1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الصحفيون في ليبيا ضحايا الصراع الداخلي

سهام أشطو١٨ فبراير ٢٠١٥

يزداد وضع الصحفيين العاملين في ليبيا سوءا بسبب الأوضاع السياسية المعقدة في البلاد والصراعات المسلحة. الأرقام التي تنشرها المنظمات الدولية عن حالات قتل الصحفيين وخطفهم وتعذيبهم تدعو حقا للقلق.

https://p.dw.com/p/1EdQX
صورة من: Salah Zater

مع حلول الذكرى الرابعة للثورة الليبية لا تلوح في الأفق أي بوادر لإيجاد حل للأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد منذ إسقاط نظام العقيد معمر القذافي في فبراير 2011. عمليات القتل والخطف والتعذيب وهدم المنازل مستمرة والخطر الإرهابي يتنامى في البلد. وفيما يتحسر الليبيون على ما وصل إليه وطنهم يجد الصحفيون العاملون في ليبيا أنفسهم أمام خيار الهرب من ليبيا أو اعتزال العمل الصحفي. منظمة هيومن رايتس ووتش، وثقت من خلال مقابلات أجريت داخل ليبيا وخارجها أزيد من 91 حالة لصحفيين تعرضوا لتهديدات في الفترة بين منتصف 2012 حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2014، سجل منها ثلاثون حالة اختطاف أو اعتقال تعسفي وثماني حالات قتل.

وضع خطير

وأضافت المنظمة الدولية في تقرير لها نشر الأسبوع الماضي أن جماعات مسلحة مختلفة في ليبيا "هاجمت وخطفت وهددت وقتلت بطريقة عنيفة صحفيين ليبيين خلال العامين الماضيين دون عقاب ، مما دفع بالعديد منهم إلى الفرار من البلاد أو فرض الرقابة الذاتية على أنفسهم". وبالإضافة إلى ما يعانيه الصحفيون من طرف الجماعات المسلحة اتهمت هيومن رايتس ووتش المحاكم الليبية بملاحقة الصحفيين وآخرين بتهمة التشهير بالمسؤولين الحكوميين وغير ذلك من التهم المنتهكة لحرية التعبير، وأضافت المنظمة أن "إخفاق الحكومات المتعاقبة والسلطات المؤقتة في حماية الصحفيين أنهك الكثير من حرية وسائل الإعلام المحدودة، التي كانت موجودة في أعقاب انتفاضة 2011".

صلاح زعتر أحد الصحفيين الليبيين الذين غادروا ليبيا بسبب ظروف العمل الصعبة هناك. الصحفي الشاب الذي كان يعمل لصالح إحدى القنوات التلفزيونية الليبية الخاصة انتقل إلى ألمانيا بمساعدة من مؤسسة هامبورغ للملاحقين سياسيا، بعد تهديدات له بالقتل واعتداءات عليه وعلى فريق عمله أكثر من مرة.

Salah Zater
صلاح زعتر يحمل مختلف التيارات المتصاعرة مسؤولية قمع الصحفيين.صورة من: Salah Zater

مؤسسة هامبورغ للملاحقين سياسيا هي منظمة ألمانية غير ربحية أسست قبل 29 عاما وتعمل من أجل حماية المضطهدين نتيجة التعبير عن مواقفهم. وتقول مارتينا بويرله مديرة المؤسسة ل DWعربية "إن المؤسسة اختارت الصحفي صلاح -ضمن خمسة أشخاص تقوم المؤسسة بتقديم منحة سنوية لهم - بسبب عمله الدؤوب وجرأته على مدى أربع سنوات في تناول قضايا مهمة في ليبيا مثل عمالة الأطفال والاعتداء الجنسي والمخدرات، وتضيف المديرة أن المؤسسة قررت منح صلاح فرصة لينعم بالأمان والهدوء في حياته حتى يستطيع العودة إلى ليبيا وهو أكثر قوة وحماية.

ويحكي صلاح ل DWعربية عن تجربته قائلا "هربت بعد أن أصبح الوضع لا يحتمل. تحملت التهديدات والاعتداءات لأنني أعشق مهنتي لكن عندما بدأت ضغوطات من المحطة التي أشتغل لها أيضا، بهدف خدمة مواقف معينة، قررت ترك ليبيا". وكان صلاح ينجز تقارير استقصائية عن مواضيع مرتبطة بحقوق الإنسان من بينها عمالة الأطفال والاغتصاب والقتل والتعذيب والفساد المالي. ويلاحظ قائلا: "هناك الكثير من القصص في المجتمع الليبي التي تستحق أن يسلط الإعلام عليها الضوء، لقد خاطرت بحياتي كثيرا لأن هناك ميليشيات لا تريد أن أتناول مثل هذه المواضيع".

ويقول صلاح إن وضع الصحفيين في ليبيا سيء للغاية سواء بالنسبة لليبيين منهم أو للأجانب، فمعظمهم انتقل إلى تونس ومصر والأردن وتركيا بعدما أصبحت حياتهم وحياة ذويهم مهددة في أي لحظة.

"الصحفي عدو مشترك"

وعن أسباب استهداف الصحافيين يضيف الصحفي صلاح: "التيارات المتصارعة تتفق في شيء واحد وهو أن الصحافي يشكل عدوا لها عندما لا يخدم مصالحها. فهي لا تؤمن بشيء اسمه حرية التعبير أو بواجب الصحفي المهني. ولا يحظى بالحماية هناك سوى من يؤيد طرفا من الأطراف المتصارعة".

ويضيف صلاح أن الصحفيين كانوا يتمتعون بهامش من الحرية بعد سقوط نظام القذافي لكن سرعان ما بدأت الانتهاكات والمضايقات، ملاحظا أن "الأمر لا يقتصر على الصحفيين فحتى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي يتعرضون للقمع كما تعرض بعضهم للخطف ويجهل مكان إقامتهم". ينتاب صلاح اليوم مزيج من المشاعر المتناقضة "أشعر بأمان لأنني هربت من العنف والملاحقة والتهديدات، لكني في نفس الوقت حزين على مغادرتي لوطني ولعملي هناك. أشعر وكأني جسد بلا روح".

Demo gegen die Entführung von zwei tunesischen Journalisten 09.01.2015 Tunis
مظاهرة في تونس للمطالبة بتحرير الصحفيين التونسيين المختطفين في ليبيا 09/01/2015صورة من: AFP/Getty Images/F. Belaid

مازال الغموض يكتنف مصير الصحافيين التونسيين نذير القطاري وسفيان شورابي منذ اختطافهما في سبتمبر الماضي، إذ لم تتأكد بعد صحة المعلومات التي راجت حول إعدامهما من طرف فرع تنظيم "الدولة الإسلامية" في ليبيا في الوقت الذي تطالب فيه السلطات التونسية نظيرتها الليبية بالتحري عن مصيرهما.

وإذا كان صلاح يُحَمل كل التيارات المتصارعة في ليبيا مسؤولية قمع الصحفيين فإن سالمة شعاب الصحفية الليبية ورئيسة نقابة الصحافيين والإعلاميين الليبين في طرابلس تعتبر أن الكتائب الإسلامية هي الأكثر تطرفا في ممارسة العنف ضد الصحفيين. "مع بقية الأطراف قد نجد هامشا ضيقا للتفاوض لكن مع الكتائب الإسلامية لا مجال لذلك. فجماعة فجر ليبيا تحديدا تمارس العنف بشكل واضح ومبالغ فيه ودون مراعاة لأبسط حقوق الإنسان".

رحلة هروب صعبة

بدورها وجدت سالمة التي تزاول مهنة الصحافة منذ سنة 1995 نفسها مضطرة للهرب من ليبيا قبل ثلاثة أشهر بعد تلقيها تهديدات مباشرة بتصفيتها بسبب كتاباتها في صحيفة ليبية. وتقول ل DWعربية: " زادت التهديدات بعد سيطرة فجر ليبيا على مطار طرابلس، ونصحني مقربون من داخل هذه الجماعة بمغادرة ليبيا فورا، حيث يوجد إسمي في قائمة الأسماء المستهدفة".

هربت سالمة متخفية رفقة أسرة إلى مدينة الزيدان غير الخاضعة للإسلاميين، ثم إلى الزنتان عبر منافذ غير رسمية خوف من القبض عليها، ثم انتقلت إلى طبرق التي قضت فيها عشرة أيام قبل الانتقال إلى العاصمة التونسية.

وحتى مع وجودها الآن في تونس فلا تشعر سالمة بالأمان لأن الصحفيين الليبين في تونس يتعرضون أيضا لضغوطات إن تحدثوا للإعلام، من خلال تهديدات بالتعرض لذويهم في ليبيا وأضافت: "الوضع سيء جدا حتى بالمقارنة مع عهد القذافي. ففي تلك الحقبة كان معروفا على الأقل ما هي الجهات التي تقوم بخطف الصحفيين، والكل يعرف مكان تواجدهم إذا تم اختطافهم، أما اليوم فالخطر يتهدد الصحفي في أية لحظة". وبحسب سالمة فإن أكثر من 200 صحفي غادروا ليبيا خوفا على حياتهم، أما الدعم الذي توفره المنظمات الحكومية والدولية لهم فتعتبره سالمة غير كاف، كما يستخلص صلاح أن منظمات دولية قدمت كثيرا من الدعم والمساعدة للصحفيين في ليبيا لكنها لا تستطيع نهاية الأمر تغيير واقعهم المعقد هناك.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد