبرى كانوا في طريقهم إلى جزر الكناري وجيبي سبتة ومليلية الإسبانيين.

ويقع جيبا مليلية وسبتة على الساحل الشمالي للمغرب ويمثلان الحدود البرية الوحيدة للاتحاد الأوروبي مع القارة الأفريقية، ويتعرض الجيبان بانتظام لمحاولات دخول سرية.

 المصالح السياسية

وترى سارة زعيمي، نائبة مدير الاتصالات في المجلس الأطلسي للأبحاث ومقره واشنطن، أن المغرب ينظر إلى قضية "الهجرة بمثابة ورقة ضغط كلاسيكية في مفاوضاته مع الاتحاد الأوروبي".

وفي مقابلة مع DW، أضافت أنه بين عامي 2020 و2021 ووسط أزمة مع إسبانيا، "سمح المغرب عمدا لمهاجرين محليين ووافدين سريين باقتحام حدود جيبي سبتة ومليلية، مما تسبب في حالة ذعر كبيرة داخل الحكومة الإسبانية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي".

وأشارت إلى أن الواقعة أسفرت عن فرار حوالي ألفي شخص صوب حدود مليلية مما أدى إلى أعمال عنف و شغب دامت لساعات و أودت بحياة 23 شخصا في يونيو / حزيران عام 2022، مضيفة أنه تلى ذلك ظهور بوادر "ذوبان الجليد في العلاقات بين البلدين".

وقالت الباحثة إن هذا "الوضع مهد الطريق أمام تحقيق توافق بين المغرب وإسبانيا".

وبالإضافة إلى التعاون الحدودي، وافقت إسبانيا على مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب لحل النزاع في الصحراء الغربية، التي استقلت عن إسبانيا عام 1975، وتحولت موضع نزاع منذ عقود بين المغرب وجبهة البوليساريو.

وأصبح الإقليم الذي تعتبره الأمم المتحدة "إقليما غير متمتع بالحكم الذاتي وهو جزء من مستعمرة سابقة" كانت خاضعة لأسبانيا،  نقطة انطلاق مفضلة للمهاجرين  الطامحين إلى الوصول إلى جزر الكناري.

ويقول مراقبون إن إسبانيا لم تكن الدولة الغربية الوحيدة  التي تقبل بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، إذ في عام 2020 اعترفت الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الإقليم في إطار حيثيات "مقايضة" بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة بشأن التطبيع مع إسرائيل.

دعمت إسبانيا مؤخرا وقبلها الولايات المتحدة مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب لحل النزاع في الصحراء الغربية
دعمت إسبانيا مؤخرا وقبلها الولايات المتحدة مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب لحل النزاع في الصحراء الغربيةnull Toufik Doudou/AP/picture alliance

ومهد هذا الاعتراف الطريق أمام فتح العديد من القنصليات الأفريقية في العيون والداخلة، فيما دعمت دول الخليج الموقف المغربي عبر ضخ استثمارات في مجالات البنية التحتية والطاقة.

ويعد الإقليم أيضا موطناً لجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. وتقول البوليساريو إنها تمثل الشعب الصحراوي وتناضل من أجل استقلال الإقليم منذ حوالي 50 عاما. وتزامن ذلك، مع استمرار العلاقات المتوترة بين المغرب والجزائر.

المغرب وتحولات في السياسة الخارجية

وقالت سونيا حجازي إن "المغرب قد فرض مطالبه السياسية المتعلقة بالصحراء الغربية منذ عقود، لذا يشعر أنه وصل إلى نقطة الأمان. ولهذا السبب يمكنه استخدام سياسته الخاصة باللاجئين لممارسة المزيد من الضغوط لتعزيز التنمية المحلية".

لكن لا يبدو أن هدف المغرب يقتصر على الحصول على مساعدات مالية، بحسب ما أشارت إليه سارة زعيمي.

وفي ذلك، قالت إن "التغيرات الأخيرة في السياسة الخارجية المغربية تشير إلى أن المملكة باتت أكثر ثقة وأيضا أكثر مشاكسة، لذا أجد من الصعب تصديق أن المغرب يستخدم المهاجرين للاستفادة من المساعدات التنموية".

وأضافت زعيمي أن "الرباط برهنت على ذلك من الطريقة التي تمكنت من خلالها إدارة أزمة الزلزال"، في إشارة ضمنية إلى رفض المغرب معظم المساعدات الخارجية عقب كارثة زلزال سبتمبر / أيلول الماضي والذي أودى بحياة قرابة ثلاث ألاف شخص.

وأشارت إلى أن "المغرب يفضل الآن السيادة على علاقاته مع القوى الاستعمارية السابقة  وعلى ديناميكيات التبعية مع الاتحاد الأوروبي، خاصة مع تنويع الرباط لشركائها خارج المدار الغربي بما يشمل الإمارات والصين والسعودية وحتى روسيا وأمريكا اللاتينية ودول أخرى".

وأضافت أن المشاريع الاستثمارية الكبرى مثل الاستضافة المشتركة لكأس العالم 2030 مع البرتغال ومشروع النفق الرابط بين أوروبا وأفريقيا عبر مضيق جبل طارق وجذب الصناعات إلى الأراضي المغربية، أصبحت تتصدر أولويات الرباط.

 

أعده للعربية: محمد فرحان

مهاجرون معظمهم سودانيون في مواجهة موجة البرد الشديدة بباريس

على ضفاف نهر السين في العاصمة باريس، وفي مساء انخفضت فيه درجات الحرارة إلى ما دون درجتين تحت الصفر، يتجمع الشبان حول نار صغيرة أشعلوها بشق الأنفس، ويتبادلون أطراف الحديث في محاولة لإشغال أنفسهم عن البرد القارس والواقع المعقد لحياتهم دون مأوى.

يقطع حوارَهم صوتٌ قادم من بين الخيام "طعام.. جلبوا بعض الطعام"، في إشارة لإحضار بعض المتطوعين وجبات ساخنة. ينطلق المهاجرون  نحو نقطة التوزيع، فيما يبقى الضيف محمد بجانب النار، ويستدرك "سأبقى هنا لأحافظ على النار مشتعلة، أحضروا لي بعض الطعام".

يقول الشاب السوداني ذو الـ19 عاماً، "قالوا لنا إنه وبمجرد  الوصول إلى أوروبا، سنحصل على مسكن وسنلتحق بالجامعات والمدارس، انظر إلى حالنا، نعيش في الشارع على الرغم من هذا البرد الشديد".

ويعيش نحو 100 مهاجر، معظمهم سودانيون، في هذا المخيم العشوائي الواقع تحت جسر في شرق العاصمة باريس. ووصل معظم هؤلاء المهاجرين إلى فرنسا مؤخراً (أحدثهم وصولاً قبل يومين، وأقدمهم ثلاثة أسابيع)، ومنذ وصولهم، يقضون أيامهم في هذا المخيم المخفي بشكل تام تحت الجسر الذي نادراً ما يمر من أسفله المشاة، ولا يقطع رتابة أيامهم فيه سوى عبور الدراجات الهوائية بالقرب منهم.

"لا نعرف لماذا لم نبقَ في إيطاليا.. كان الوضع أفضل هناك"

وكل هؤلاء المهاجرين وفدوا إلى السواحل الإيطالية خلال الأشهر الماضية، بعد عبور البحر على متن قوارب متهالكة، لكنهم قرروا مواصلة طريقهم والقدوم إلى فرنسا.

يتابع الضيف محمد "وصلت إلى إيطاليا في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، بعد عبور البحر المتوسط على متن قارب مطاطي انطلق من ليبيا، وعلى متنه 43 شخصاً. وقررت مع مجموعة من رفاقي السودانيين  الانتقال إلى فرنسا. لم يكن لدي صراحة سببا واضحا دفعني للانتقال سوى أن اللغة الفرنسية تستخدم في أكثر من دولة على عكس الإيطالية".

يتناول قضيباً معدنياً ويبدأ بتحريك قطع الخشب المشتعلة، ويضيف "في إيطاليا كان الوضع أفضل، كنا نعيش في مراكز ومخيمات، لم ننم ولا ليلة واحدة في الشارع أو في العراء. لكن في فرنسا، نمت أول ليلة على الأرض دون خيمة، انتظرت حتى غادر مهاجر آخر من خيمته، ولجأت إليها من بعده، هذا هو الحال هنا".

وعند سؤالهم عن وضعهم القانوني وإجراءات طلبات لجوئهم، وإذا ما سمعوا عن اتفاقية دابلن ووجوب طلب اللجوء في أول دولة أوروبية يصلون إليها، شارك جميع المهاجرين الإجابة ذاتها: "لا نعلم، ولم تعرض علينا أي حلول بخصوص السكن أو الإقامة"، في إشارة إلى حالة من عدم الدراية  بالإجراءات القانونية  اللازم اتخاذها، بالإضافة إلى نقص التوجيه والإرشاد من قبل الجمعيات العاملة في المنطقة، والتي تحاول جاهدة التعامل مع حالة الطوارئ والبرد القارس، ونقص الطعام والأساسيات.

من جانبها، قالت صوفي وهي متطوعة في جمعية "يوتوبيا 56"، إن "الكثير منهم لا يعرفون حقوقهم. يصلون من إيطاليا إلى محطة أوسترليتز، ويبقون هناك".

أزمة إيواء المهاجرين والمشردين في فرنسا

وبحسب المهاجرين، لم يتعرضوا لأي مضايقات من قبل المارة أو من قبل السلطات، مشيرين إلى أن دوريات من الشرطة قدمت إلى المخيم أكثر من مرة لكنهم كانوا "لطيفين".

وفي حديث مع مهاجرنيوز، قال أنطوني من جمعية "سوا"، "نأتي إلى المخيم لتوزيع المساعدات أسبوعيا، يومي الأحد والإثنين. نحن نطهو الوجبات ونوزعها خلال جولاتنا، كما نقوم بتوزيع القهوة الساخنة. هذا المساء قمنا بتوزيع كل الكمية التي حضرناها، لأن هناك الكثير من  المهاجرين. ولم يكن لدينا ما يكفي للجميع. يحتاج هؤلاء الأشخاص إلى الملابس والخيام الخالية من الثقوب بقدر حاجتهم إلى الطعام".

مخيم عشوائي للاجئين في باربس
مخيم عشوائي للاجئين في باربس null Dursun Aydemir/AA/picture alliance

يعلق الضيف محمد "لا نعاني من مشكلة متعلقة بالطعام والشراب، الجمعيات تزودنا بذلك، لكننا لا نعرف ما الخطوة القادمة بخصوص الإيواء  أو الحصول على إقامات. ونعاني أيضاً من الانقطاع الكامل في الاتصال مع عائلاتنا في السودان".

وفيما يتعلق بإيواء هؤلاء المهاجرين، قالت صوفي "تمتلك المحافظة بضع مئات من الأماكن، وهو عدد ضئيل مقارنة بعدد الأشخاص في الشارع. نظام الإقامة في حالات الطوارئ عبر 115، مشبع تماما".

وفي مواجهة موجة البرد التي تشهدها البلاد حاليا، أعلنت مناطق فرنسية مختلفة تفعيل خطة "البرد الشديد" تباعا، وأتاحت منطقة "إيل دو فرانس" 50 مكانا لإيواء العائلات أو النساء العازبات، و50 مكانا للرجال ابتداءا من أول أمس الأحد، وفق صحيفة لوباريزيان.

كما أعلن وزير الإسكان، باتريس فيرجريتي، أنه سيتم تخصيص تمويل إضافي بقيمة 120 مليون يورو "لتعزيز نظام الإقامة في حالات الطوارئ". ومن المتوقع أن يغطي هذا المبلغ تكاليف 10 آلاف مكان إقامة جديد.

وبحسب الوزير، سيتم تخصيص هذه الزيادة في الميزانية لاستيعاب النساء والأطفال ممن يعيشون في الشارع دون مأوى، والذين يقدر عددهم بنحو 3000 شخص وفقا للجمعيات، بالإضافة إلى المساهمة في "إصلاح متعمق لنظام الإقامة  في الحالات الطارئة".

 مهاجر نيوز 2024

بلغاريا: نشاط الشبكات الإجرامية مستفحل في قطاع الهجرة واللجوء

تقع بلغاريا، على الطريق الرئيسي الذي يعبر منه المهاجرون المتوافدون على أوروبا من الشرق الأوسط وآسيا، الآملين في الوصول إلى دول غرب القارة.

تهريب المهاجرين وعبور الحدود إضافة إلى توطين اللاجئين في بلغاريا موضوع يعتريه فساد كبير، فدفع أموال لشرطة الحدود لمواصلة الرحلة إلى أوروبا الغربية أو رشاوى للموظفين الحكوميين لتأمين تسوية أسرع  لملف طلب اللجوء  ليس بالأمر الجديد في هذه الدولة.

ديانا ديموفا، تترأس منظمة حقوق الإنسان البلغارية Mission Wings، وعملت في مجال حقوق المهاجرين لمدة 25 عامًا. تقول إن   الفساد في بلغاريا  منتشر ومتغلغل على "جميع مستويات" المجتمع، مضيفة أنها سمعت بالعديد من القصص المرعبة في مكتبها. وحسب ما صرحت به في مقابلة مع مهاجر نيوز في 22 أغسطس/آب "الأرقام كبيرة، لدينا آلاف القصص".

وأضافت ديموفا في حديثها لمهاجر نيوز "سمعنا مؤخرًا معلومات صادمة، مفادها أنه حتى في المشارح، يتم تداول المعلومات المتعلقة بالمتوفى مقابل المال". وأوضحت أن إمرأة أفغانية مثلا، كانت تبحث عن شقيقها المفقود لمدة 11 شهرًا، أُجبرت على منح رشوة تناهز 2000 يورو (2150 دولار) لمسؤولين لأجل مساعدتها على التعرف على جثة شقيقها. وقالت لأعضاء المنظمة الحقوقية "مقابل عرض صورة واحدة لشخص متوفى، كان علي أن أدفع ما بين 30 و40 يورو [32 إلى 43 دولار]، وللاطلاع على ملف شخص واحد من المهاجرين الموتى، يجب أن تدفع 100 يورو [106 دولار]".
المهربون أكثر تقدمًا من السلطات!

عائلات سورية في مركز لايواء اللاجئين في بلغاريا
عائلات سورية في مركز لايواء اللاجئين في بلغارياnull InfoMigrants

عززت السلطات البلغارية في العام الماضي المراقبة والأمن على السياج الحدودي للبلاد مع تركيا. وتسعى بلغاريا إلى الانضمام إلى منطقة شنغن لتسهيل السفر منها وإليها بدون تأشيرة بحلول نهاية عام 2023، لكن يجب عليها أولاً أن توقف تدفقات  الهجرة غير القانونية  إلى الدول المجاورة لها. ولكن بسبب عصابات المهربين والضباط الفاسدين، لا يزال مئات المهاجرين قادرين على الدخول عبرها.

عبد الله*، شاب سوري ينتظر الحصول على رد حول طلب لجوء قدمه بعد وصوله إلى البلد، يقطن في مركز هارمانلي لاستقبال اللاجئين بالقرب من الحدود مع تركيا، وصل إلى بلغاريا منذ عام تقريبًا. قال في تصريح لمهاجر نيوز "الأشخاص الذين وصلوا إلى هنا كلهم جاؤوا عن طريق التهريب، أي دفعوا أموالاً للوصول إلى هنا". 

كما العديد من السوريين الآخرين في المخيم، يرسل أقارب عبد الله المتواجدين في دول مثل تركيا والمملكة العربية السعودية الأموال له بين الحين والآخر لمساعدته. وقال عبد الله لمهاجر نيوز: "نعلم أن الاتحاد الأوروبي يقدم الأموال للسوريين على شكل مساعدات، لكن البلغار يأخذونها منا".

منظمة الشفافية الدولية: بلغاريا تشهد فسادا كبيرا 

حميد خوشسيار، منسق ومترجم فوري في منظمة Mission Wings، يقول إن مهربي المهاجرين وعصابات الاتجار بالبشر "يعملون بشكل أفضل بكثير" من أي  هيئة رسمية  أو منظمة غير حكومية في البلاد. وأضاف في تصريحه لمهاجر نيوز: "لديهم شبكة جيدة جدًا، تساعدهم على العثور على الأشخاص وهم على اطلاع بكل الإجراءات".

احتلت بلغاريا المرتبة 72 على مؤشر الفساد لعام 2022 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية – وهو من أعلى مستويات الفساد في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

كانت البلاد قد شهدت تنظيم خمس انتخابات في العامين الماضيين، مع هيمنة النقاش حول الفساد على سياسة البلاد. وعرف حُكْمُ بويكو بوريسوف خلال فترة 2009-2021 انتشار قضايا الفساد، كما تم القبض على رئيس الوزراء السابق في مارس/آذار 2022 بتهمة إساءة استخدام أموال الاتحاد الأوروبي.

وارتبط الفساد المستشري في بلغاريا أيضًا بافتقار  السلطة القضائية  إلى الاستقلال، حيث اتُهم مكتب المدعي العام منذ فترة طويلة بالعمل كآلة للنخبة الحاكمة في بلغاريا لمنع التحقيقات مع أعضائها واستهداف خصومهم.
فساد يمتد إلى الحدود

ديموفا من منظمة Mission Wings، أوضحت أنه في بلغاريا كانت هناك العديد من التحقيقات مع ضباط شرطة الحدود الذين شاركوا في مخططات تهريب المهاجرين والاتجار بهم.

مركبة تابعة للشرطة البلغارية
مركبة تابعة للشرطة البلغاريةnull InfoMigrants

ويعد دفع الرشاوى للشرطة البلغارية أمرًا شائعًا، ولكن الأمر الأكثر شيوعًا هو دفع الرشاوى لأطراف ثالثة. يشمل هذا عادةً شخصًا مرتبطًا بالشرطة، مثل رجال شرطة سابقون، أو أقارب رجال شرطة، أو مجرمين عملت معهم الشرطة في الماضي.

ويقول كراسيمير كانيف، رئيس لجنة هلسنكي البلغارية "يمكن أن يكون أي شخص، الفساد عند المعابر الحدودية يمثل مشكلة كبيرة جدًا في بلغاريا". ويضيف رئيس المنظمة الحقوقية التي يوجد مقرها في صوفيا خلال حوار له مع موقع مهاجر نيوز "لا يقتصر الأمر على ضابط شرطة واحد فقط - بل العديد منهم ممن يتقاسمون الرشاوى"، معتبرا أن الفساد عبر الحدود هو أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل  أعداد الوافدين  غير القانونيين على البلد في ارتفاع دائم.

إن الفساد بين رجال السلطة يساهم في ازدهار أعمال شبكات التهريب في البلاد، التي أصبحت دولة عبور ذات شعبية كبيرة بسبب الفساد المستشري فيها. يعمل أشخاص في مناصب السلطة مع  المهربين  على نقل المهاجرين إلى بلغاريا ومنها، وعادةً ما تكون الوجهة النهائية لهم هي أوروبا الغربية أو الوسطى.
كيف تعمل شبكات التهريب؟

مارين نيكولوف صحفية استقصائية بلغارية تعمل لدى محطة الإذاعة المحلية الخاصة bTV في العاصمة صوفيا. وفي مايو/أيار، عثرت هي وزميلها على بعض مقاطع الفيديو على تطبيق "تيك توك" تظهر رجلاً يقطع السياج على الحدود البلغارية التركية. 

تحكي نيكولوف لمهاجر نيوز أن الشخص الذي يلقب نفسه بـ "البارون الكردي" يقوم بنقل الناس إلى بلغاريا، وأنه يعلن كل يوم عن رحلة جديدة، مقابل 150 يورو (161 دولارًا). وقد تعاونت نيكولوف مع شخص يتحدث العربية للتخفي، وأجرت مكالمة هاتفية مع البارون الكردي.

أطفال سوريون في بلغاريا
أطفال سوريون في بلغارياnull InfoMigrants

وقال نيكولوف: "لست متأكدة إن كان هو نفسه من أجاب على الهاتف، لكن رجلاً شرح لنا باللغة العربية الخدمة التي يقدمها، وهي نقل بشكل غير قانوني من بلغاريا إلى ألمانيا". "نقل شخصين من بلغاريا إلى ألمانيا سيكلف 5000 يورو، إما عن طريق الحدود مع رومانيا أو الحدود مع صربيا، ودفع المبلغ سيكون في المكتب في العاصمة صوفيا"، هذه خلاصة الخدمة حسب الصحفية.

"تقع هذه المكاتب في وسط العاصمة صوفيا، وهي متاجر صغيرة  لأنشطة تجارية  لا صلة لها بالتهريب والسفر"، تقول مارين نيكولوف.

يحصل المهاجرون الطامحون الذين يأملون في  مواصلة الرحلة إلى بلد آخر  في أوروبا على رمز رقمي في أحد هذه "المكاتب" بمقابل، وأوضحت الصحفية أن المهاجر يمرر هذا الرمز إلى المهرب، الذي يتصل بعد ذلك بشخص ما في "المكتب" للحصول على الأموال حتى يتمكن من القيام بالرحلة. 

يعد المهربون المهاجرين بتوفير المأوى وجعل الرحلة مريحة قدر الإمكان. وأوضحت نيكولوف أنه "لسوء الحظ، لا يحدث هذا في كثير من الأحيان. غالباً ما يتعرض المهاجرون إلى مشاكل خلال الطريق، وعدد هائل منهم يتم احتجازهم عندما يحاولون الدخول لدول أخرى".
أسرار العصابات مكشوفة في بلغاريا!

حسب الصحفية نيكولوف يمكن لأي شخص التواصل مع المهربين عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، "فلماذا لا تتصل المديرية العامة لمكافحة الجريمة المنظمة هاتفيا بهم، وتصل إليهم للقضاء على هذا النشاط غير القانوني"، مضيفة أن "وزارة الداخلية لا تفعل شيئا، وأن هناك "مظلة حماية من الأعلى موفرة لشبكة تهريب البشر في بلغاريا. ومن المحتمل بنسبة 90 بالمئة، أن بعض المسؤولين الذين يعملون لدى السلطات يتسترون على المهربين. لكن نيكولوف أشارت إلى أنه ليس من الصحيح "انتقاد الشرطة فقط حول كل التسيب، لأنهم يجدون صعوبة في القيام بعملهم بسبب   التدفق الهائل للمهاجرين  نحو بلغاريا".

العام الماضي، قدرت عمليات صد المهاجرين بنحو 5270، وأثرت على 87650 شخصًا على الحدود البلغارية التركية، وفقًا للجنة هلسنكي البلغارية، كما يعتقد أن  الأرقام الحقيقية  أعلى من ذلك بكثير. وهذا الرقم هو تقريبًا ضعف العدد المسجل في عام 2021 – أي حوالي 2510 عملية صد شملت ما يقرب من 45000 شخص. وفي عام 2020، أفادت اللجنة أن حوالي 15,170 شخصًا قد تأثروا من عمليات الصد.

لكن في بلغاريا تصدر "أحكام مخففة" على المهربين حسب نيكولوف"هناك نوع من الإفلات من العقاب، وأعتقد أن هناك معارضين للتغييرات القانونية التي يراد إحداثها في البلد، ومن الممكن أن يكون هناك أيضًا ضغط من أجل استمرار عصابات التهريب وعملها داخل البلد".
في التهريب "ربح مادي كبير"!

تساقط الثلوج في بلغاريا
تساقط الثلوج في بلغارياnull DOYCHINOV/AFP

تتفق ماريا تشيريشيفا، وهي صحفية استقصائية بلغارية أيضا مقيمة في العاصمة صوفيا، مع نيكولوف في أن المتورطين في عمليات التهريب لديهم "حافز مهم للغاية" لمواصلة أعمالهم.

وقالت تشيريشيفا لموقع مهاجر نيوز إن "بلغاريا شهدت حالات متعددة لاعتقال حرس الحدود لمشاركتهم في مخططات التهريب على مر السنين، كما تم اعتقال مسؤولين رفيعي المستوى. لكن المشكلة هي أن هذه الجرائم في بلغاريا لا تعقبها عقوبات صارمة".

العثور على جثث في شاحنة!

وفي فبراير/شباط، عثرت الشرطة على 18 جثة لمهاجرين من أفغانستان، من بينها جثة طفل، في شاحنة مهجورة بالقرب من العاصمة صوفيا. وكانت الشاحنة تنقل الأخشاب وتحمل في مقصوراتها نحو 40 مهاجرا. وتم العثور على جميع الناجين في حالة صحية سيئة للغاية وتم نقلهم إلى المستشفى. وقد أصيب بعض الضحايا بالاختناق. وقال مسؤول كبير في الشرطة إن أحد المشتبه بهم الأربعة المحتجزين كان قد حكم عليه بالفعل بتهمة الاتجار بالبشر.

وقالت تشيريشيفا نعقيبا على الأمر "هنا لا يتم التحقيق في   التهريب  بشكل جيد، إنهم يفلتون من الغرامة ويستمرون في عملهم، فهم يكسبون أموالاً طائلة من هذا العمل". وأشارت الصحفية إلى أن العقوبات الصارمة أيضا لن تضع حدا لهذه العصابات. موضحة أن "المشكلة تكمن في إدارة الحدود بأكملها".
الفساد في مراكز اللاجئين

تلقت منظمة Mission Wings البلغارية غير الحكومية العديد من الشكاوى من المهاجرين حول تعرضهم للابتزاز من قبل الموظفين والمترجمين الفوريين في مراكز اللاجئين. وقالت ديموفا لموقع مهاجر نيوز إن الموظفين اتُهموا بالمطالبة بدفع مبالغ تتراوح بين 50 إلى 750 يورو مقابل نقلهم إلى غرفة أفضل، أو تسريع إجراءات اللجوء أو عملية لم شمل الأسرة.

فلاديسلاف داميانوف هو مدير مشروع في مؤسسة كاريتاس صوفيا الخيرية الكاثوليكية، يعمل مع اللاجئين بشكل منتظم. قال في تصريح لمهاجر نيوز "في بعض الأحيان نتفاجأ بأن بعض الأشخاص يحصلون على وضع لاجئ بسرعة كبيرة على حساب أشخاص آخرين ينتظرون أحيانًا لسنوات".

لم تستجب وزارة الداخلية البلغارية لطلب مهاجر نيوز للتعليق على الفساد في الحدود، وأيضا حول قبول مسؤولين في الدولة والشرطة لرشاوى من المهربين والمتاجرين، والابتزاز والرشوة داخل مخيمات اللاجئين ونظام اللجوء.

وقالت شرطة الحدود البلغارية لموقع مهاجر نيوز إنه لا يمكن الرد لأن الأمر يتعلق بـ "الأمن القومي"، مضيفة أن رئيس شرطة الحدود تم إقالته في بداية الصيف وأن الوكالة تمر بمرحلة انتقالية.

مهاجر نيوز 2023

 

ماذا وراء تصاعد أعمال العنف على الحدود البلغارية التركية؟

رغم أن عمليات الإرجاع محظورة بموجب قانون الاتحاد الأوروبي (EU) والقانون الدولي، فإن ممارسات تجري على الحدود البلغارية التركية تنتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية لاتفاقية اللاجئين لعام 1951، الذي ينص على أنه لا يجوز إعادة اللاجئين إلى بلد يواجهون فيه تهديدات خطيرة لحياتهم أو حريتهم.

ففي العام الماضي وحده، تعرض ما يقدر بنحو 5,268 مهاجرًا، يرتبطون بـ87,647 شخصًا، لعمليات الإعادة على الحدود البلغارية التركية، ما أثر على حياة جميع هؤلاء، وذلك وفقًا للجنة هلسنكي البلغارية التي استندت إلى التسجيلات من آلية مراقبة الحدود الوطنية، بينما يُعتقد أن الأرقام الفعلية أعلى من ذلك بكثير.

وهذا الرقم هو تقريبًا ضعف العدد المسجل في عام 2021، والذي شهد 2513 عملية إرجاع شملت 44988 شخصًا، بينما بعام 2020، أفادت اللجنة أن 15,173 شخصًا تضرروا من  عمليات الإرجاع  التي قامت بها السلطات البلغارية.

كراسيمير كانيف، رئيس لجنة هلسنكي البلغارية، وهي منظمة غير ربحية مكرسة لحماية حقوق الإنسان، يصف لـ"مهاجر نيوز" عمليات الإرجاع بأنها: "مشكلة خطيرة للغاية" في بلغاريا.

ويتابع: "كان هناك أشخاص قُتلوا، وأصيبوا بجروح خطيرة، وتم إرجاعهم وماتوا في الثلج في تركيا... كانت هناك العديد من هذه الحالات، أشخاص تعرضوا لسوء المعاملة الجسدية، التي أدت في بعض الأحيان إلى الوفاة... واستخدام الأسلحة النارية الذي أفضى ببعض الأحيان إلى الموت…".

فيما أكد المهاجرون  والعاملون في المجال الإنساني وخبراء حقوق الإنسان لموقع "مهاجر نيوز"، في مقابلاتٍ أجريت معهم بين حزيران/يونيو وآب/أغسطس 2023، أن العنف ضد المهاجرين وعمليات الإرجاع على الحدود البلغارية التركية زادت في العامين الماضيين.

لكن من جانبها أكدت الحكومة البلغارية أنه "تم إجراء عمليات فحص لإشارات الصد الرسمية التي قدمها الأجانب الذين حاولوا عبور حدود الدولة البلغارية بشكل غير قانوني. وانتهت عمليات التفتيش بالتوصل إلى عدم وجود دليل على العنف الجسدي".

فتح مركز استشارة للمهاجرين في العاصمة صوفيا
فتح مركز استشارة للمهاجرين في العاصمة صوفيا null BGNES

وقال متحدث حكومي بلغاري لـ"مهاجر نيوز": "إن العديد من مزاعم "الإرجاع" لا أساس لها من الصحة".

الحدود البلغارية التركية تشهد قفزة في أعداد المهاجرين الوافدين

في العام الماضي تلقت بلغاريا نحو 20 ألف طلب لجوء، "وهو أعلى رقم في عام واحد على مدى 30 عامًا من الإحصائيات المسجلة"، بحسب ما صرح بوريس تشيشيركوف، مسؤول العلاقات الخارجية في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في صوفيا، لـ"مهاجر نيوز"، شارحًا أن البلدان الأصلية لمتقدمي اللجوء  ببلغاريا هي سوريا وأفغانستان والمغرب، مضيفاً أن هذا الاتجاه استمر إلى حد كبير في عام 2023.

إذ يدفع استيلاء طالبان على أفغانستان في عام 2021 والصراع المستمر في سوريا المواطنين إلى السفر إلى بلغاريا، في حين أن استمرار عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي في تركيا المجاورة - بالإضافة إلى الآثار المدمرة لزلزال فبراير/شباط - يدفع السوريين الذين كانوا يعيشون سابقًا هناك إلى عبور الحدود إلى بلغاريا.

بينما دفعت عمليات التقديم البطيئة وغير الفعالة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي الكثيرين إلى  البحث عن طرق غير رسمية  لدخول أوروبا، عبر الاستعانة بمهربي البشر.

لذلك أكد مركز الاتصال الثلاثي بين بلغاريا واليونان وتركيا عند نقطة التفتيش الحدودية "كابيتان أندريفو" أن الحدود البلغارية التركية شهدت موجة قوية أخرى من الهجرة غير النظامية في العام الماضي، لذلك فإن الوقاية على رأس أولوياتها.

وقال متحدث باسم شرطة الحدود البلغارية في المركز الثلاثي لـ"مهاجر نيوز": "القضية الأولى والأكبر هي الجريمة عبر الحدود المتعلقة بالهجرة غير القانونية".

يمكن القول إن ارتفاع أعداد المهاجرين يزيد من احتمالية عمليات الصد. ويستهدف المهاجرون بشكل متزايد الحدود البلغارية التركية في الوقت الذي تعزز فيه الدول الأوروبية الأخرى إجراءاتها الأمنية.

لاجئون سوريون في بلغاريا
لاجئون سوريون في بلغارياnull InfoMigrants

وقال كانيف من لجنة هلسنكي: "في الماضي، كانت الهجرة عبر اليونان أكبر بكثير من الهجرة عبر بلغاريا، لكن الحكومة اليونانية اتخذت بعض التدابير للقيام بدوريات بحرية. فحدودهم محمية بشكل جيد للغاية. وحدودهم البرية مع تركيا أقصر. كما أن حماية الحدود البلغارية  صعبة للغاية لأنها تمر عبر جبال، وأوضح أنه من الصعب للغاية تركيب التكنولوجيا وتأمين الإشراف المناسبين عبر هذه الحدود.

التشديد باليونان كان نقطة تحول في بلغاريا

في هارمانلي بالقرب من الحدود البلغارية التركية، يعمل حميد خوشسيار، كمترجم ومنسق في مؤسسة Mission Wings ، وهو على تواصل يومي مع المهاجرين في مركز استقبال اللاجئين في المدينة، يقول خوشسيار: "المزيد من المهاجرين بدأوا يحاولون دخول الاتحاد الأوروبي عبر الحدود البلغارية التركية بعد تحول الحكومة اليونانية إلى اليمين في عام 2019، ما أدى لارتفاع الأرقام بشكل أكبر في العام الماضي".

ويضيف خوشسيار لـ"مهاجر نيوز": "منذ حوالي عام، بدأنا نرى ممارسات جديدة، كان الناس يأتون إلى مكتبنا للتسجيل... بسبب زيادة عدد عمليات الإرجاع على الحدود.. وبعدها، تم التصعيد على الحدود وأصبح مكثفا للغاية، وتزايد عدد القوات الحكومية أيضًا، فحتى الجيش بدأ بمساعدة شرطة الحدود والدرك [الشرطة العسكرية]، كما زاد عدد عمليات الصد والعنف كثيرًا... فالناس يمنحون أنفسهم الحق في تفسير القانون".

وبحسب خوشسيار فإن السلطات البلغارية تقوم بتجريد المهاجرين من ملابسهم على الحدود قبل "إعادتهم إلى تركيا دون أي ملابس"، ويشرح: "لقد سمعنا أيضًا الكثير عن الضرب على الحدود. وكان بعض المهاجرين يقولون إنه عندما ألقت السلطات البلغارية القبض على مجموعة، كان هناك ستة أو سبعة ضباط يفتحون بابًا صغيرًا على الحدود، يؤدي إلى ما يشبه النفق، وكانوا يضربون كل من يعبر".

العديد من المهاجرين أخبروا خوشسيار أن هذه هي المرة الخامسة أو السادسة التي يحاولون فيها دخول الأراضي البلغارية، الذي كانوا يحددون له ألوان ملابس القوات التي شاركت بصدهم، والتي يعرفها بالفعل فشرطة الحدود يرتدون اللون الأخضر، وقوات الدرك اللون الأزرق الداكن، والشرطة اللون الأزرق، لذلك بحسب خوشسيار "المشاركين بصد المهاجرين ليسوا قوة واحدة".

يشعر خوشسيار بالقلق أيضًا بشأن عمليات الإعادة المتسلسلة، وهي ممارسة غالبًا ما بدأتها الدول الأوروبية حيث يتم إرجاع الأشخاص عبر بلدان متتالية متعددة، ويشرح: "سمعنا من الناس أن الشرطة البلغارية اعقلتهم، ثم بدأت بضربهم وأعادتهم إلى اليونان. وبعد ذلك، بدأت الشرطة اليونانية في ضربهم وأعادتهم إلى تركيا، فهذه  عمليات صد متسلسلة".

ضرب.. وتجريد من الملابس.. وسرقة.. وإطلاق نار

نحو 700 مهاجر عبروا الحدود البلغارية التركية مروا عبر مركزها الاستشاري في مدينة ستارا زاغورا في العام الماضي، بحسب ديانا ديموفا، رئيسة منظمة حقوق الإنسان البلغارية Mission Wings، التي أضافت لموقع مهاجر نيوز: "الممارسات التي أجمع المهاجرون على أنها تمارس ضدهم هي: التجريد من ملابسهم، وسرقة الأغراض الشخصية والهواتف والأموال، والضرب من قبل الشرطة بالهراوات، والتحرش بالكلاب البوليسية، والاحتجاز غير القانوني لمدة 24 إلى 72 ساعة في أماكن غير منظمة".

مركبة تابعة لقوات الدرك البلغارية (قوة شرطة خاصة ذات وضع عسكري) خارج مركز استقبال اللاجئين في هارمانلي
مركبة تابعة لقوات الدرك البلغارية (قوة شرطة خاصة ذات وضع عسكري) خارج مركز استقبال اللاجئين في هارمانليnull InfoMigrants

سافرت ديموفا مع زملائها إلى تركيا لتصوير شهادات العشرات من اللاجئين الذين رووا أنهم تعرضوا للإيذاء والطرد، لذلك رأت أن هناك جهودًا كبيرة من السلطات "للتستر على هذه الجرائم".

يسير العديد من المهاجرين عبر مناطق الغابات الكثيفة، ويعبرون متنزه ستراندجا الطبيعي على الحدود مع تركيا، ويمشون عادةً لمدة أربعة إلى ثمانية أيام دون طعام أو ماء، ويقوم المهربون "بإعطائهم حبوبًا لتحمل الرحلة"، وبحسب ديموفا فإن "الكثيرين يعانون من الجفاف والإرهاق إلى أقصى الحدود. وتموت أعداد كبيرة من الناس في الغابات، معظمهم في منطقة بلدية سريديتس"، بينما غالبًا لا تستجيب شرطة الحدود لإحداثيات نظام تحديد المواقع (جي بي إس) التي يقدمها المهاجرون المنكوبون إلى الخطوط الساخنة في أوروبا".

"عادةً ما نتصل بالرقم 112 الذي يرسل الإشارة إلى شرطة الحدود. وقد وجدنا أنه في كثير من الحالات، لا تبحث شرطة الحدود عنهم على الإطلاق أو تتركهم لمصيرهم. وفي معظم الحالات، عندما يتم الاتصال بالرقم 112 بإصرار يتم تقديم المساعدة وقالت ديموفا لمهاجر نيوز: "تم البحث عنهم، ووصلوا إلى مكان المأساة، وقاموا بتحميل الناجين وإعادتهم إلى الأراضي التركية. ليس لدى بلغاريا نظام فعال  لإنقاذ اللاجئين المنكوبين، حيث يُترك العديد من هؤلاء الأشخاص ليموتوا في الغابات".

وتختم ديموفا حديثها: "منذ أكثر من 10 أشهر، ونحن نخضع للتحقيق بسبب الشكوك التي عبرت عنها الوكالة الحكومية لشؤون اللاجئين بأننا متورطون في الاتجار وتهريب الأطفال اللاجئين غير المصحوبين بذويهم. وقد قامت أجهزة الأمن الوطني بالضغط علينا ومضايقتنا لمدة عام تقريبًا، في محاولة منها ومنعونا من مساعدة القادمين من الحدود البلغارية التركية".

الصحفيون يفضحون إطلاق النار على المهاجرين

حالات الإرجاع المرهقة والعنيفة تجعل الأمر صعبًا على المهاجرين تحديد الأشخاص المسؤولين عن الأعمال غير القانونية: هل هم شرطة الحدود البلغارية، أو الدرك، أو ضباط وكالة الحدود الأوروبية وخفر السواحل (فرونتكس)، أو حراس الأمن الأهلية.

وتروي صوفيا باهوديلا، العاملة باللغة العربية في كاريتاس بلغاريا، قصة علي الحسيني، الشاب الذي حصل على وضع الحماية في بلغاريا، وتشرح كيف أنه عندما سافر إلى الحدود للعثور على شقيقه في عام 2022، تم تجريده من ملابسه وضربه وسرقته ثم دفعه إلى تركيا. وبعد أسبوع من المحادثات مع محام ورحلة إلى اسطنبول، تمكن من العودة إلى بلغاريا، لكنه اضطر إلى الانتظار خمسة أشهر أخرى لإعادة إصدار بطاقة هويته. وفي الوقت نفسه، تم ترحيل شقيقه من تركيا إلى أفغانستان.

وتضيف باهوديلا أن "كل شيء يعتمد بشكل كبير على الأشخاص الذين يعملون كحرس حدود"، بينما كاريتاس على دراية كبيرة بالمهاجرين الذين "يعانون من صدمة شديدة عند دخولهم البلاد"

رفضت الحكومة البلغارية مرارًا وتكرارًا الاتهامات بأن حرس الحدود التابع لها أطلقوا النار على لاجئ سوري في أكتوبر/تشرين الأول 2022 بعد أن أظهر مقطع فيديو تم نشره بعد شهرين من الحادثة إطلاق النار على رجل على الحدود البلغارية التركية.

كان الفيديو جزءًا من تحقيق مشترك أجرته العديد من وسائل الإعلام الأوروبية أبرزهاLighthouse Reports ومقرها هولندا، وفي مقطع فيديو منفصل تم التقاطه بعد أيام، عرّف الرجل عن نفسه بأنه عبد الله الرستم من سوريا يبلغ من العمر 19 عامًا.

وقال إن ضباط الحدود البلغاريين  أطلقوا النار عليه بعد أن تم القبض على مجموعته أثناء محاولتهم دخول بلغاريا بشكل غير قانوني. وخلص التحقيق إلى أن لاجئين غير مسلحين تعرضوا لإطلاق النار من نفس الموقع على الجانب البلغاري، حيث شوهدت شرطة الحدود.

ماريا تشيريشيفا، وهي صحفية بلغارية مقيمة في العاصمة صوفيا، شاركت بتحقيق لايت هاوس، لكن منذ ذلك الحين، مُنعت من الوصول إلى الحدود البلغارية التركية في مناسبات عديدة، وقالت إنها نادراً ما تتلقى تعليقات من الحكومة على عملها.

وقالت تشيريشيفا لموقع مهاجر نيوز: "لم تكن هناك معلومات أو تقدم في هذا التحقيق، الحدود منطقة تخضع لمراقبة مشددة. لذلك نحن نتساءل لماذا بعد رفض سلطات كلا البلدين (تركيا وبلغاريا)، لم يتم إحراز أي تقدم فيما يتعلق بهذا التقرير، الذي تم بثه على نطاق واسع في وسائل الإعلام الأوروبية الكبرى".

وأوضحت لـ"مهاجر نيوز" أن شهادات المهاجرين الذين تم إعادتهم وتعرضوا للعنف على الحدود "نادرًا ما تؤخذ في الاعتبار"، مضيفة أنها تعاملت مع عدد من الحالات المماثلة، لكن من الصعب للغاية إثبات من تسبب في أعمال العنف وكيف تم ذلك".

مخاطر متزايدة على النساء والأطفال

تواجه النساء اللاتي يحاولن دخول أوروبا عبر الحدود البلغارية التركية مخاطر متزايدة للعنف الجنسي، وتقول ديموفا لـ"مهاجرنيوز": "لدينا حالات لنساء قلن إنهن تعرضن للعنف، بما في ذلك العنف الجنسي، في طريقهن إلى بلغاريا على أيدي المهربين أو ضباط الشرطة في تركيا. واضطرت بعض النساء إلى دفع ثمن رحلتهن إلى أوروبا عن طريق ممارسة الجنس بسبب عدم وجود أموال كافية".

بينما يبقى من الصعب تسجيل حالات الاغتصاب والإساءة لأن "العديد من النساء لا يعترفن بأن العنف المرتكب ضدهن يمثل مشكلة، أو لأنهن يخجلن من مشاركة قصصهن".

من جهتها أكدت لجنة هلسنكي البلغارية أنها تلقت تقارير من مهاجرين  عن حالات تحرش جنسي واغتصاب، واستشهد رئيس اللجنة كراسيمير كانيف بمهاجرة أبلغت اللجنة بأنها جُردت من ملابسها وتعرضت للتحرش الجنسي على يد السلطات البلغارية، وقال: "أظن أنها تعرضت للاغتصاب أيضًا، لكنها لم تقل ذلك".

بينما أكدت الصحفية تشيريشيفا أن القاصرين غير المصحوبين بذويهم يواجهون أيضًا مخاطر كبيرة على الحدود البلغارية التركية، لأنه "لا يوجد أحد لحمايتهم على الطريق، ويمكن أن تنشأ العديد من المشاكل".

وقالت تشيرشيفا إنها أجرت مقابلات مع العديد من المهاجرين الذين تعرضوا للعنف على الحدود عندما كانوا قاصرين، إذ تم احتجاز أحد الصبية الذين قابلتهم في مركز ببلغاريا وكان يتوقع أن تبدأ إجراءات اللجوء الخاصة به، ولكن بدلاً من ذلك تم إعادته إلى تركيا حيث تعرض للاختطاف، وكان آخر ما سمعته تشيرشيفا عن الطفل هو أنه تم إنقاذه من قبل لاجئين آخرين  يعيشون في تركيا، وتعبر عن أسفها قائلة: "مع كل هذا العنف الذي يحدث على طول الحدود، ليس فقط من قبل السلطات ولكن من خلال جميع أنواع الجماعات الإجرامية، أشعر بقلق بالغ بشأن مصير هؤلاء الأطفال".

عائلات سورية في بلغاريا
عائلات سورية في بلغاريا null InfoMigrants

أما خوشسيار من Mission Wings قال بمقابلة مع "مهاجر نيوز" إنه صادف طفلين مهاجرين غير مصحوبين بذويهما في هارمانلي، وهما أخ وأخت يبلغان من العمر 12 و14 عامًا، وبعدما أوضح لهما كيفية الوصول إلى  مركز الاستقبال، لأنه يجب على مركز الاستقبال تسجيلهم. علم أنهما وضعا بالسيارة وأعيدا إلى تركيا.

بلغاريا "دولة مسالمة"، كما يقول الحلاق السوري

على الرغم من تصاعد التوترات على الحدود البلغارية التركية، روى العديد من المهاجرين ببلغاريا الذين تحدث إليهم موقع "مهاجر نيوز" قصصًا إيجابية عن كيفية ترحيب البلاد بهم.

ومنهم أحمد،اسم مستعار، وهو حلاق سوري يقيم في صوفيا. سافر إلى بلغاريا مع مجموعة من الأصدقاء في عام 2015، وقال لمهاجر نيوز من محل الحلاقة الذي يملكه في وسط العاصمة البلغارية: "لقد جئت عبر الجبال لمدة ثلاثة أيام وعبرت الحدود بين تركيا وبلغاريا، وكان الوضع صعبًا للغاية، صعبًا بالفعل.. بالنسبة لي شخصيًا، لم تكن هناك مشاكل فيما يتعلق بوثائق اللجوء".

وعندما سُئل عما إذا كان لديه أي مشاكل مع شرطة الحدود أثناء الرحلة، أجاب: "لا، أناس طيبون جدًا، حقًا. أقسم لك. لقد عشت في تركيا لمدة تسعة أشهر. وكان هناك أشخاص سيئون في الشرطة بتركيا، وليس هنا، جئت إلى بلغاريا بسبب  الشرطة في تركيا، وهم أناس سيئون للغاية، أنا أحب بلغاريا... أحبها، بلد طيب مسالم..." ختم مبتسمًا.

مهاجر نيوز 2023

 

 

هجرة الأيدي العاملة إلى ألمانيا .. قواعد جديدة وتسهيلات مغرية

هناك نقص كبير في الأيدي العاملة المتخصصة الماهرة في ألمانيا بمختلف القطاعات وعلى رأسها: المعلوماتية والرعاية الصحية (التمريض والعناية بالمسنين) والتقنية والشحن والحرف اليدوية المختلفة. والقانون الذي تم إصداره الصيف الماضي بشأن هجرة الأيدي العاملة المتخصصة، من المقرر أن يزيل العقبات التي تعيق هجرة الأيدي العاملة الماهرةمن خارج لاتحاد الأوروبي إلى ألمانيا.

والقواعد الجديدة بشأن الهجرة ستدخل حيز التنفيذ على ثلاثة مراحل، لكي تتمكن الدوائر الرسمية المسؤولة من تطبيقها. وأولى التعديلات القانونية والقواعد الجديدة دخلت حيز التنفيذ في الثامن عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.

البطاقة الأوروبية الزرقاء

اعتبارا من الآن يمكن لحملة الشهادات الجامعية والمماثلة لها، الذين يحملون البطاقة الأوروبية الزرقاء، الهجرة إلى ألمانيا من دون مراجعة ما إذا كان هناك مواطن ألماني أو من دول الاتحاد الأوروبي يمكنه شغل الوظيفة، ومن دون تقديم أي إثبات بشأن مستوى إتقانه اللغة الألمانية. وبالنسبة للراتب السنوي فقد تم خفضه إلى 40 ألف يورو سنويا للمهن التي هناك نقص كبير فيها للأيدي العاملة و44 ألف يورو سنويا بالنسبة للمهن الأخرى.

أما القائمة الحالية للمهن التي فيها نقص كبير للأيدي العاملة، فتضم: الرياضيات والمعلوماتية والعلوم الطبيعية والهندسة والطب. وسيتم توسيع هذه القائمة لتضم مهنا أخرى من بينها: التربية والرعاية الصحية.

أما بالنسبة لقطاع المعلوماتية (تكنولوجيا المعلومات)، فإنه حتى بدون حيازة شهادة جامعية يمكن الحصول على البطاقة الأوروبية الزرقاء، إذا كانت لدى المتقدم للوظيفة خبرة عملية لا تقل عن ثلاث سنوات.

فتاة من السلفادور أثناء التدريب المهني لرعاية المسنين في فايمر بألمانيا 19.10.2022
تم تسهيل هجرة العاملين في مجال الرعاية الصحية ومساعديهم إلى ألمانياnull Gero Breloer/dpa/picture alliance

مرونة أكبر في منح تصريح الإقامة

من يفي بشروط الأيدي العاملة المختصة مع تأهيل مهني أو جامعي، له الحق في الحصول على تصريح للإقامة في ألمانيا. حتى الآن كانت البعثات الدبلوماسية ودوائر شؤون الأجانب تتمتع بهامش من التقدير. وعلاوة على ذلك جرى رفع القيود المتعلقة بالعمل في المجال المهني، الذي تم تعلمه أو دراسته، فمثلا يمكن للميكانيكي أن يعمل في المجال اللوجستي. أم بالنسبة للمهن التي يتم تنظيمها وممارستها بقانون مثل الطب والقانون والتعليم، فتبقى القيود والقواعد المنظمة سارية المفعول.

أيضا بالنسبة لمهنة قيادة سيارات الشحن تم تسهيل شروط ممارستها من قبل الوكالة الاتحادية للعمل، إذ تم إلغاء شرط اللغة والأولوية لشغل الوظيفة.

تغيرات أخرى ستدخل حيز التنفيذ اعتبارات من الأول من مارس/ آذار 2024.

الهجرة مع خبرة مهنية

حتى الآن كانت معادلة الشهادة حاجزا بيروقراطيا كبيرا في ألمانيا، لكن يمكن الاستغناء عنه بالنسبة للعمال المختصين ذوي الخبرة الذين لديهم تأهيل مهني. فمن يحمل تأهيلا مهنيا معترفا به في بلده ولديه خبرة عملية لا تقل عن سنتين، يمكنه الهجرة إلى ألمانيا، طبعا باستثناء المهن التي يتم تنظيمها وممارستها بموجب قانون محدد في ألمانيا. وبالنسبة للمختصين في مجال المعلوماتية فإنهم ليسوا بحاجة إلى شهادة.

شاب متدرب في مجال التأهيل لمهنة بالصناعات المعدنية في رامشايد 12.02.2020
تم تسهيل الهجرة إلى ألمانيا بغية البحث عن فرصة عمل أو تدريب مهنيnull Rupert Oberhäuser/picture alliance

الشراكة في الاعتراف

من كان بحاجة لمعادلة شهادته في ألمانيا لممارسة مهنة تعادل تأهيله المهني أو الأكاديمي، يمكنه أن يبقى في ألمانيا ثلاث سنوات من أجل ذلك. ويمكنه خلال ذلك العمل لمدة 20 ساعة أسبوعيا. كذلك بالنسبة لطلاب الجامعات والتأهيل المهني أيضا سيتم السماح لهم بالعمل لمدة أطول (ساعات أكثر) إلى جانب دراستهم وتعليمهم.

وإذا كانت هناك اتفاقية شراكة اعتراف بين رب العمل في ألمانيا والمتقدم للوظيفة من بلد ثالث (خارج الاتحاد الأوروبي) فيمكن للأيدي العاملة المتخصصة الهجرة إلى ألمانيا والعمل مباشرة، وذلك خلال فترة سير إجراءات الاعتراف بشهادتهم في ألمانيا. ويمكن تمديد إقامتهم حتى ثلاث سنوات، بشرط توفر تأهيل مهني لمدة عامين على الأقل ومعرفة باللغة الألمانية مستوى A2.

إلى جانب المختصين بالرعاية الصحية، يمكن مستقبلا للمساعدين الصحيين، الذين لديهم تأهيل مهني في التمريض أقل من ثلاث سنوات العمل في ألمانيا أيضا.

لم الشمل

لدى لم الشمل بالنسبة للزوج أو الزوجة والأطفال القصر، يجب على العامل المهاجر أن يثبت قدرته على إعالتهم، لكن دون الحاجة إلى إثبات توفر مساحة كافية للسكن، كما هو معمول به حتى الآن. وإضافة إلى ذلك يمكنهم لم شمل أبويهم أو الحمو أو الحماة أيضا إذا حصل هؤلاء العاملون على تصريح إقامتهم بداية من الأول من مارس/ آذار 2024.

تغييرات أخري ستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الأول من يونيو/ حزيران 2024.

تحدٍ مهني لبنائي الأسطح

بطاقة الفرصة للباحثين عن عمل

اعتبار من الأول من يونيو/ حزيران، من المفترض أن يبدأ العمل ولأول مرة ببطاقة الفرصة مع نظام النقاط. حيث يمكن بموجبها للناس السفر إلى ألمانيا والإقامة لمدة عام بحثا عن فرصة عمل، بشرط تأمين معيشتهم خلال هذه الفترة. ومن يستطيع إثبات معادلة مؤهلاته المهنية الأجنبية، يعتبر عاملا ماهرا ويحصل على البطاقة دون شروط أخرى. أما ما عدا ذلك فيجب توفر شهادة جامعية أو شهادة تأهيل مهني لا تقل مدة الحصول عليها عن عامين، بالإضافة إلى إثبات معرفة باللغة الألمانية مستوى A1 أو اللغة الإنكليزية مستوى B2 على الأقل.

وبالإضافة إلى ذلك سيتم منح النقاط للأمور التالية: الخبرة المهنية، والاعتراف بالمؤهل في ألمانيا، والعمر والمستوى اللغوي للألمانية أو الإنكليزية والصلة بألمانيا وإمكانية هجرة شريك أو شريكة الحياة معا. ويسمح للعمال المهرة الذين يحملون بطاقة الفرصة، العمل حتى 20 ساعة أسبوعيا، ولو على سبيل الاختبار. ويمكن تمديد مدة البطاقة حتى عامين، إذا كان هناك عقد عمل للتوظيف المؤهل.

قاعدة غرب البلقان

هناك قاعدة أخرى تتعلق بمواطني دول البلقان، والتي تسمى قاعدة غرب البلقان لاستقدام العمال المهرة من ألبانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو والجبل الأسود وشمال مقدونيا وصربيا، وهي سارية الآن ولمدة غير محددة. واعتبارا من الأول من يونيو/ حزيران 2024 ستتم مضاعفة حصة هذه البلدان لتصبح 50 ألف عامل سنويا.

أندريا غروناو/ عارف جابو/ص.ش

الاتحاد الأوروبي- زيادة في طلبات اللجوء ومساعدات عاجلة لتونس لمكافحة الهجرة

أعلنت وكالة الإحصاء الأوروبية (يوروستات)، الجمعة (22 سبتمبر/ أيلول 2023)، تسجيل زيادة بنسبة 25% في عدد طلبات اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي في يونيو/ حزيران 2023، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.

وفي حزيران/يونيو الماضي، تقدم 83 ألفا و385 شخصا بطلب للحصول على حماية دولية في واحدة من الدول الأعضاء بالاتحاد وعددها 27 دولة.

ورغم ذلك، فإن هذا العدد يقل عن الأعداد التي تم تسجيلها في خريف 2022، عندما كان يتم تقديم نحو 100 طلب شهريا للاتحاد الأوروبي، بحسب بيانات يوروستات.

وعلى غرار الشهور السابقة، كان السوريون أكبر مجموعة ممن طلبوا اللجوء للاتحاد الأوروبي في حزيران/يونيو 2023، يليهم الأفغان ثم الفنزويليون، ثم الكولومبيون. واستقبلت ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا سويا نحو 75% من إجمالي طلبات اللجوء في حزيران/يونيو 2023. وبالنظر إلى عدد طلبات اللجوء مقابل تعداد السكان في كل دولة من دول الاتحاد، تلقت قبرص أكبر معدل من طلبات اللجوء تليها النمسا، بحسب يوروستات.

مساعدات عاجلة لتونس بقيمة 127 مليون يورو

ومن ناحية أخرى، أعلنت المفوضية الأوروبية اليوم الجمعة عن حزمة مساعدات عاجلة لتونس بقيمة 127 مليون يورو لدعم جهود مكافحة الهجرة غير النظامية.

وقالت المفوضية في بيان لها إن 60 مليون يورو من المساعدات ستوجه لدعم موازنة الدولة فيما 67 مليون يورو لتمويل برنامج في مجال الهجرة، موضحة أنه سيجري صرف هذه المبالغ تباعا خلال أيام. وتربط المفوضية هذه الخطوة بخطة لامبيدوزا المكونة من عشر نقاط والهادفة إلى مساعدة إيطاليا في احتواء تدفقات الهجرة الوافدة من السواحل التونسية والليبية.

تونس - طريق هجرة نشط جديد إلى أوروبا

ويأتي الإعلان عن تقديم المساعدات بعد محادثة هاتفية بين المفوض الاوروبي المكلف بالجوار أوليفر فاريلي ووزير الخارجية التونسي نبيل عمار بشأن تطبيق مذكرة التفاهم الموقعة في منتصف تموز/ يوليو الماضي، بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية ومهربي البشر والدعم الاقتصادي والمالي.

وقالت المفوضيةإن وفدا أوروبيا سيزور تونس الأسبوع المقبل لمناقشة سبل تطبيق بنود المذكرة ولا سيما الإجراءات ذات الأولوية. وتتضمن المذكرة دعما مباشرا لخفر السواحل التونسي بقيمة 105 ملايين يورو وستوجه لتجديد سفن البحث والانقاذ والمعدات وحماية المهاجرين في تونس بالتعاون مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وبرامج العودة وإعادة الإدماج من تونس إلى بلدان الأصل، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة.

وقالت المفوضية إنها تعمل على تسريع تنفيذ هذه البرامج بما يساعد على مجابهة الوضع العاجل في لامبيدوزا. وأوضحت المفوضية أنه من المتوقع أيضا توفير سفن جديدة وكاميرات حرارية وغيرها من المساعدات، إلى جانب التدريب اللازم. ويمثل هذا الدعم المالي جانبا من حزمة مساعدات طويلة الأمد تضمنتها مذكرة التفاهم وتشمل أيضا حوالي 900 مليون يورو.

ص.ش/ف.ي (د ب أ)

ألمانيا ترحل المزيد من طالبي اللجوء المرفوضين

شهد النصف الأول من العام الحالي ارتفاعا في عدد الأشخاص الذين تم ترحيلهم من ألمانيا بنسبة تزيد عن الربع.

وجاء في رد من وزارة الداخلية على استجواب من حزب اليسار القول إن عدد من تم ترحيلهم في الشهور الستة الأولى من العام وصل إلى 7861 شخصا بارتفاع بنسبة نحو 27%. وكان من بين الأشخاص المرحلين 1664 امرأة و1375 قاصرا.

ووفقا لرد وزارة الداخلية، كان أكثر من تم ترحيلهم من مواطني جورجيا (705 شخص) تلاهم مواطنو مقدونيا الشمالية (665 شخصا) ثم الأفغان (659 شخصا) ثم الأتراك (525 شخصا).

يذكر أن الأشخاص الذين تم رفض طلب اللجوء المقدم منهم أو الذين انتهت صلاحية تأشيرتهم أو تصريح الإقامة الخاص بهم، يتعين عليهم مغادرة ألمانيا، وتلتزم السلطات المختصة بشؤون الأجانب بأن تقوم بترحيلهم في حال عدم مغادرتهم طوعا إلا في حال وجود موانع كالإصابة بمرض أو غيرها من الأعذار.

لكن هذا الإجراء غالبا ما يفشل، ففي النصف الأول من العام الحالي تم تسجيل 520 محاولة ترحيل فاشلة أكثرها بسبب مقاومة الأشخاص المعنيين ورفض الطيارين أو شركات الطيران ورفض الشرطة الاتحادية.

ومن جانبها، انتقدت المتحدثة باسم حزب اليسار لشؤون اللجوء، كلارا بونغر ارتفاع عدد المرحلين وقالت: " في الغالب يتم إجبار أشخاص تحت التهديد أو استخدام القوة على العودة إلى أماكن يواجهون فيها خطر الحرب والفقر المدقع وانعدام الآفاق. هذا تصرف غير مسؤول".

ارتفاع عدد المغادرين طواعية أيضا

كما زاد أيضا عدد الأشخاص، الذين غادروا ألمانيا طواعية. وبحسب موقع "تغس شاو" الألماني، غادر 4892 شخصًا البلاد بتمويل من الحكومة الاتحادية، و 2309 شخصًا بتمويل من قبل الولايات الاتحادية والسلطات المحلية.

وبالإضافة إلى ذلك، وفقًا للمعلومات، تم إعادة 2186 شخصًا دخلوا البلاد بشكل غير قانوني مباشرة إلى الحدود في الأشهر الستة الأولى من هذا العام.

 ف.ي/ ص.ش (د ب أ)

أملا في بلوغ أوروبا: "التغريبة السورية" تتواصل عبر ليبيا!

من سوريا إلى ليبيا فأوروبا، ينطلق مهاجرون سوريون في رحلة محفوفة بمخاطر قد تكلّفهم حياتهم، تبدأ بتوجيه رسالة عبر الهاتف إلى مهرّب، قبل الانتقال إلى ليبيا ثم الإبحار عبر المتوسط... إلى المجهول.

يعتمد السوريون المنهكون من مآسي الحرب على مهرّبين ينقلونهم من بلدهم إلى ليبيا الغارقة في أزماتها أيضاً، ليعبروا منها إلى أوروبا، وجهة أحلامهم، إن حالفهم الحظ ولم تبتلعهم مياه البحر، الذي تعد منطقته الوسطى "أخطر طريق هجرة" في العالم.

وتُعد ليبيا منطلقاً أساسياً لمهاجرين من دول عدة يبحرون على متن مراكب متهالكة ومكتظة من دون ما يكفي من الطعام والمياه ومن دون أبسط معايير السلامة.

في حزيران/يونيو الماضي، غرق مركب صيد انطلق من ليبيا وعلى متنه 750 شخصاً بينهم 141 سورياً على الأقل، قبالة شواطئ اليونان. لكن خفر السواحل أنقذ 104 ركاب منهم فقط.

مهربون عن بعد!

ويقول مهرّب في محافظة درعا الواقعة تحت سيطرة قوات النظام السوري في جنوب سوريا، لوكالة فرانس برس، "ننهي العمل كلّه عبر الهاتف". ويضيف "إذا وافق الشخص على تفاصيل العرض، نطلب نسخة من جواز سفره ونحدّد مكاناً يضع فيه المبلغ المتفّق عليه. لسنا بحاجة لأن نلتقي أحداً".

وتُشكّل مكاتب سفر عدة في المحافظة واجهة لمهرّبين متخصّصين في تنظيم رحلة الهجرة، وفق ما يقول مهاجرون من درعا لفرانس برس.

وتلقّت فرانس برس بعدما راسلت أحد المكاتب عبر تطبيق "واتساب" منتحلة صفة طالب هجرة، عرضا مقابل 6500 دولار، يتضمن تأمين موافقة أمنية ليبية، وتذكرة سفر، واستقبالا ونقلا في ليبيا، وإقامة في فندق أو شقق مفروشة، فضلاً عن سترة نجاة وكلفة الإبحار إلى إيطاليا.

ويجزم مقدِّم العرض أن المنامة لن تكون في مستودع أو مخزن، وأنّ بإمكان المسافر الاحتفاظ بحقيبته وهاتفه الخلوي، وهما أمران يجمع مهاجرون على أنه لا يتم الالتزام بهما.

ومنذ استعادة القوات الحكومية السيطرة عليها في 2018، تعاني محافظة درعا التي شهدت موجات هجرة واسعة خلال السنوات الماضية بحسب سكان ومهاجرين، من فوضى أمنية تتخلّلها اغتيالات واشتباكات وتهريب مخدرات. ويشكو سكانها كما أهل باقي المحافظات من أزمة اقتصادية خانقة.

ويقول المهرّب الذي بدأ نشاطه قبل نحو خمس سنوات، "في العام الأول، أخرجنا مجموعة واحدة، أما الآن فنخرج مجموعة كل شهر"، مضيفاً "تبيع الناس منازلها للمغادرة". ويروي أنه يحجز من سوريا تذاكر السفر وينظّم عملية الدفع لدى طرف ثالث، تكون أحياناً وفق مهاجرين، شركة صيرفة تتقاضى عمولة. وينصّ الاتفاق مبدئياً أن يتسلّم المهرب المال بعد بلوغ المهاجرين وجهتهم.

"جالية سورية كبيرة في ليبيا"

من مناطق سيطرة الحكومة السورية، يمكن السفر إلى شرق ليبيا عبر رحلات جوية مباشرة بين دمشق وبنغازي أو العبور إلى لبنان والسفر عبر شركات طيران مختلفة في رحلات تتخلّلها محطات ترانزيت عدّة.

واطلعت فرانس برس على حجز مشترك لنحو عشرين سورياً غادروا مطار بيروت إلى دولة خليجية ومنها إلى مصر ثم ليبيا.

ومن دمشق، تسيّر شركة أجنحة الشام رحلات مباشرة إلى بنغازي، بدأتها، وفق ما يقول مدير تطوير الأعمال والعلاقات في الشركة أسامة ساطع، "نتيجة عدم وجود أي شركة طيران تنقل المواطن السوري المقيم هناك إلى سوريا"، مشيرا إلى وجود جالية سورية كبيرة في ليبيا.

ويوضح لفرانس برس أن دور الشركة، على غرار شركات السفر حول العالم، نقل المسافر الذي يحوز وثائق سفر صالحة صادرة عن السلطات الليبية، مشدداً على أن "عملية نقل السوريين ليس هدفها بالتأكيد المساهمة في التهريب أو الهجرة". ويضيف "لسنا شرطياً يكشف نوايا المغادر إلى ليبيا وما إذا كان هدفه العمل أو الزيارة أو الهروب".

وتعرضت أجنحة الشام في 2021 لعقوبات من الاتحاد الأوروبي بتهمة نقل مهاجرين إلى بيلاروس اعتبرتها "مجحفة"، قبل أن يُصار إلى رفعها لاحقاً.

حفتر والأسد... حلف جديد والهدف اردوغان!!

طريقان لوصول السوريين إلى ليبيا

يصل السوريون إلى ليبيا المقسمة بين غرب وشرق عبر مدخلين رئيسيين: بنغازي شرقا، أبرز مدن معسكر قوات خليفة حفتر الذي تربطه علاقات بدمشق، أو طرابلس (غرب) حيث الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة وتعدّ تركيا من داعميها.

ويقول المهرّب "شريكي في ليبيا مكلّف بالحصول على الموافقات (الأمنية) والاهتمام بالمجموعة بعد وصولها، وتأمين المركب" إلى أورويا.  ويضيف "في ليبيا، كما في سوريا، الدفع للقوى الأمنية يسهّل أمورك"، موضحاً "نتعامل مع عنصر أمن يصدر الموافقة بكبسة زر".

واطلعت فرانس برس على موافقة أمنية صادرة عن "منظومة الموافقات الأمنية - هيئة الاستثمار العسكري" وتحمل شعار القوات المسلحة العربية الليبية وتضم أكثر من ثمانين اسماً لسوريين وصلوا مؤخراً إلى مطار بنينا قرب بنغازي.

في مطار بنينا، يستقبل "مندوب عن المهرّب يكون أحياناً عنصر أمن" السوريين، وفق مهاجرين قالوا إن الرحلات التي سافروا على متنها أقلّت كثراً يرغبون بالهجرة إلى أوروبا.

من ألمانيا، التي لجأ إليها قبل أشهر، يقول عمر (23 عاماً) الذي استدان ثمانية آلاف دولار للهجرة من درعا عبر شرق ليبيا إلى أوروبا، "سيجد السوريون دائماً وسيلة تخرجهم من سوريا حيث الأفق مغلق". ويضيف "كنت على عجلة من أمري لأغادر درعا".

 لكن في ليبيا، عاش عمر أسوأ تجاربه. ويقول "تعرّضنا للإهانة والضرب فضلاً عن الاستهتار بأرواحنا" من جانب المسلّحين الذين كانوا يعملون مع المهرّب.

وأمضى عمر أسبوعين مع مئتي شخص في مخزن لم يأكلوا فيه إلا قليلاً من الأرز والخبز والجبنة. وحين حان وقت المغادرة، يروي عمر "أجبرنا حوالى عشرين مسلحاً على الركض" لمسافة طويلة بين المخزن والشاطئ "في منطقة صحراوية بينما كانوا يضربوننا بأعقاب بنادقهم".

ويضيف "وصلت إلى الشاطئ منهكاً"، قبل أن ينطلق في رحلة "مرعبة" عبر البحر، أضاع خلالها ركّاب المركب الذي كان عليه، وجهتهم لأيام وسط ظروف صعبة.

ويلخّص بهاء (24 عاماً) الذي بلغ وجهته الأوروبية، المشاهد القاسية التي عاينها بالقول، "رأيت أطفالاً يبحثون عن آبائهم، وأشخاصاً يصرخون ويقعون أرضاً. كثر لم يتمكنوا حتى من بلوغ المركب" المطاطي.

الوصول إلى ليبيا عبر تركيا

يراود حلم الهجرة السوريين في محافظات عدّة، بعد نزاع مدمر مستمر منذ عام 2011 وأودى بحياة نصف مليون شخص وشرّد نصف سكان البلاد وأتى على الاقتصاد والبنية التحتية.

واختار كثر في السابق التسلّل إلى تركيا لينطلقوا منها في طرق هجرة غير قانونية إلى أوروبا. لكنّ أنقرة شدّدت خلال السنوات الماضية الأمن عند الحدود، وبات دخول أراضيها صعباً للغاية.

في مناطق سيطرة فصائل سورية موالية لأنقرة في شمال البلاد، يروي مسؤول في فصيل نافذ لفرانس برس، متحفظاً عن ذكر هويته، كيف ينقل الراغبين بالهجرة عبر دمجهم في عديد مقاتلي الفصائل الذين يُرسلون إلى ليبيا، بطلب من تركيا منذ 2021 دعماً لحكومة طرابلس. ويقول "نخرج الراغبين بالهجرة مع كل تبديل عسكري كل ستة أشهر".

وبإدراج أسمائهم على قوائم المقاتلين، يفترض أن يتلقوا رواتب تتخطى 2500 دولار. لكن ما يحصل هو أن المسؤول يتقاسم المبلغ مع فصيله تقريبا بالمناصفة. ويقول "تخرج الغالبية من مخيمات" النازحين المنتشرة على الحدود في إدلب وشمال حلب ويعيش سكانها في ظل أوضاع معيشية مزرية.

وتبدأ رحلة هؤلاء من معسكرات الفصائل الحدودية في شمال سوريا قبل نقلهم إلى تركيا حيث يسافرون من أضنة أو إسطنبول إلى طرابلس، وفق المسؤول.

قرب طرابلس، ينتظرون لأسبوعين في مخيمات قبل إخراجهم منها وربطهم بمهربين يطلبون ألفي دولار مقابل الإبحار إلى إيطاليا.

المهربون يضربون من يرغب في العودة

في العام 2023 وحده، قتل 1800 مهاجر من جنسيات عدة في وسط البحر المتوسط، وفق منظمة الهجرة الدولية.

ووصل أكثر من تسعين ألفاً إلى إيطاليا العام الحالي، بحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، وقد انطلق معظمهم من ليبيا وتونس المجاورة.

ويروي أحد الناجين (23 عاما) تفاصيل سبقت غرق مركبه في حزيران/يونيو قبالة سواحل اليونان، "رأينا كلّ الأمور البشعة في الرحلة منذ بدايتها حتى نهايتها على متن قارب فاقد للتوازن وقد بدأت منذ اللحظات الأولى للرحلة".

ويتابع الشاب المهاجر من مدينة كوباني التي يسيطر عليها المقاتلون الأكراد في شمال سوريا، "أردت إلغاء الرحلة، لكن المهربين ضربوا كلّ من رغب بالعودة". ويقول "كنت أعلم أن ثمة مخاطرة، لكن لم أتوقعها بهذا الشكل (...). في اليوم الخامس بدأنا نشرب من مياه البحر".

ورغم أن الحظ حالفه بالوصول إلى أوروبا، لكنه لا يتوانى عن تحذير الراغبين بالهجرة من "مافيا كبيرة" تتحكم بمصائرهم. ويقول بتأثر "جلّ ما أردته أن أترك الحرب خلفي، أن أعيش حياتي وأتعلّم وأساعد أهلي".

ص.ش/أ.ح (أ ف ب)

قتيلان أحدهما رضيع بعد غرق قارب مهاجرين تونسيين

ذكرت الإذاعة الرسمية اليوم السبت (12 أغسطس/ آب 2023) أن شخصين على الأقل لقيا حتفهما، أحدهما رضيع يبلغ من العمر نحو ثمانية أشهر، وتم إنقاذ 13 بعد غرق قارب مهاجرين ليل الجمعة/ السبت قبالة ساحل قابس في تونس. وأضافت الإذاعة أن عملية بحث جارية عن مهاجرين مفقودين.

ظروف وقوع الحادث

وقال الحرس الوطني التونسي في بيان: "الساعة الثانية صباحا من يوم 12 آب/أغسطس 2023 على مستوى شواطئ قابس غرق مركب يبعد عن اليابسة تقريبا 120 مترا، يقل 20 مجتازا تونسيا، تم انقاذ 13 شخصا وانتشال جثتين، رضيع وشاب عمره 20 سنة".

ويتواصل البحث عن بقية الركاب السبت، بحسب المصدر نفسه، في خليج قابس حيث تكثر التيارات البحرية الشديدة. وأضاف البيان "تمت استشارة النيابة العمومية التي أذنت لفرقة الإرشاد البحري بقابس بفتح بحث عدلي في الموضوع. الموضوع محل متابعة".

وكان القارب قد غادر للتو ساحل قابس عندما رأى ركابه سفينة صيد ظنوا أنها للحرس الوطني. ثم سعوا بعد ذلك إلى الالتفاف والعودة، فقاموا بمناورة خاطئة وانقلب القارب، وفق شهادات صيادين نقلتها الصحافة المحلية.

أخطر مسار للهجرة في العالم

وتظهر الأرقام التي جمعتها الأمم المتحدة، أن أكثر من 1800 شخص لقوا حتفهم منذ كانون الثاني/يناير في غرق مراكب وسط البحر المتوسط الذي يعد أخطر مسار للهجرة في العالم. وهو رقم يناهز تقريبا ضعف عدد العام الماضي.

 ونهاية الأسبوع الماضي، أعلنت مصادر قضائية غرق مركب انطلق من صفاقس مخلّفا ما لا يقلّ عن 11 قتيلا و44 مفقودا. وأنقذ اثنان فقط من المهاجرين وجميعهم من إفريقيا جنوب الصحراء.

وتمثل سواحل مدينة صفاقس أهم نقطة انطلاق للمهاجرين من جنسيات دول تقع في جنوب الصحراء وكذلك من قبل تونسيين راغبين في الوصول إلى السواحل الإيطالية بحثا عن تحسين أوضاعهم الاجتماعية. وغالبا ما تنتهي محاولات العبور بمأساة.

تراجع عدد المهاجرين التونسيين هذا العام

ويبحر آلاف التونسيين بحثا عن حياة أفضل في أوروبا. وهم يمثلون منذ بداية العام، الجنسية الرابعة بين الوافدين إلى إيطاليا بعد مواطني ساحل العاج والغينيين والمصريين.

 لكن عدد المهاجرين التونسيين الواصلين إلى إيطاليا تراجع بنسبة 25% خلال عام واحد مع 7121 مهاجرا منذ بداية العام، وفق وزارة الداخلية الإيطالية.

 وتمر تونس التي تواجه مصاعب مالية كبرى، بأزمة سياسية عميقة منذ احتكارالرئيس قيس سعيّد كل السلطات في 25 تموز/يوليو 2021.

ص.ش/أ.ح (رويترز، أ ف ب)

المياه تجرف عشرات الجثث إلى شواطئ ليبيا بعد غرق قاربي مهاجرين

قال مسؤول في خفر السواحل الليبي وعامل إغاثة اليوم الثلاثاء إن المياه جرفت ما لا يقل عن 57 جثة بعد غرق قاربي مهاجرين في البحر المتوسط قبالة بلدتين في غرب البلاد.

ووفقا لأحد الناجين، ويدعى بسام محمود وهو من مصر، فإن نحو 80 راكبا كانوا على متن قارب انطلق باتجاه أوروبا عند الثانية تقريبا من صباح اليوم الثلاثاء.

ويروي أن مشادة وقعت فيما كان القارب يغرق إلا أن المسؤول عنه رفض التوقف. وقال لرويترز "ظللنا نصارع حتى وصل إلينا شخص ما. لقد كان المشهد مروعا وتوفي البعض (في الماء) أمامي".

وقال فتحي الزياني المسؤول بخفر السواحل إنه تم انتشال 11 جثة إحداها لطفل قبالة القره بوللي شرق طرابلس موضحا أن المهاجرين كانوا من باكستان وسوريا وتونس ومصر.

وذكر عامل إغاثة تابع للهلال الأحمر في صبراتة بغرب طرابلس أنهم انتشلوا 46 جثة خلال الأيام الستة الماضية من على الشاطئ، جميعهم "مهاجرون غير شرعيين" كانوا على متن قارب واحد.

ونشرت جمعية الهلال الأحمر الليبي فرع صبراتة صورا على الإنترنت تظهر جثثا في أكياس سوداء يضعها عمال إغاثة يرتدون كمامات وقفازات على ظهر شاحنات صغيرة.

وقال عامل الإغاثة إنه من المتوقع أن تجرف المياه المزيد من الجثث خلال الأيام المقبلة.

"أكبر عدد وفيات خلال ست سنوات"

وأنقذت إيطاليا نحو 1600 مهاجر كانوا على متن 47 قاربا من البحر المتوسط خلال اليومين الماضيين ونقلتهم إلى شاطئ جزيرة لامبيدوزا.

وقال خفر السواحل الإيطالي في بيان في وقت متأخر من أمس الاثنين إنه أنقذ 1200 مهاجر فيما لا يزال 23 على الأقل في عداد المفقودين وانتُشلت جثة واحدة من البحر بعد تحطم ثلاثة قوارب.

وأفادت وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) بأنه جرى اليوم الثلاثاء إنقاذ 400 مهاجر كانوا على متن 12 قاربا.

إيطاليا تعلن حالة الطوارئ للتصدي للهجرة غير الشرعية

وشهدت الشهور الماضية ارتفاعا حادا في أعداد قوارب المهاجرين التي تحاول الوصول إلى الساحل الإيطالي من تونس التي أصبحت نقطة انطلاق يسهل بصورة أكبر الوصول إليها بعد الحملات التي استهدفت الإتجار بالبشر في ليبيا خلال الشهور القليلة الماضية.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة هذا الشهر إن 441 مهاجرا ولاجئا غرقوا في مطلع عام 2023 أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط من شمال أفريقيا إلى أوروبا، وهو أكبر عدد من الوفيات يتم تسجيله في ثلاثة أشهر خلال السنوات الست المنصرمة.

إيطاليا تستغيث وتتوجه إلى تونس

وفي ظل ارتفاع أعداد من يعبرون البحر المتوسط على متن قوارب المهربين، حثت الحكومة اليمينية في روما بروكسل على بذل المزيد من الجهد من أجل تقليل عدد الوافدين غير النظاميين.

وعرضت إيطاليا أمس على تونس أموالا مقابل إصلاحات اقتصادية وسياسية، فيما ناقش وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ كيفية الاستجابة لحالة عدم الاستقرار المتزايدة في البلاد.

ويعتزم وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي زيارة تونس في وقت لاحق من هذا الأسبوع برفقة كبير مسؤولي الهجرة بالاتحاد الأوروبي ونظيره الفرنسي.

ص.ش/ف.ي (رويترز)

ما وراء سيراليون - الإفلات من براثن الفقر

Dokumentation " Der Traum der Zwillinge"
null STEPS


يسبر الفيلم الوثائقي أغوار الحياة اليومية للأختين، حيث يعيش التوأم مع أسرتهما في فقر مدقع. إنه موسم الأمطار والمياه تغمر أغراض الأسرة المنزلية مجدداً. لم تتمكن الاختان التوأم من إقناع والدهما بمغادرة المنزل المتهالك، فهو يتمسك بالبقاء فيه على الرغم من كل شيء.
 

Dokumentation " Der Traum der Zwillinge"
null STEPS



تخطط هوساي وهاسي لمغادرة سيراليون بحثاً عن عمل ومستقبل أفضل في الخارج. لم تكن آراؤهما متوافقة دائماً كما هي الحال الآن. على العكس من أختها هوساي، ترتدي هاسي غطاء الرأس. لقد ربتها خالتها، وهي أكثر جرأة من أختها. 
 

Dokumentation " Der Traum der Zwillinge"
null STEPS



خاضت هاسي تجارب سيئة، عندما حاولت السفر إلى الخارج للمرة الأولى، فعندما حملت في الكويت خارج إطار الزواج، مثل ذلك صدمة لعائلتها، لذا كان عليها العودة إلى الوطن. الأب لا يتحدث كثيراً، لكنه يدعم الآن خطط ابنتيه للهجرة، بينما تعارض والدتهما ذلك.

 

Dokumentation " Der Traum der Zwillinge"
null STEPS


ترافق الكاميرا الشابتين خلال عملهما في السوق ولقاءاتهما مع الوسطاء الذين يزعمون أنهم سيساعدونهما في الحصول على تأشيرات السفر. ينشأ رابط جديد ومتين بين الأختين التوأم، اللتين تعلمتا أن تسامحا وتدعما بعضهما في كل الظروف.


 

مواعيد البث
DW  عربية

السبت 06 مايو/أيار 2023 – 03:15 UTC
السبت  06 مايو/أيار 2023 – 13:15 UTC
السبت 06 مايو/أيار 2023 – 16:15 UTC
السبت 06 مايو/أيار 2023 – 19:15 UTC
الأحد 07 مايو/أيار 2023 – 05:15 UTC
الأحد 07 مايو/أيار 2023– 22:15 UTC
الإثنين 08 مايو/أيار 2023– 11:15 UTC
الإثنين 08 مايو/أيار 2023– 18:15 UTC
الثلاثاء 09 مايو/أيار 2023– 01:15 UTC
الثلاثاء 09 مايو/أيار 2023– 07:15 UTC
الأربعاء  10 مايو/أيار 2023 – 09:15 UTC
الأربعاء 10 مايو/أيار 2023  – 15:15 UTC

الجزائر UTC +1

القاهرة  UTC + 2

دبي  UTC + 4

 UTC تعني توقيت عالمي منسق 

 

هل حقا 40 بالمائة من الأجانب في فرنسا غير نشطين في سوق العمل؟

في خضم نقاش حول قانون الهجرة، صرحت البرلمانية ورئيسة التجمع الوطني (أقصى اليمين) مارين لوبان خلال مقابلة تلفزيونية على قناة فرانس إنفو، يوم الأربعاء الأول من شباط/ فبراير، أن "40% من الأجانب في بلدنا غير نشطين في سوق العمل. قبل جلب هجرة إضافية، دعونا نبدأ بجعلهم يعملون".

مارين لوبان تتحدث عن "الأجانب" (étrangers)، ووفقا لتعريف المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية "Insee"، الأجنبي هو الشخص الذي يقيم في فرنسا ولا يحمل الجنسية الفرنسية. وبالتالي، الأجنبي ليس بالضرورة مهاجرا، يمكن أن يولد في فرنسا.

ووفقا لقانون الحق في الأرض، يمكن أن تُمنح الجنسية الفرنسية إلى غالبية الأطفال الذين يولدون في الجمهورية لوالدين أجنبيين. لكن يتوجب أن يقيم الطفل في فرنسا عندما يبلغ 18 عاماً، وأن يكون لديه إقامة سارية في فرنسا لفترة متواصلة أو متقطعة لا تقل عن خمس سنوات منذ سن 11 عاماً.

أما المهاجر (immigré)، ووفقاً لـ"Insee"، هو "شخص أجنبي مولود في الخارج ويقيم في فرنسا". ويطلق مصطلح "مهاجر" على هذا الشخص حتى لو حصل على الجنسية الفرنسية.

تتحدث مارين لوبان أيضا عن الأشخاص "غير النشطين" في سوق العمل. الشخص غير النشط هو شخص ليس لديه وظيفة ولا يبحث عن وظيفة، على عكس الشخص النشط الذي يمكن أن يكون إما عاملاً أو عاطلاً عن العمل لعدم توفره. ويحدد "Insee" أن "غير النشطين هم حسب العرف أشخاص ليسوا موظفين وليسوا عاطلين عن العمل، مثل الشباب دون سن 15 عاما، والطلاب والمتقاعدين الذين لا يعملون بجانب دراستهم أو تقاعدهم، والرجال والنساء الذين يقررون البقاء في المنزل (لرعاية الأطفال)، والأشخاص ذوي الإعاقة غير القادرين على العمل".

ومع ذلك، تركز المنظمات الإحصائية في بياناتها عن غير النشطين على الأشخاص "في سن العمل"، أي أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 64 عاما.

هل 40% من الأجانب في فرنسا غير نشطين في سوق العمل؟

لا. وفقا لبيانات "يوروستات"، في 2020 بلغ معدل عدم نشاط الأجانب في فرنسا 33,5%. كما هو موضح أعلاه، يشمل هذا الرقم جميع الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاما. وبالتالي يتم تضمين طلاب الكليات والمدارس الثانوية والطلاب الذين لا يعملون بالتوازي مع دراساتهم في هذا المعدل. وهذه الشريحة من السكان سيكون من الصعب "دفعها للعمل" كما تطالب رئيسة التجمع الوطني.

وحتى إذا أخذنا في الاعتبار عدد السكان المهاجرين، فقد انخفض معدل عدم النشاط إلى 29.8% في عام 2021، وفقًا لـ"Insee".

الأجانب غير النظاميين

نقطة أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار تتعلق بالأجانب غير النظاميين، حيث تشمل هذه الإحصائيات الأجانب في وضع غير نظامي، والذين يُحسبون بنفس الطريقة مثل باقي السكان في إحصاءات العمل، والذين يصل عددهم في فرنسا وفقًا لتقديرات تقريبية، بين 400 ألف ومليون شخص. ومن الجدير بالذكر، أن معظم هؤلاء الأشخاص غالبا ما يعملون بشكل غير قانوني.

مركز لمهاجرين غير قانونيين بفرنسا تحت مراقبة الشرطة
مركز لمهاجرين غير قانونيين بفرنسا تحت مراقبة الشرطةnull Dursun Aydemir/AA/picture alliance

وتوضح "Insee" أنه "ينطبق مسح التوظيف الذي يتم من خلاله حساب معدلات النشاط والبطالة والتوظيف، على ما يعلنه الأفراد عن نشاطهم العملي، ولا يُطلب من المستجيبين أي ورقة هوية أو تصريح إقامة أو عقد عمل. ولذلك، فإن الشخص الذي يصرح بأنه يعمل (حتى لو كان في وضع غير نظامي) سيعتبر موظفا بالنسبة لجهات الإحصاء"، وبالتالي ليس "غير نشط". لذا فمن الممكن أن يقوم الأشخاص ممن يعيشون في وضع غير نظامي بالإعلان عن نشاطهم المهني أثناء إجراء الإحصاء، بدافع عدم الثقة في "الجهات الحكومية".

تستخدم العديد من القطاعات، مثل التنظيف أو توصيل الوجبات، العمال غير المسجلين الذين يستخدمون أسماء مستعارة (هويات مزيفة) لممارسة هذه المهن. ربما تم رفض طلب تسوية هؤلاء الأشخاص أو أنهم بصدد التقدم بطلب للحصول على اللجوء، خاصة أنه في الوقت الحالي، لا يمكن لطالبي اللجوء العمل خلال الأشهر الستة التالية لتقديم طلبهم. بعيدا عن كونهم "غير نشطين"، يمكن لهؤلاء المهاجرين غير المسجلين، مثل العمال في "Chronopost"، العمل لسنوات في الظل، وأحيانا في ظروف صعبة للغاية.

مهاجر نيوز 2023

كيف وصل مصريون قُصّر غير مصحوبين بذويهم إلى اليونان؟

تعد اليونان واحدة من أكثر الوجهات تضرراً في أوروبا من وصول القاصرين غير المصحوبين بذويهم والذين يصلون بشكل أساسي إلى البلاد عبر البحر الأبيض المتوسط سواء انطلاقا من ليبيا أو قادمين من تركيا.

تشير تقارير منصة "طريق إلى أوروبا A Path for Europe" إلى أن هؤلاء القصر يأتون من دول آسيوية وإفريقية مثل سوريا وأفغانستان وباكستان والصومال واليمن ومصر.

وبحسب المركز الوطني للتضامن الاجتماعي فإنه بنهاية عام 2021، كان يعيش 2.131 طفلًا غير مصحوبين بذويهم في اليونان، وفي الفترة ما بين يناير/كانون الثاني 2016 وأكتوبر/تشرين الأول 2021، وصل 37.535 قاصرًا غير مصحوبين إلى البلاد.

يتناول التحقيق التالي طرق ومسارات عدد من المراهقين والأطفال المصريين غير المصحوبين بذويهم وكيف وصلوا إلى اليونان وما المخاطر التي يتعرضون لها وذلك من خلال تسجيلات استمع إليها مهاجر نيوز قدمها شاهد عيان يعمل كباحث في  شؤون اللاجئين والمهاجرين القصر  في اليونان والذي أكد ضرورة إخفاء هويته نظراً لما يمكن أن يتعرض له من تهديد من جانب شبكات تهريب البشر.

الانطلاق من مصر

يقول الناشط في العمل الإنساني مع المهاجرين وطالبي اللجوء إن السلطات اليونانية بدأت تلاحظ تصاعد أعداد القصر القادمين من مصر خلال العامين الأخيرين، وتحدث الناشط في حديثه لمهاجرنيوز عن إحدى قرى محافظة أسيوك في صعيد مصر والتي أصبحت تشتهر بسفر أعداد كبيرة من سكانها إلى اليونان حتى الأطفال والقصر. وأشار إلى أن الأمر في البداية كان يقتصر على سفر بعض الصغار مع مرافقين، لكن الأمر تغير وأصبح هؤلاء الصغار يسافرون دون مرافق.

يقول الناشط والذي التقى بعدد من القصر والصغار الذين وصلوا اليونان قادمين من مصر إن الأمر أصبح أشبه   بالنشاط التجاري  للعائلات وإن أعمار الصغار انخفضت حتى وصلت إلى 12 و 13 عاماً .

وأن الأسر تعتبر أن هذا الأمر أشبه بالاستثمار في المستقبل وضمان لدخل يصل إليها من الفرد الذي يصل إلى الاتحاد الأوروبي ويعمل هناك وأن الأسر أصبحت تتنافس فيما بينها على هذا الأمر.

مبالغ ضخمة مقابل رحلات خطيرة

يقول الناشط والباحث في  مجال الهجرة  لمهاجر نيوز إن الأمر يشبه التشكيل العصابي ويحاط بتكتم وسرية شديدين للغاية. ويضيف أن المبلغ الذي تدفعه الأسرة للطفل الواحد يتراوح بين 10 الآف و 15 ألف دولار بحسب ما أخبره أحد ذوي الأطفال في مصر، وأن تجار البشر لا يقبلون إلا بالدولار فقط وبالدفع نقداً.

ويشير المصدر إلى أن إرسال الأموال إلى التاجر الأكبر يتم على عدة مراحل من خلال وسيط معروف للطرفين ويتلقى في المقابل نسبة مقابل توصيل المال الذي يدفع جزء منه قبل انطلاق الطفل أو القاصر من مصر والجزء الاخر قبل انطلاق القارب أو الطائرة التي تقل الطفل إلى تركيا وأن الأمر كله قائم على الثقة بين الأسر والوسيط وتاجر البشر والذي غالباً ما قام بالمساعدة في سفر أفراد من الأسرة في وقت سابق.

الطريق إلى تركيا ومنها إلى اليونان 

بحسب وزارة الداخلية المصرية فإن الصغار تحت سن 12 عام لا يحصلون على تصريح أمني للسفر إلى تركيا. وفقاً لذلك يقول الناشط لمهاجر نيوز أن بعض الأسر تفضل أن يسافر الصغير برفقة أحد الأقارب إلى تركيا أو قد يسافر بمفرده خاصة وأن الخطوط التركية توفر خدمة سفر القصر غير المصحوبين بذويهم، بمعنى أنها تعتني بالطفل منذ صعود الطائرة والتعامل مع حقائبه وختم جواز سفره وحتى الخروج من المطار وتسليمه إلى شخص ينتظره .

يشير المصدر إلى أن وصول هؤلاء القصر إلى اليونان يتم عن طريق عبور بحر إيجه في قارب وهي وإن كانت رحلة خطيرة إلا أنها أقل خطورة بكثير من قطع البحر الأبيض المتوسط. وترسو القوارب في عدة مدن يونانية على الجزر المنتشرة في البحر مثل رودس أو إيوس او ساموس أو ميتيليني.

طريق البحر الأبيض .. الأكثر خطورة

يتمثل المسار الآخر للوصول إلى اليونان في الانطلاق من ليبيا من خلال عبور   المهاجرين  البحر الأبيض المتوسط وذلك عبر السفر إلى ليبيا من خلال منفذ السلوم - إذا كان المهاجر قادماً من مصر - ومنها يصعد إلى قارب يعبر البحر الأبيض ويصل إلى إحدى الجزر اليونانية أيضاً.

وبحسب تحقيقات صحفية سابقة فإن المهاجرين كباراً وصغاراً يتم احتجازهم من خلال مهربي البشر في معسكرات مؤقتة انتظاراً لظهور القارب الذي سيقوم بنقلهم عبر البحر. حول هذا الأمر يقول المصدر لمهاجر نيوز إنه غالباً ما تكون هذه القوارب سيئة للغاية ولا تعمل إلا بمحرك واحد قديم وتحمل أعداداً كبيرة وهو ما حدث في كارثة غرق قارب المهاجرين في يونيو/حزيران من عام 2023 وهذا النوع من القوارب لا يوجد به أي وسائل اتصالات أو أجهزة تحديد مواقع .

يؤكد المصدر لمهاجر نيوز أن كل حركات القوارب في البحر الأبيض المتوسط مرصودة لسلطات الدول وحرس الحدود خاصة إذا كان هذا الجسم يزن أكثر من 5700 كيلوجراماً حيث يسبب مثل هذا الوزن في البحر توتراً بدرجة معينة للأمواج من حوله تلتقطه أجهزة الاستشعار في سفن الإنقاذ والمراقبة وغيرها، ولذلك يحرص تجار البشر بقدر الإمكان على أن تكون القوارب صغيرة وتخلو من وسائل الاتصال ليصبح من الصعب اكتشافها قبل وصولها إلى السواحل اليونانية.

عملية إنقاذ قامت بها منظمة SOS Humanity لحوالي 60 شخصًا من وسط البحر الأبيض المتوسط كانوا على متن قارب انطلق من ليبيا مساء يوم 22 أغسطس 2023 ومعهم قصر غير مصحوبين بذويهم
عملية إنقاذ قامت بها منظمة SOS Humanity لحوالي 60 شخصًا من وسط البحر الأبيض المتوسط كانوا على متن قارب انطلق من ليبيا مساء يوم 22 أغسطس 2023 ومعهم قصر غير مصحوبين بذويهمnull Danilo Campailla/SOS Humanity

الوصول إلى اليونان

يؤكد الناشط في مجال الهجرة واللجوء لمهاجر نيوز أن معظم الأشخاص يفضلون الوصول الى مناطق بعيدة عن معسكرات  احتجاز اللاجئين  في اليونان خلال الليل ثم السفر إلى العاصمة أثينا، لأنه إذا ما تم القبض على الشخص فسيتم إيداعه في معسكرات احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء.

وأكد أن هذه الأماكن وغير صحية ولا يوجد بها أي نوع من الرعاية الصحية أو النفسية. وأكد أن هذا الأمر يبدو مقصوداً حتى لا يتشجع آخرون على القدوم إلى اليونان. وأكد أنه "إن كانت الحياة في مصر قاسية فإن المعيشة في هذه المعسكرات أصعب بشكل قد لا يتخيله أحد".

حياة قاسية

إذا ما أفلت المهاجر أو القاصر من كل الظروف الصعبة السابقة فإن التحدي الأكبر بالنسبة له يتمثل في العمل وتوفير المال. يقول المصدر لمهاجر نيوز إن  هؤلاء الصغار  يأتون إلى مدن كبيرة مثل أثينا أو سالونيكي وغيرها وهم بلا أي خبرة في الحياة وليس لديهم أي لغة أجنبية ولا يستطعيون حتى التعبير عما يريدون بلغة عربية واضحة وأنه إن لم يكن هناك من يحتضن هؤلاء الصغار من معارفهم في اليونان -وهو أمر صعب نظراً للأزمة الاقتصادية في اليونان - فإنهم يكونون عرضة لمزيد من المخاطر.

وفق القوانين اليونانية فإن الطريقة الوحيدة أمام الشخص الذي يصل اليونان للعثور على عمل حتى وإن كانت وظائف بسيطة هي أن يتقدم بطلب لجوء ليحصل على أوراق رسمية، أما غير ذلك فمن شبه المستحيل أن يحصل الشخص على عمل خاصة وأن السلطات اليونانية شددت غرامات توظيف أي أشخاص ليس لديهم أوراق رسمية ولا رقم تأمين اجتماعي صادر منها وقد تصل الغرامات إلى 10 آلاف يورو.

ويشير الناشط إلى أن الحكومة اليونانية تحاول حصر أعداد الوافدين إليها بشكل غير قانوني وعمل ملفات لدراسة حالاتهم بهدف إحكام السيطرة على الأمر، خاصة وأنه وفق المصادر الحكومية اليونانية فإن هناك 2000 شخص يدخلون البلاد بشكل غير قانوني يومياً. وأكد المصدر لمهاجر نيوز أنه حتى وإن جازف صاحب العمل بتوظيف مثل هؤلاء الصغار ففي وقت ما قد يحتاج هذا الصغير إلى الذهاب لطبيب أو دحول مستشفى وهنا تصبح المشكلة أكثر تعقيداً.

لماذا يجازف الأهالي بسفر أبنائهم؟

يقول الباحث والناشط في مجال الهجرة لمهاجر نيوز إن الإحصائيات اليونانية تشير الى تصاعد في أعداد القصر  الذين يصلون إليها خلال العامين الأخيرين وأن هناك زيادة ملحوظة في عدد القادمين من مصر وأن السبب في ذلك بشكل رئيسي هو تطبيقي تيك توك وانستغرام.

يقول المصدر إن عدداً متزايداً من الصغار والمراهقين يقومون بإنتاج فيديوهات يتحدثون فيها عن جودة الحياة في أوروبا وفي اليونان وكيف يأكلون ويرتدون الملابس ويصورون الشوارع والطرقات فيحققون بعض المكاسب من مشاهدة الفيديوهات كما أنهم يثيرون غيرة العائلات الأخرى التي ترى أبناء العائلات التي يعرفونها وهم يعيشون في الخارج، ما يخلق نوعاً من المنافسة السيئة رغم أن هؤلاء الصغار يعيشون على الكفاف تقريباً.

وأضاف أن عدداً متزايداً من هؤلاء الصغار يأتون في ذهنهم حلم الثراء وجمع الأموال كما أنهم يتم تلقينهم القواعد والقوانين في اليونان من خلال شبكات تهريب البشر ومنها أنهم يمكنهم عمل ما يشاءون دون أن تتمكن السلطات من ترحيلهم نظراً "لحداثة" أعمارهم وهو ما قاله أحد الصغار الذي قبضت عليهم الشرطة بسبب قيامهم بمشاغبات في أحد محطات المترو.

عائلات تونسية تنتظر معرفة مصير أبنائها المهاجرين المفقودين

وتابع أن هؤلاء الصغار يتناقلون الخبرات بينهم أيضاً ومن خلال مشاهدة فيديوهات من سبقوهم إلى اليونان وفرنسا وإيطاليا بل وحتى إرشادهم لكيفية عمل ممارسات سيئة دون أن تتمكن السلطات من القبض عليهم.

وبحسب موقع وزارة الهجرة، تخصص السلطات اليونانية أماكن إقامة للصغار والقصر تتمتع بشكل أكبر بخدمات جيدة كما يفترض أن يلتزم هؤلاء الصغار بحضور فصول دراسية لتعلم اللغة اليونانية ودراسة مواد أخرى.

وتشدد السلطات اليونانية وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي  أن أهم ما يجب على القصر - وحتى البالغين - عمله هو تعلم اللغة والانتظام في تلقي الدروس الخاصة بها وبعملية الاندماج في المجتمع وهو ما أكد عليه هادي محبي من مشروع الإرشاد للأمانة الخاصة لحماية القاصرين غير المصحوبين بذويهم قائلا في تغريدة نشرها حساب اليونيسيف في اليونان على موقع إكس: "كان التعليم هو مفتاح اندماجي في البلاد وبدأت في تعلم اللغة اليونانية عندما شعرت بالأمان والقبول."

يقول الناشط لمهاجر نيوز إن الصغار الذين التقاهم داوموا على الهرب من هذه الأماكن عدة مرات ورفضوا حضور دورات تعلم اللغة وكل ما يدور في خيالهم ان يحصلوا على عمل وعلى أموال وأن يمارسوا حياة الكبار دون أن يفهموا حقيقة وضعهم الصعب.

وبحسب ما نشر في الصحافة اليونانية، فقد مارس نواب في البرلمان ومنظمات حقوقية حتى عام 2017 ضغوطاً كبيرة على الحكومة حتى لا تتم استضافة هؤلاء الصغار في معسكرات اللاجئين والتي إن دخلوها - بحسب ما قال المصدر لمهاجر نيوز - فلن يخرجوا منها إلا مع بلوغ السن القانوني وتقديم طلب لجوء لتضيع أعمارهم بلا فائدة. لكن الأماكن المخصصة لهم خارج تلك المعسكرات تتيح لهم حياة أفضل بكثير إلى جانب التعليم.

وبحسب نشطاء في المجتمع المدني اليوناني فإن مشروع استضافة هؤلاء الصغار خارج معسكرات اللاجئين تم تخصيص أموال له من جانب الدولة إلى جانب دعم من الاتحاد الأوروبي لكن هناك جهات داخلية ترى أنه يمثل ضغطاً كبيراً على موازنة الدولة ذات الاقتصاد المأزوم من الأصل وتجري محاولات متعددة لإلغائه وإعادة هؤلاء القصر إلى معسكرات اللاجئين.

يقول المصدر الذي تعامل بشكل مباشر عدة مرات مع الصغار غير المصحوبين بذويهم والمراهقين إنه لمس من الحديث معهم يأس كامل من تحسن الأحوال في بلادهم وهم بالفعل يرغبون في تغيير وضعهم ويضيف أن هذا التمرد على الواقع ومحاولة تغييره أمر إيجابي لكن المشكلة أنهم في سبيل تغيير ذلك الواقع انتهجوا طريقاً خاطئاً وشديد الخطورة ربما ينتهي بهم إلى كوارث حقيقية خاصة وأنهم بلا أي خبرة حياتية ولا حتى يجيدون التواصل مع من حولهم.

وأكد المصدر لمهاجر نيوز أن هؤلاء الصغار من الحديث الذي دار بينهم وبين الشرطة من خلال مترجم بدا وأنهم على علم تام بحقوقهم والمدى الذي يمكن أن تذهب إليه الشرطة في تعاملها معهم وأنهم لن يتم  ترحيلهم وسيتم الإفراج عنهم كان تعاملهم في غاية الصلف والغرور رغم صغر سنهم.

لا توجد إحصائيات موثوقة حول عدد الأطفال القصر الذين يعبرون البحر
لا توجد إحصائيات موثوقة حول عدد الأطفال القصر الذين يعبرون البحرnull Idro Seferi II/DW

واستمع مهاجر نيوز إلى تسجيل مع أحد أقارب قاصر سافر من مصر تحدث معه المصدر. وأكد الرجل الذي قال إنه خال الطفل - الذي ألقي القبض عليه مع آخرين بسبب مشاغباتهم في أحد محطات المترو - إن الطفل لا يمكن إعادته إلى مصر لأنه عائلته أنفقت نحو 300 ألف جنيه مصرى ليتمكن من السفر وأن العائلة كانت سترسل معه طفل آخر لا يتجاوز عمره الثمانية أعوام لكن نقص المال وصغر عمر الطفل جعلها تؤجل قرار سفره.

إحصائيات مثيرة للقلق

وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن السلطات اليونانية في مارس 2023، تستضيف اليونان حاليًا ما مجموعه 2219 قاصرًا: 83% من الأولاد و17% من الفتيات، يقيمون في أنواع مختلفة من مرافق الإقامة في البلاد. وبشكل عام، تتمتع اليونان بسعة إجمالية تبلغ 2275 مكانًا في مراكز الإقامة طويلة الأجل (الملاجئ والشقق) و240 مكانًا إضافيًا متاحًا في مرافق الطوارئ.

وبحسب دراسة بحثية نشرت في مجلة العلوم الاجتماعية في عام 2021 فإن ظاهرة وصول القصر غير المصحوبين بذويهم إلى اليونان تشكل جرس إنذار لمشكلة متفاقمة وتثير قلق السلطات بشدة.

ففي الفترة بين يناير وديسمبر 2019، ووفقًا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وصل 33200 طفل إلى اليونان وإيطاليا وإسبانيا وبلغاريا وقبرص ومالطا. ومن بينهم، كان 9.000 (27%) من الأطفال غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم .

وأعلن الاتحاد الأوروبي أن عدد الأطفال غير المصحوبين الذين تقدموا بطلبات للحصول على  اللجوء في الاتحاد الأوروبي  من 2021 إلى 2022 قفز بنسبة 72%. ويعود هذا الاتجاه إلى الزيادة الحادة في عدد اللاجئين القادمين من أفغانستان، وفقا لمكتب الإحصاءات التابع للاتحاد الأوروبي يوروستات.

وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن السلطات اليونانية في مارس/آذار 2023، تستضيف اليونان حاليًا ما مجموعه 2,219 قاصرًا: 83% من الأولاد و17% من الفتيات، يقيمون في أنواع مختلفة من مرافق الإقامة في البلاد. بشكل عام، تتمتع اليونان بسعة إجمالية تبلغ 2275 مكانًا في مراكز الإقامة طويلة الأجل (الملاجئ والشقق) و240 مكانًا إضافيًا متاحًا في مرافق الطوارئ.

ظلت الأرقام مستقرة إلى حد ما منذ سبتمبر/أيلول 2021 – في علامة على أن التدفق المستمر لطالبي اللجوء الذين يصلون إلى البلاد يجعل من الصعب على اليونان خفض العدد لأن عملية نقل الأطفال إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بطيئة.

مهاجر نيوز 2024 

عماد حسن 

وابل من الانتقادات بعد تبني قانون الترحيل إلى رواندا

ينتظر 138 ألف طالب لجوء الرد الأولي على طلباتهم في المملكة المتحدة التي يعاني نظام اللجوء فيها من ضغوط منذ سنوات، والتي تعمل حكومة المحافظين فيها على زيادة الإجراءات لمحاولة الحد من وفود المهاجرين غير الشرعيين خصوصا عبر المانش..

ويتيح قانون، لاقى استنكارا من دول عدة ومن الأمم المتحدة ودخل حيز التنفيذ في تموز/يوليو الماضي، حظر تقديم طلبات اللجوء للمهاجرين الواصلين بشكل غير نظامي إلى الأراضي البريطانية. ويأتي القانون الذي تم التصويت عليه في البرلمان ليلة الاثنين إلى الثلاثاء 23 نيسان/أبريل ليكمل ذلك القانون بإتاحة طرد المهاجرين  إلى بلدهم الأصلي أو إلى بلدان ثالثة آمنة مثل رواندا. 

وفي عام 2023 وحده، سجلت المملكة المتحدة 67337 طلب لجوء، تخص أكثر من 84000 شخص (قد يتعلق الطلب الواحد بعدة أشخاص في الوقت نفسه). وبين يوليو/تموز 2022 ويونيو/حزيران 2023، كان 41% من الطلبات لمهاجرين وصلوا عبور القناة الإنكليزية على متن قوارب صغيرة.

وتصر الحكومة البريطانية على تطبيق سياستها المتشددة تجاه المهاجرين، وأحرزت ليلة الاثنين إلى الثلاثاء نصرا لتطبيق قرار يتيح ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، والذي وصفه ريشي سوناك بتشريع "تاريخي"، يبث رسالة مفادها "أنه إذا أتيت إلى هنا (بريطانيا) بشكل غير قانوني، فلن تتمكن من البقاء".

وفي حال تطبيق هذا القانون وترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، لن يتمكن هؤلاء المرحلين من العودة إلى المملكة المتحدة، حتى لو حصلوا على حق اللجوء في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا.

توالت ردود الفعل بعد الإعلان عن هذا القرار، وسط استمرار مخاوف المنظمات الدولية بأن الترحيل إلى دولة ثالثة يخالف القوانين الدولية المتعلقة بتأمين الحماية للاجئين.

خطة بريطانيا لترحيل مهاجرين الى روندا غير دستورية ومكلفة

في المملكة المتحدة، يعيش  المهاجرون  في حالة من عدم اليقين مما إذا سيكونون على قائمة المرحلين إلى رواندا، وسيطر الخوف على طالبي اللجوء المقيمين على متن بارجة "بيبي ستوكهولم" جنوب البلاد، حسبما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية.

صرخ شاب يدعى مارتن من جنوب أفريقيا مستنكرا "أفضّل الموت على الذهاب إلى رواندا"، فيما قال شاب سوداني يبلغ من العمر 23 عاماً، "رواندا ليست جيدة وليست آمنة".

الشاب الذي عبر بحر المانش من فرنسا إلى المملكة المتحدة منذ حوالي عام، يعرب عن مخاوف تهدد حياته في حال ترحّل إلى رواندا، فهو يخشى من أن يرحّل من هناك إلى السودان بعدما كان فر من النزاع الدامي في دارفور، وترك عائلته في ظروف سيئة في مخيمات اللاجئين في التشاد.

يقول مارتن إنه لم يحصل حتى الآن على أية وثيقة من وزارة الداخلية، "لا أعرف ما إذا كان سيتم ترحيلي إلى رواندا. (...) لكنني أعلم أن ذلك قد يحدث. أنا خائف".

دعوة إلى توفير طرق آمنة

الحكومة البريطانية  كانت وقعت على هذه الاتفاقية مع كيغالي في نيسان/أبريل من العام 2022، ولم تخف نيتها من أن هذه الخطة تهدف إلى ردع محاولات المهاجرين من عبور بحر المانش.

زعيم حزب المحافظين ريشي سوناك، يأمل بتنفيذ وعوده الرامية بوقف  تدفق المهاجرين، لا سيما مع اقتراب الانتخابات العامة المزمع عقدها في الخريف المقبل على الأرجح، ويحاول كسب أصوات الناخبين بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تراجع حزبه بـ20 نقطة أمام حزب العمال.

لكن الكثير من الشكوك تحيط هذا الهدف المعلن. وتقول جمعية "كير فور كاليه" في تغريدة على منصة "إكس"، إن "الطريقة الوحيدة لوقف عبور القناة وإنقاذ الأرواح هي توفير طرق آمنة للاجئين  لطلب اللجوء في المملكة المتحدة".

وتؤكد جمعية "ريفوجي أكشن" أنه "لا يوجد دليل على أن هذه الخطة سوف تمنع الناس من البحث عن الأمان في المملكة المتحدة. يجب أن نحضرهم إلى هنا بأمان"، بدلا من نقلهم إلى رواندا.

ماذا يفترض بنا أن نفعل الآن؟ إلى أين يمكننا أن نذهب؟

في مخيم لون بلاج شمال فرنسا، يسيطر الخوف على المهاجرين، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الشاب الكردي السوري إبراهيم قوله إنه إذا كان مهددا بالفعل من الترحيل إلى رواندا، قد يعدل عن رأيه، مبررا ذلك بأنه "لا نعرف حتى ما إذا كانت رواندا بلدا آمنا، هناك الكثير من المشاكل".

لكنه يؤكد أنه "لا يمكن البقاء هنا" في المخيم الذي وصل إليه قبل ثلاثة أيام، وهو يشعر بالفعل بنقص الماء والغذاء. "لذا، إذا علمت أن هناك أمل (في عدم إرسالي إلى رواندا)، سأذهب إلى إنجلترا".

" الجميع مصدوم هنا"، حسب تعبير شاب أفغاني يبلغ من العمر 20 عاما وغادر بلاده بعدما سيطرت عليها حركة طالبان في صيف العام 2021.

يقول إنه سمع عن  خطة رواندا، "لكنني لم آخذ الأمر على محمل الجد. اعتقدت أن الإنسانية مهمة بالنسبة لهؤلاء الناس". ويكمل بإحباط "ماذا يفترض بنا أن نفعل الآن؟ إلى أين يمكننا أن نذهب؟"

 سابقة خطيرة في العالم

دعت الأمم المتحدة بريطانيا إلى إعادة النظر في خطّتها التي من شأنها أن تهدّد سيادة القانون وتشكّل "سابقة خطرة في العالم". وتعتقد مفوضية اللاجئين، في بيان، أن القانون يحمل "مخاطر شديدة على سلامة اللاجئين".

وحضّ المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك والمفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، حكومة بريطانيا على "اتخاذ إجراءات عملية لمواجهة التدفقات غير النظامية  للاجئين والمهاجرين، تقوم على التعاون الدولي واحترام القانون الإنساني الدولي".

وطالب مفوض حقوق الإنسان في مجلس أوروبا مايكل أوفلارتي بـ"الامتناع عن الترحيل بموجب خطّة رواندا والعدول عن انتهاك استقلال القضاء الذي يشكّله مشروع القانون هذا".

وصمة عار على السمعة الأخلاقية

أما في الداخل البريطاني، كرّر زعماء الكنائس المسيحية في بيان مشترك "مخاوفهم العميقة" بشأن السابقة التي يرسيها هذا النص، في ما يتعلق بمعاملة "الفئات الأكثر ضعفاً".

وعلى مستوى المعارضة، انتقد زعيم حزب العمال كير ستارمر المرشح الأوفر حظاً ليكون رئيس الوزراء المقبل، "أداة... حتماً تكلّف ثروة".

إذ تفيد آخر التقديرات الوطنية بأنّ ترحيل كل شخص سيكلف الحكومة حوالي مليونين وثلاثمئة ألف يورو.

ويؤكد سوناك أن الحكومة جهزت مطارا وحجزت طائرات تجارية مستأجرة للرحلة الأولى. وأن حكومته "مستعدة" لترحيل طالبي اللجوء  إلى رواندا خلال الصيف.

لكن محققون خاصون في الأمم المتحدة أشاروا إلى أن شركات الطيران التي قد تشارك في عمليات الترحيل، "قد تكون متواطئة في خرق حقوق الإنسان التي يحميها القانون الدولي".

واعتبرت منظمة "العفو الدولية"، في بيان، أنّ هذا المشروع "عار وطني"، مضيفة أنّه "سيترك وصمة عار على السمعة الأخلاقية لهذا البلد".

وعلى الرغم من انخفاض أعداد عمليات العبور في المانش بشكل حاد في عام 2023، مع وصول ما يقرب من 30 ألف مهاجر إلى المملكة المتحدة مقارنة بـ45 ألفا في عام 2022، فإن الأرقام تظهر زيادة واضحة منذ بداية العام الجاري.

وأعلنت وزارة الداخلية البريطانية أن 5,373 مهاجرا وصلوا إلى سواحل جنوب شرق المملكة المتحدة في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، بعدما عبروا المانش على متن قوارب صغيرة.

مهاجر نيوز 2024